أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس، بأديس أبابا، أن التعاون في ميدان السلم والأمن يعد «عاملا أساسيا» لمواجهة عاجلة للمخاطر التي تهدد القارة الإفريقية. وفي كلمة له حول قضايا السلم والأمن في إفريقيا في الدورة 24 العادية لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، أوضح سلال أن الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود «يشكلان خطرا حقيقيا على السلم في القارة، وكذا على مستقبل البلدان الإفريقية كدول ومجتمعات وأمم». «وباعتباره ظاهرة ذات فروع متشعبة وماكرة، يضيف الوزير الأول فإن، الإرهاب ينتشر أساسا في الوسط الاجتماعي وماانفك يكيّف عمله التخريبي دوما على حساب التماسك الاجتماعي». وشدد سلال على أنه من أجل الحفاظ على الاستقرار والسلم، باعتبارهما ضروريين لتنمية إفريقيا، فإن هذه الظاهرة «تستوجب على القارة تصدّيا جماعيا قويا ومنسقا». في هذا الإطار، أبرز الوزير الأول أهمية مواصلة الجهود في إطار المخطط الإفريقي للسلم والأمن من أجل تفعيل القوة الإفريقية الاحتياطية وضرورة دعم الآلية الانتقالية المتمثلة في القوة الإفريقية للتدخل السريع لتسوية الأزمات «التي تتكون تدريجيا لأداء الدور المنوط بها». في هذا السياق، أكد أن الجزائر تنوه أيضا بانعقاد أول قمة للدول الأطراف في مسار نواقشوط، التي عقدت شهر ديسمبر الفارط خصيصا للتعاون الأمني في منطقة الساحل الصحراوي. كما أعرب سلال، عن مساندة الجزائر للمقاربة الرامية إلى ضمان التماسك الضروري بين البلدان الإفريقية الثلاثة الأعضاء في مجلس الأمن لمنظمة الأممالمتحدة من أجل ترقية التكفل «المنسجم» بأولويات الاتحاد الإفريقي على مستوى هذه الهيئة الهامة. وذكر الوزير الأول، أن الجزائر، في إطار التزامها، اقترحت خلال قمة نيروبي احتضان الاجتماع رفيع المستوى حول تمويل الإرهاب «من أجل وضع التدابير العملية للتصدي لهذه الظاهرة بشكل فعال». فالجزائر كما أوضح تشارك مع دول الساحل في أطر عديدة للتعاون، منها بلدان الميدان ولجنة الأركان العملياتية المشتركة ووحدة الاندماج والاتصال وفوج العمل حول الساحل الذي تترأسه الجزائر وكندا مناصفة في إطار المنتدى الشامل لمكافحة الإرهاب. وذكر الوزير الأول، أن الجزائر «التي تحدوها روح التضامن العريق بين بلدان الجوار»، تشرف حاليا على وساطة دولية بغرض التوصل إلى اتفاق سياسي «كفيل بضمان الحفاظ على السلامة الترابية لمالي الشقيق ووحدته الوطنية وسيادته». وتابع قائلا: «بل إن الجزائر، انطلاقا من نفس المبادئ، تبذل جهودا للبحث عن سبل ترقية حوار شامل بين الأطراف الليبية في إطار حل سياسي توافقي». وبعد أن لفت إلى أن الوضع السائد في العديد من البلدان الإفريقية «يستوقفنا بقوة»، أشار سلال إلى أن الجزائر تحث جمهورية إفريقيا الوسطى على مواصلة المسار الانتقالي القائم على الحوار الوطني الشامل، كما تدعم كل مبادرة لمرافقة المرحلة الانتقالية في بوركينافاسو. أما على الصعيد الجهوي، أكد الوزير الأول أن الجزائر تدعم ب»قوة» عمل الرئيس جواكيم شيسانو، المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي إلى الصحراء الغربية، الذي تتمثل مهمّته في ترقية تسوية عادلة للقضية الصحراوية، بما يضمن للشعب الصحراوي الحق في تقرير مصيره طبقا للوائح مجلس الأمن للأمم المتحدة ذات الصلة. من جهة أخرى، أعرب سلال عن مساندة الجزائر لجهود التهدئة بين جمهورية السودان وجنوب السودان، مشيدا أيضا بالنجاح التي حققته تونس في تنظيم الانتخابات الرئاسية «التي تعد خطوة كبيرة على درب الاستقرار في هذا البلد الشقيق». في الأخير، أكد الوزير الأول أن الجزائر «تعتبر بأن التشاور والحوار والمشاركة والمصالحة واحترام كرامة الإنسان والتضامن يجب أن تشكل أساس الحوكمة في إفريقيا من أجل التمكن من رفع تحديات التنمية المستدامة والاستقرار في القارة بشكل فعال». ...ويؤكد إرادة إفريقيا في تحقيق الاندماج القاري أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس، بأديس أبابا، على إرادة إفريقيا في التحقيق «الكلي» للاندماج القاري في إطار أجندة 2063. وأوضح سلال في مداخلة له حول «دور القطاع الخاص في تجسيد أجندة 2063» خلال الدورة العادية ال24 لندوة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، الجارية أشغالها بالعاصمة الإثيوبية، أن «إفريقيا ومن خلال أجندة 2063 قد عبّرت بوضوح عن إرادتها في التجسيد الكلي للاندماج الإفريقي وذلك من أجل تحسين ظروف معيشة شعوبها وفي ذات الوقت المساهمة في تسيير الشؤون العالمية وفي تقدم البشرية». وأشار الوزير الأول، الذي يمثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، في هذه القمة، إلى أن تجسيد هذه «الأجندة الطموحة يتطلب بطبيعة الحال إمكانات كبيرة». كما أكد سلال أن البلدان الإفريقية «مطالبة» بمضاعفة تجنيد مواردها وإشراك القطاع الخاص في مشاريع وبرامج أجندة 2063. وتابع قوله، إن «إفريقيا قد أظهرت عزمها على تجاوز الصعوبات التي تعيق مشاركة متنامية للقطاع الخاص تكون في مستوى الاحتياجات الكبيرة في تمويل مسار تطورها واندماجها». وأكد في هذا الصدد، أنه بالمقابل يتوجب «تعزيز» الجهود التي تبذلها مفوضية الاتحاد الإفريقي ووكالتها لمبادرة الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) للمساهمة من خلال تعزيز إمكانات البلدان الإفريقية والمجموعات الاقتصادية الإقليمية في تعبئة «أمثل» للادخار الخاص وتفعيل الاستثمارات والتمويل من طرف القطاع الخاص. وبخصوص تعبئة الموارد العمومية، أكد سلال أنه «يوجد بالفعل هامش تحرك من خلال مكافحة تهريب رؤوس الأموال والفساد والتهرب الجبائي، وكذا ترشيد النفقات العمومية»، معتبرا أن «التوقعات الأكثر تفاؤلا، تشير إلى أنه بالرغم من هذه الجهود فإن الدول لن تتوفر على القدرات المالية الكفيلة بتنفيذ أجندة 2063». وبالتالي يتعين عليها كما قال «تطبيق سياسات طموحة لتسهيل إشراك القطاع الخاص من خلال الاستثمار المباشر وأنماط متنوعة للشراكة بين القطاعين العمومي والخاص». واعتبر الوزير الأول، أن تجربة السنوات الأخيرة أظهرت جليا، بأن هذا الإشراك «يستدعي تحسين المناخ الاقتصادي والقانوني والإداري». كما تستدعي كما أضاف فيما يتعلق بالمشاريع الإقليمية، «مواءمة الأطر التشريعية والتنظيمية الوطنية».