دعت الجزائر إلى ضرورة إقامة تعاون إقليمي ”تضامني وفعال”لمكافحة الإرهاب الذي يشكل خطرا على استقرار القارة الإفريقية ومستقبلها، في الوقت الذي تواجه القارة ”أشكالا جديدة من اللااستقرار والتهديد اللذين يشكلان خطرا على استقرارها ومستقبلها”، في حين أكدت أن أجندة 2063 المصادق عليها خلال القمة ال24 للاتحاد الإفريقي، تشكل ”وثيقة مرجعية استراتيجية” لتنمية منسجمة خلال السنوات الخمسين المقبلة. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الوزير الأول السيد عبد المالك سلال لدى افتتاح الدورة العادية ال25 لقمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الإفريقي بجوهانسبورغ، بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، حيث أبرز في هذا الصدد التحديات التي تواجه القارة السمراء، لاسيما المتاجرة بالمخدرات التي تشكل، كما قال، تهديدا خطيرا على استقرار وأمن بلداننا، وتعرقل، بشكل كبير، جهودنا في التنمية. وإذ أكد سلال أن إفريقيا ”تدرك” الخطر الذي يمثله الإرهاب وتعي ضرورة إقامة تعاون إقليمي ”تضامني وفعال” لمكافحة هذه الآفة، فقد أشار إلى أن نجاح العمل المشترك ”يتوقف على قدرتنا على تعزيز الترسانة القانونية وتحسين إمكانياتنا فيما يخص مكافحة الإرهاب”. ودق السيد سلال في هذا الصدد، ناقوس الخطر بسبب تواطؤ ”المجموعات الإرهابية في إفريقيا، من بينها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وبوكو حرام، وتنظيم الشباب وداعش وعلاقتها بالجريمة المنظمة؛ مما يستدعي ردا شاملا وتضامنيا وتشاوريا. وفي هذا السياق، أكد الوزير الأول أن تجفيف مصادر تمويل الإرهاب المتمثلة في دفع الفديات وتهريب الأسلحة والمخدرات، ”ينبغي أن يكون أيضا ضمن الأولويات المشتركة للقارة”، مضيفا في هذا الصدد أنه تم تعيين الجزائر من طرف مجلس السلم والأمن الإفريقي لاحتضان في الخريف المقبل ”اجتماع رفيع المستوى لدول الاتحاد الإفريقي حول تمويل الإرهاب، لتحديد إجراءات ملموسة من أجل مواجهة هذا التظاهرة”. ومن باب إبراز الأهمية التي يمثلها هذا الاجتماع، أوضح السيد سلال أن الأمر يتعلق بموعد قاري كبير ”يجدد التأكيد على الالتزام الجماعي بالقضاء على الخطر الذي يلحق بنا”، مشيرا إلى أن الجزائر التي واجهت الإرهاب مبكرا، ”خرجت منتصرة على هذه الآفة بفضل تجنّد شعبها وقوات أمنها”. وأوضح الوزير الأول أن ”الجزائر واجهت إرهابا أعمى بمفردها طيلة عشرية من الزمن، مما يبرر سعيها بكل حزم من أجل التزام تضامني لكل الدول الإفريقية في إطار مكافحة هذه الآفة”. وحسب الوزير الأول، فإن استكمال نجاح هذا المسعى تطلّب وضع سياسة مصالحة وطنية، اندرجت في إطار استمرارية عملية مكافحة الإرهاب والتطرف. وفي إطار تسوية الأزمات والنزاعات التي لاتزال تجتاح القارة الإفريقية، دعا السيد سلال إلى ”ضرورة مواصلة الجهود من خلال الخطة الإفريقية للسلم والأمن لتفعيل القوة الإفريقية الاحتياطية”. كما أشار في هذا الصدد إلى أن ”مسار تفعيل ”أفريبول” يتقدم بشكل جيد، والدليل على ذلك انعقاد هذه السنة الاجتماعين الثالث والرابع للجنة المكلفة بوضع هذا القطب القاري الهام للتعاون الأمني، الذي سيكون مقره بالجزائر”. كما أشاد بمجلس السلم والأمن لتفعيله اللجنة الخاصة لرؤساء الدول والحكومات حول نزاع الصحراء الغربية، مضيفا في هذا الصدد: ”إننا نشجع أيضا رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي السيدة دلاميني زوما، التي ألحت في رسالتها للأمين العام الأممي في مارس 2015، على ضرورة توسيع عهدة المينورسو لتشمل مسألة حقوق الإنسان”. وأعرب السيد سلال من جهة أخرى، عن ارتياحه للجهود التي يبذلها المبعوث الشخصي لرئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي من أجل الصحراء الغربية جواكيم شيسانو؛ بغرض تحسيس الرأي العام الدولي حول ”ضرورة تسوية هذه المسألة”. من جهة أخرى، أشار السيد سلال إلى أن ”أحد المكاسب الرئيسة لأجندة 2063 تتمثل في أنها توفر لنا وثيقة مرجعية استراتيجية وتشاورية، تقيم صلة بين السلم والأمن والتنمية، وتهدف إلى تحضير القارة لمواجهة ثلاثة تحديات رئيسة”. واعتبر الوزير الأول أن ترقية المساواة بين الرجل والمرأة ”تضع لبنة تنمية منسجمة تقوم على الفرد، وتضع المرأة في محور مجهود التنمية في إفريقيا”، داعيا في هذا الصدد إلى إزالة العراقيل التي تحول دون مشاركة المرأة في كافة مجالات النشاط الإنساني. واغتنم الفرصة في هذا السياق، للتذكير بالجهود التي تبذلها الجزائر لترقية دور المرأة في المجتمع. كما أشار إلى أن تلك الإصلاحات قد سمحت ”بمراجعة قانونية واسعة”، شملت قانون الأسرة والجنسية وقانون العقوبات، يضاف إليها مشروع القانون حول تجريم العنف تجاه المرأة، إلى جانب تعديل القانون الانتخابي باتجاه تعزيز المشاركة السياسية للنساء في المجالس المنتخبة، مما سمح برفع نسبة النساء البرلمانيات من 8 بالمائة في 2007 إلى 32 بالمائة في العهدة التشريعية الحالية. من جانبه، أكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل أمس بجوهنسبورغ في سياق تقييمه مشاركة الجزائر خلال الدورة العادية ال 25 لقمة الاتحاد الإفريقي، أنها كانت فرصة للوفد الجزائري ليعبّر مرة أخرى عن موقف الجزائر حول حل النزاعات في المنطقة، سواء كان ذلك في مالي أو الوضع في ليبيا. وأفاد مساهل بأن الجزائر شاركت في خمس لجان منبثقة عن القمة، مضيفا أن هذه اللجان تجتمع على مستوى رؤساء الدول والحكومات؛ حيث يمثل الجزائر في هذه اللجان الوزير الأول عبد المالك سلال، وتتعلق بكل من النيباد، ولجنة التقييم من قبل النظراء، واجتماع مجلس الأمن والسلم، ولجنة ال 10 لإصلاح المنظومة الأممية وكذا اجتماع لجنة ال 10 لأجندة الأممالمتحدة ما بعد 2015 فيما يخص أهداف الألفية”. من جهة أخرى، أجرى الوزير الأول عبد المالك سلال، أول أمس، محادثات بجوهنسبورغ مع نظيره المصري إبراهيم محلب على هامش الندوة، تناولت وضع العلاقات الجزائرية المصرية وآفاق التعاون بين البلدين. وبالإضافة إلى المسائل الثنائية، تطرق المسؤولان للمسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وجرت المحادثات بحضور وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة.