سجلت الجزائر وإسبانيا بارتياح التقدم المحرز في مجال تعميق التعاون الثنائي، وأكدتا بصفة رسمية تمسكهما التام بمواصلة الحوار السياسي رفيع المستوى وتعزيزه، مع ترقية الشراكة الاقتصادية والعلاقات الثقافية والبشرية، مؤكدتين الطابع الاستراتيجي الذي يلتزم البلدان بتجسيده عبر المبادرات المشتركة. وأشار البلدان في البيان المشترك الذي توج زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال على رأس وفد وزاري هام إلى مدريد، بمناسبة انعقاد الاجتماع السادس رفيع المستوى بين الطرفين، إلى أن كلا من الجزائر وإسبانيا أبرزتا بارتياح التقدم المسجل في مجال تعميق التعاون الثنائي منذ الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد بالجزائر في جانفي 2013، مثمنتين نتائج المحادثات التي جمعت الوزير الأول برئيس الحكومة الإسباني، ماريانو راخوي والتي تمت في جو طبعته الثقة والصداقة والوفاق والتفاهم المتبادل الذي يعكس نضج العلاقات الجزائرية الإسبانية". وإذ أكد البلدان تمسكهما التام بمواصلة الحوار السياسي رفيع المستوى وتعزيزه أكثر، التزمتا بدعم ديناميكية التعاون أكثر على الصعيد الثنائي وتعزيز تنسيقهما ضمن المجموعات الدولية والإقليمية، فيما أعرب عن ارتياحهما لنتائج أشغال الاجتماع السادس رفيع المستوى الذي توج بالتوقيع على 10 وثائق ستعمل على توسيع إطار التعاون الثنائي في عدة مجالات منها 9 إتفاقات تضم مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية في 9 قطاعات (الفلاحة، المنشآت القاعدية، النقل، التربية، الأرشيف، الشباب، الرياضة، الصيد البحري، الصحة والبحث العلمي والتطور التكنولوجي)، فضلا عن وثيقة تكملة لبرنامج يخص التعاون في القطاع الفلاحي. التزام بترقية شراكة اقتصادية متنوعة اعتبرت إسبانيا العلاقة الاقتصادية التي تربطها بالجزائر أولوية استراتيجية من حيث أهميتها الجيو سياسية والدور الأساسي الذي تلعبه الجزائر في استراتيجيتها الطاقوية، وأعلنت رغبتها في الاحتفاظ بالمراتب الأولى ضمن شركاء الجزائر، أكدت تطلعها إلى ترقية هذه العلاقة أكثر من خلال تطوير أسس تعاون أخرى في المجال الصناعي، في وقت سجلت فيها البلدان بارتياح ارتفاع الحجم الشامل للمبادلات التجارية واتفقا على العمل تدريجيا على ضمان توازنها. وفي حين أعرب الطرفان عن ارتياحهما لتنظيم منتدى أعمال بمناسبة الاجتماع رفيع المستوى، دعيا المتعاملين الاقتصاديين لكلا البلدين إلى مضاعفة الاتصالات المباشرة لتحديد مجالات الشراكة والاستثمار، كما اتفقا على تقاسم تجاربهما في جلب رأس المال الأجنبي وتطوير السياسات القطاعية لإعطاء دفع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، معلنين في هذا الإطار عن تنظيم بعثات وزيارات ذات طابع قطاعي خلال سنتي 2015 و2016. وبغية إعطاء دفع أكبر للعلاقة الاقتصادية، أعلنت الحكومتان الجزائرية والإسبانية عن إرادتهما لجعل هذه العلاقة بمثابة نموذج مثالي، من خلال العمل سويا على تذليل الصعوبات في سياق تطوير العلاقات التجارية الثنائية والاستثمار. كما عبر الطرفان عن ارتياحهما لنوعية العلاقات التي تربطهما في مجال الطاقة وجددا إرادتهما في تعزيز التعاون أكثر في هذا المجال كقطاع استراتيجي للتعاون الثنائي، معلنين تشجيعهما لمؤسسات البلدين على البحث عن كافة إمكانيات التعاون والشراكة في مجالات الطاقة المتجددة والنجاعة الطاقوية، لاسيما في إطار البرنامج الجزائري لتطوير هذه الطاقات. تشجيع التعاون في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وفيما يرى الطرفان بأن التعاون الممتاز في مجال الأمن يعكس مدى ومستوى الثقة المتبادلة بين إسبانيا والجزائر، جددا إلتزامهما بتشجيع تعميق التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والمتاجرة بالأفراد والشبكات ذات الصلة بالهجرة غير القانونية وكذا مكافحة تهريب وإنتاج والتجارة غير القانونية بالمخدرات والمواد المهلوسة. وجدد الطرفان إدانتهما التامة للإرهاب بكل أشكاله، مع تأكيد إرادتهما في مواصلة التعاون في مجال مكافحة التطرف على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف. والتزم الطرفان في إطار الحوار الثقافي والديني المشترك بتعزيز تشاورهما، لاسيما في إطار تحضير المنتدى المقبل لتحالف الحضارات المقرر بأذربيجان في 2016 وأكدا على أهمية هذه المبادرة الهادفة إلى ترقية التسامح والاحترام بين الثقافات والديانات. كما دعيا إلى تعزيز المكافحة الدولية للشبكات الإرهابية والجريمة المنظمة وتوسيع آليات التعاون لتجفيف مصادر تمويلها بما في ذلك دفع الفديات والمتاجرة بالأسلحة، وأبرزا في هذا الشأن أهمية تبادل المعلومات والمساعدة القضائية لاستئصال هذه الجرائم، داعين إلى تطبيق كافة اللوائح ذات الصلة لمجلس الأمن في مجال مكافحة الإرهاب. وأكد البلدان في نفس الإطار أهمية التعاون التقني الثنائي في التكوين المختص لفائدة الشرطة وتبادل الخبرات وتحويل التكنولوجيا والدعم المتبادل في المجال التقني، والتزما بمواصلة ترقية وتطوير تبادل الزيارات والاستقبال المتبادل لموظفين وخبراء بين المؤسسات المعنية، لا سيما في مجال مراقبة الحدود البحرية والجوية والبرية. في حين أعرب الطرف الجزائري عن أمله في الإقتداء بالتجربة الإسبانية في مجال الديمقراطية التشاركية ومباشرة برامج مشتركة للتكوين وتحسين الأداء لصالح عمال الإدارة التابعين لوزارة الداخلية والجماعات المحلية. العمل على تعزيز أطر التعاون الأورومتوسطي ولدى بحثهما للتعاون على المستوى الإقليمي والجهوي، أكد الطرفان على ضرورة مواصلة العمل من أجل تعزيز أطر التعاون بالمتوسط من خلال تصور تفاعلي، وجددا التزمهما بالاتحاد من أجل المتوسط، "كإطار من أجل الشراكة المتينة والتي تعود بالمنفعة على ضفتي المتوسط". كما أبرز البلدان ضرورة بعث الحوار الأوروبي المغاربي وتعزيز المسار الأوروبي الإفريقي والأوروبي العربي، وأكدا التزامهما بدعم الحوار بغرب المتوسط (5+5) مع توسيع مجالاته. وبخصوص سياسة الجوار الأوروبي، أعربت إسبانيا عن ارتياحها للإرادة التي أبدتها الحكومة الجزائرية من خلال مباشرة المحادثات من أجل التوصل إلى مخطط عمل يهدف إلى ضمان قيمة مضافة لاتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، وأعربت عن أملها في أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق حول وثيقة تستجيب لطموحات كل طرف. والتزم الطرفان بالعمل على أن تفضي مراجعة سياسة الجوار الأوروبية على أساس احترام المصالح المشتركة، إلى إعداد سياسة بإمكانها مواجهة التحديات التي تعرفها المنطقة وتتكيف مع التنوع وتستجيب للتطلعات المشروعة لجميع الأطراف الفاعلة فيها. دعم الجهود الأممية من أجل حل عادل في الصحراء الغربية وبخصوص مسألة الصحراء الغربية، أعرب الطرفان الجزائري والإسباني عن ارتياحهما للمصادقة شهر أفريل الفارط على اللائحة 2218 لمجلس الأمن الأممي، وجددا دعمهما لجهود الأمين العام الأممي من أجل حل سياسي عادل ونهائي يحظى بقبول الجميع ويكرس حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، في إطار ميثاق وقرارات الأممالمتحدة. كما جددا بهذا الصدد دعمهما التام لجهود المبعوث الخاص للأمين العام الأممي للصحراء الغربية كريستوفر روس، معربين عن استعدادهما لدعم العمل الذي يقوم به الأمين العام الأممي ومبعوثه الشخصي وبعثة الأممالمتحدة من أجل تنظيم استفتاء بالصحراء الغربية (المينورسو). وكان رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي أكد في الندوة الصحفية التي نشطها مع الوزير الأول عبد المالك سلال بمدريد، أن بلده سيواصل دعمه للمبعوث الخاص للأمم المتحدة وأن موقف إسبانيا "لن يتغير في المستقبل". ارتياح لتطور الحوار الليبي وإشادة بوساطة الجزائر في الحوار المالي وأعرب البلدان في بيانهما المشترك عن ارتياحهما للتقدم المحرز في مسار الحوار الوطني الليبي الذي يشرف عليه الممثل الشخصي للأمين العام الأممي برناردينو ليون، داعين جميع الفاعلين والأطراف، باستثناء الجماعات الإرهابية المعروفة بهذه الصفة إلى وضع المصلحة العليا للشعب الليبي فوق كل اعتبار. وأكدت كل من الجزائر و مدريد على ضرورة إيجاد حل سياسي من خلال حوار شامل يضمن وحدة ليبيا وسيادتها وتماسك الشعب الليبي، فيما أشادت إسبانيا بجهود الجزائر والدور الهام الذي لعبته في الوساطة بين الأطراف المالية والتي توجت بتوقيع اتفاق السلام والمصالحة في 20 جوان الماضي، داعية كافة الأطراف الموقعة إلى احترام وتطبيق هذا الاتفاق الذي يسمح باستعادة الاستقرار في مالي ومكافحة الإرهاب وتفرعاته بشكل ناجع في كافة منطقة الساحل-الصحراوي. كما جددت الجزائر وإسبانيا دعوتهما إلى ضرورة الإسراع في إيجاد حلول ناجعة وعادلة لكافة القضايا المطروحة على الساحة الدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وكذا الأوضاع السائدة في سوريا والعراق واليمن..