أكد وزير الشؤون الإفريقية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، السيد عبد القادر مساهل، أول أمس، أن ندوة الجزائر حول "مكافحة التطرف العنيف واستئصاله"، تشكل فرصة لتوجيه نداءات من أجل ترقية التعاون الدولي، داعيا إلى ضرورة تكييف التشريعات الدولية مع المتطلبات الجديدة لمكافحة الإرهاب بمختلف أبعاده بما فيها مكافحة التطرف. وأبرز الوزير في اختتام الندوة بقصر الأمم بنادي الصنوبر، مدى أهمية موضوع التطرف العنيف واستئصاله في إطار المكافحة الشاملة للإرهاب، مضيفا أنه تم الخروج بتوافق حول تفضيل "المقاربات المندمجة"، في حين أشار إلى تزايد عدد البلدان التي تعتمد سياسات لاستئصال التطرف تحت مختلف التسميات والمصطلحات ولكن بنفس الهدف والمتمثل في "إبعاد الفئات الهشة عن محاولات التطرف واسترجاعها بصفة دائمة بعد تطبيق مسارات القضاء على التطرف". وسمحت الندوة بتمكين عدد متزايد من البلدان من "التعبير عن الحاجة الماسة إلى تبني سياسات وتشريعات لإعادة إدماج الإرهابيين في مجتمعاتهم والتحذير من خطر المقاتلين الإرهابيين الأجانب وضرورة معرفة هذه الظاهرة وتنظيم التعاون الدولي من أجل التكفل به على أحسن وجه". ويرى الوزير أنه ينبغي "تطوير تعاون دولي ومقاربات كمساهمات في مكافحة الإرهاب العنيف والإرهاب"، إلى جانب اتخاذ تدابير اقتصادية واجتماعية لصالح الفئات المحرومة رغم أن الفقر لم يكن يوما ذريعة للإرهاب. وفي هذا الإطار، ذكر الوزير بمراجعة العديد من الدول للأدوات السياسية والمؤسساتية لتسيير وحماية وترقية المرجعيات الدينية الحقيقية واستعمالها خاصة في تنظيم الفتاوى وتسيير المساجد والزكاة وكذا تحسين تكوين الأئمة والمرشدات. وفي هذا السياق، شدد السيد مساهل على ضرورة إعداد استراتيجيات ومقاربات وطنية ودولية واستباقية ومندمجة، بمشاركة الفاعلين الدوليين وعبر التعاون الدولي، منددا بإرادة الإيديولوجيات الإرهابية التي لا تتوانى في التعدي على جميع القيم التي تجمع الدول. كما أبرز أهمية العمل أكثر على تجفيف منابع تمويل الإرهاب، مشيدا في هذا الإطار ب«تجريم عدد متزايد من الدول لدعم النشاطات الإرهابية وهو ما يشكل تقدما طال انتظاره من أجل ضمان تحسين حقيقي للتعاون الدولي في مجال مكافحة هذه الظاهرة العابرة للحدود. من جهة أخرى، ألح الوزير على إبراز الدور الهام الذي يلعبه القضاء في استئصال التطرف عبر "تعزيز علاقة الثقة بين المواطن والدولة والبحث عن أنظمة عقابية فعالة من أجل تسيير فعال لمختلف أشكال الإرهاب. وإذ أشاد ب"الوعي الجماعي" بأهمية مكافحة "التساهل مع الفكر المتطرف الذي تنشره الدعاية الإرهابية"، فقد أوضح الوزير أن التعاون في مجال مكافحة التطرف يتطلب هيكلة التنسيق الدولي في ظل تنامي استغلال الوسائل الإرهابية التي تنشر عبر الإنترنت، خاصة بسبب تنوع اللغات الموجودة وكذا تثمين أهمية التكفل بضحايا الإرهاب ضمن مسار استئصال التطرف. وفي هذا الصدد، أشار السيد مساهل إلى "دور المنظمات الوطنية في مكافحة التطرف واستئصاله وكذا أهمية وضع استراتيجية وبرامج تضمن إشراك أكبر للشركاء إلى جانب السلطات العمومية". وأكد الوزير على أهمية "تطوير خطاب مضاد للدعاية الإرهابية وتشكيل مكونات المجتمع لتبليغه"، مضيفا أن "الحكامة الرديئة تزيد من حدة المشاكل وتكون سببا في التطرف العنيف والإرهاب". كما أشار السيد مساهل في تصريح للصحافة على هامش الأشغال إلى أن ندوة الجزائر وجهت رسالة واضحة للعالم على وجود "إرادة قوية" من أجل مكافحة هذه الظاهرة، موضحا أن الندوة عرفت على مدار يومين تبادل الخبرات والتجارب في مكافحة الإرهاب والتطرف، كما تطرقت إلى مواضيع هامة كالإسلاموفوبيا وكره الأجانب الذي يعني أيضا التطرف، داعيا في هذا الإطار إلى "محاربة هذه الظاهرة بسن قوانين وتشريعات". وإذ أشار السيد مساهل إلى أن ندوة الجزائر التي توجت ب30 توصية ينتظر رفعها إلى قمة نيويورك حول نفس الموضوع في سبتمبر القادم بهدف "تعميمها على كل الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد أكد أن الندوة "كانت أيضا مناسبة لاستعراض تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب والتطرف أمام المشاركين في هذه الندوة الدولية". وفي هذا السياق، أكدت ممثلة المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب بالأممالمتحدة، سامية لمداغ أن نتائج ندوة الجزائر ستشكل مادة عمل لقمة نيويورك حول مكافحة الإرهاب المقررة في سبتمبر المقبل، في إطار أشغال الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة. وأضافت السيدة لمداغ أن "الأمر لا يتعلق بمقاربة "الكل أمني" ولكن هناك كذلك تبادل للأفكار والمعلومات والممارسات الجيدة" في مجال مكافحة الإرهاب. وفي هذا السياق، أكدت أن البلدان المشاركة تناولت "مسألة التطرف ومكافحة التطرف ودرست وجهات النظر والطرق المتبعة في هذا المجال"، مشيرة إلى الإجراءات المتخذة والعراقيل التي يتم مواجهتها في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. وأشارت السيدة لمداغ إلى أن هذا اللقاء الذي بادرت به الجزائر بدعم من الأممالمتحدة، سيكون فرصة لتقديم أهم الأعمال التي تقوم بها الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف. رئيسة الوفد الأمريكي بايج ألكسندر: الجزائر شريك رائد بشمال إفريقيا في مكافحة الإرهاب أكدت رئيسة الوفد الأمريكي المشارك في الندوة الدولية حول "التطرف العنيف واستئصاله" بايج ألكسندر، أن الجزائر تُعد شريكا رائدا في شمال إفريقيا في مجال مكافحة الإرهاب، مضيفة أن لديها تجربة كبيرة وتاريخا في مكافحة الظاهرة العابرة للحدود. وقالت المسؤولة الأمريكية في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية على هامش أشغال الندوة، "لقد تحدثنا كثيرا مع الجزائر وشركاء آخرين حول الوضع الأمني، واستخلصنا أن من المهم العمل سويا من خلال استعمال أحسن الممارسات مع الجزائر، التي نعتبرها شريكا هاما جدا ورائدا (في شمال إفريقيا)". وبعد أن حيّت الجزائر لتنظيمها هذه الندوة، أكدت السيدة ألكسندر أن هذا اللقاء الدولي يشكل "فرصة سانحة للبلد المضيف والمشاركين لتقاسم تجاربهم في مجال مكافحة الإرهاب"، لتستطرد في هذا الصدد: "نأمل أن نتعلم من بعضنا؛ من خلال إعداد وثيقة لأنجع الممارسات؛ سواء عن الجانب الجزائري أو عن جانب الشركاء الآخرين المشاركين في الندوة". وعن سؤال حول السياسة الأمريكية لمحاربة الإرهاب، أكدت السيدة ألكسندر أن الولاياتالمتحدة تتوفر على نظام ذكاء أمني عسكري لمواجهة التطرف العنيف، مشيرة إلى أنه "مع ذلك يبقى غير كاف". وأردفت تقول: "نحن بحاجة للعمل حول تصورات حكومية ومجتمعية إضافية قصد التوصل إلى فهم أسباب التطرف العنيف"، مضيفة أن الوقاية والإجراءات الوقائية ترددت كثيرا في العروض التي قدمها المتدخلون خلال هذه الندوة. ولاحظت أن المتخصصين ركزوا على ضرورة فهم طريقة الاتصال والرسائل المستعملة من طرف الجماعات الإرهابية عبر الشبكات الاجتماعية، للترويج لأعمالهم وإيديولوجيتهم. وبخصوص التعاون الجزائري الأمريكي في مجال الأمن في منطقة الساحل، أكدت رئيسة الوفد الأمريكي أن البلدين ملتزمان بالتعاون، ويعملان بشكل وثيق في مجال مكافحة الإرهاب. رئيس تحرير المجلة الإلكترونية الخاصة بأخبار الشرق الأوسط: الجزائر انتصرت على الإرهاب بدون أي دعم خارجي قال ريشار لا بيفيار رئيس تحرير المجلة الإلكترونية الخاصة بأخبار الشرق الأوسط، إن الجزائر عانت الويلات في العشرية السوداء بمكافحتها الإرهاب، مذكرا بأنه بفضل الجيش الوطني الشعبي وقادة البلاد تمكنت الجزائر بدون أي دعم خارجي، من الانتصار على الإرهاب. وأضاف، أول أمس، على هامش أشغال الندوة الدولية حول مكافحة التطرف العنيف واستئصاله، أن الجزائر تواجه اليوم التهديد الإرهابي في منطقة تعرف حالة لا استقرار، خاصة في ليبيا، التي تعرف فوضى كانت وراءها الحكومتان الفرنسية والبريطانية. وأوضح أن "التهديد الإرهابي الذي يخدم اليوم فوضى الدول المفلسة لإفريقيا جنوب الصحراء، يتعزز أكثر فأكثر، لاسيما مع أشكال التمويل الجديدة، مثل المتاجرة بالمخدرات وعاج الفيلة وشبكات الهجرة غير القانونية". وقال الإعلامي إن هناك تحولا في تمويل التنظيمات الإرهابية، على غرار التنظيم المعروف باسم الدولة الإسلامية-داعش" وجبهة النصرة (الفرع السوري لتنظيم القاعدة)، مضيفا أن "هذه التنظيمات موّلها بشكل واضح، أشخاص سواء كانوا خواص أو مسؤولين في مملكات الخليج، على غرار السعودية وقطر والكويت". المدير العام للمعهد الوطني للدراسات والاستراتيجية الشاملة: الجزائر لعبت دورا هاما في التحسيس بظاهرة الإرهاب عالميا قال المدير العام للمعهد الوطني للدراسات والإستراتيجية الشاملة، إلياس بوكراع، إن الجزائر التي كانت تحارب الإرهاب لوحدها بالأمس، لعبت دورا هاما في التحسيس بخطر هذه الظاهرة العابرة للحدود عالميا، مضيفا أن تنظيم الجزائر لهذه الندوة دليل على أن الجزائر لعبت دورا هاما في الوعي العالمي بمخاطر الإرهاب، حيث كانت "بمثابة المنبه". وأوضح السيد بوكراع في تصريح على هامش الندوة الدولية حول التطرف واستئصاله التي عرفت مشاركة حوالي 50 دولة، أن "الجزائر ما فتئت حينما كانت تواجه الإرهاب لوحدها تذكر بأن هذه الآفة تعد خطرا عابرا للحدود غير أن الكثير من البلدان للأسف لم تكون تؤمن بهذا". وبعد التذكير بالمأساة التي عاشتها الجزائر وألمت بالشعب الجزائري وكذا التغيرات التي طرأت على العالم والمنطقة، قال بوكراع إن "هذه الآفة تمس اليوم جميع البلدان التي أدركت بأن كل ما كانت تقوله الجزائر كان صحيحا". ولمواجهة آفة الإرهاب، أشار السيد بوكراع إلى أن هذه الندوة تسمح بالتأكيد على أن مكافحة الإرهاب والتطرف ليس بالجانب العسكري فقط"، كونه (الإرهاب) "خطر معقد تمتد جذوره إلى الوسط الذي يوفره المجتمع". وبالتالي - كما قال -فإن معالجة الظاهرة يجب أن يرتكز على جوانب متعددة الأبعاد (الثقافية والعقائدية والدينية والاجتماعية والإعلامية). وعن ندوة الجزائر، أكد السيد بوكراع أنها مكنت من خلال التدخلات المسجلة من فهم "الطابع المعقد" لهذه الظاهرة التي يجب أن تجند المجموعة الدولية جهودها بشأنها، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع العناصر والدوافع التي لها صلة بتنامي الإرهاب والتطرف. الأستاذ الجامعي مصطفى سايج: معاداة الإسلام هي إلصاق التهم به حذّر مصطفى سايج أستاذ بجامعة الجزائر، من تصاعد موجة معاداة الإسلام بالغرب، معربا عن رفضه الخطابات الرسمية لبعض الدول الغربية خاصة الأوروبية منها، التي تريد "التقليل من حدة الظاهرة". وقال سايج في تصريح للصحافة على هامش أشغال الندوة الدولية حول مكافحة الإرهاب والتطرف، إن معاداة الإسلام تُعد ظاهرة ما فتئت تتزايد بالرغم من محاولة الخطابات الغربية إبراز عكس ذلك، مشيرا إلى أن معاداة الإسلام هي إلصاق التهم للإسلام وما يزيد من حدة ذلك وسائل الإعلام الغربية، مما يجعل حياة الجاليات المسلمة المقيمة بهذه البلدان، في خطر. وذكر السيد سايج في هذا السياق بعض وسائل الإعلام الفرنسية التي تختص في الدعاية والخطاب الشعبوي، الذي يزعم أن الإسلام يشكل خطرا على المجتمع الفرنسي وحضارته، وعدم ملاءمة الدين الإسلامي مع النمط المعيشي للغرب. وأضاف أن وسائل الإعلام هذه تزرع الرعب عبر مقالاتها ورسوماتها في نفوس الفرنسيين تجاه الإسلام والمدينين به، محذرين من إمكانية وصول المسلمين إلى الحكم في فرنسا. وذكر بأن عملية سبر للآراء أجرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية سنة 2013، أظهرت أن 74 بالمائة من الأشخاص الذين سئلوا عن الإسلام قالوا بأنه "دين اللاتسامح ولا يتناسب مع الثقافة الفرنسية وطموحات الفرنسيين والنمط المعيشي في فرنسا". من جهة أخرى، أكد أن خلق منظمات على غرار ما يُعرف بالدولة الإسلامية (داعش)، يُعد بمثابة الوقود لإشعال حقد المجتمعات الغربية على الإسلام وخوفهم منه. وقال إن ‘'هؤلاء العرب الأفغان هم من كانوا وراء الهجوم على ثكنة بقمار بالجزائر خلال التسعينات من أجل الدخول في حرب لا اسم لها ضد الجزائر وشعبها". المدير التنفيذي لمركز البحث "هداية": تبني المقاربة الوقائية لمكافحة التطرف أبرز المدير التنفيذي لمركز البحث "هداية" حول التطرف العنيف ومكافحته، مكسود كروز، أول أمس، أهمية المقاربة "الوقائية" في مكافحة هذه الآفة، موصيا بتبني "تفهم عميق" لهذه الظاهرة. وفي تصريح ل(وأج) على هامش الندوة الدولية حول التطرف العنيف واستئصاله، أوضح السيد كروز أنه "لا يجب الاكتفاء بالبعد العسكري والأمني في مجال مكافحة التطرف العنيف، بل يجب فهم مشكل الإرهاب بشكل عميق". وفي هذا الصدد، أكد مدير المركز الواقع بأبو ظبي أن "البعدين العسكري والأمني لا يكفيان لوحدهما لمكافحة الإرهاب لأن هذه المسألة يجب أن تعالج على مستوى أعمق من خلال إيلاء الأهمية للجوانب الاجتماعية والثقافية" .