يرسم صدور قانون حماية الطفل، الخامس عشر جويلية عيدا وطنيا للطفولة، وذلك بموجب ما تضمنته المادة 146 من هذا النص المنشور في آخر عدد للجريدة الرسمية، والذي حمل تدابير جديدة تدعم حقوق هذه الفئة الهشة من المجتمع، وتعزّز إجراءات حمايتها الاجتماعية والقضائية، لا سيما عبر استحداث مفوض وطني للطفولة يعمل تحت وصاية مصالح الوزير الأول، فضلا عن مصالح الوسط المفتوح التي تضمن الحماية الاجتماعية للطفل على المستوى المحلي. ويقر القانون الجديد المتعلق بالطفل والذي صادق عليه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، في 15 جويلية المنصرم، مسؤولية الوالدين في حماية الطفل وتأمين ظروف المعيشة اللازمة لنموه في حدود إمكانياتهما المالية وقدراتهما، وينص على دعم الدولة للأسر غير القادرة على ضمان هذه المسؤولية من خلال منحها المساعدة المادية اللازمة لضمان حق الطفل في الحماية والرعاية، فيما تضع المادة السادسة من القانون على عاتق الدولة، مسؤولية ضمان حق الطفل في الحماية من كافة أشكال الضرر، أو الإهمال أو العنف أو سوء المعاملة أو الاستغلال أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية، وضرورة اتخاذ كل التدابير المناسبة لوقايته وتوفير الشروط اللازمة لنموه ورعايته والحفاظ على حياته وتنشئته تنشئة سليمة وآمنة في بيئة صحية وصالحة، وحماية حقوقه في حالات الطوارئ والكوارث والحروب والنزاعات المسلّحة. كما تسهر الدولة على ألا تضر المعلومة التي توجه للطفل بمختلف الوسائل بتوازنه البدني والفكري، وتمنع استعمال الطفل في ومضات إشهارية أو أفلام أو صور أو تسجيلات مهما كان شكلها، إلا بترخيص من ممثله الشرعي وخارج فترات التمدرس. ولتأطير مهام الحماية الاجتماعية للطفل، يحدث القانون الجديد هيئة وطنية لحماية وترقية الطفولة ملحقة مباشرة بمصالح الوزير الأول، ويرأسها المفوض الوطني لحماية الطفولة الذي يعين بمرسوم رئاسي من بين الشخصيات الوطنية ذات الخبرة والمهتمة بالطفولة. ويتولى المفوض الوطني لحماية الطفولة مهمة ترقية حقوق الطفل، من خلال وضع وتقييم برامج وطنية ومحلية لحماية وترقية حقوق الطفل بالتنسيق مع مختلف الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية، والأشخاص المكلّفين برعاية الطفولة، متابعة الأعمال المباشرة ميدانيا في مجال حماية الطفل والتنسيق بين مختلف المتدخلين، القيام بكل عمل للتوعية والإعلام والاتصال، وتشجيع البحث والتعليم في مجال حقوق الطفل بهدف فهم الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لإهمال الأطفال، وإساءة معاملتهم واستغلالهم وتطوير سياسات مناسبة لحمايته، فضلا عن إبداء الرأي في التشريع الوطني الساري المفعول المتعلق بحقوق الطفل قصد تحسينها، ووضع نظام معلوماتي وطني حول وضعية الطفل في الجزائر في إعداد التقارير المتعلقة بحقوق الطفل التي تقدمها الدولة إلى الهيئات الدولية والجهوية المختصة. ويلزم القانون المفوض الوطني لحماية الطفولة، برفع تقرير سنوي عن حالة حقوق الطفل ومدى تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل إلى رئيس الجمهورية، ليتم نشر هذا التقرير وتعميمه خلال الثلاثة أشهر الموالية لهذا التبليغ. ويستعين المفوض الوطني لحماية الطفولة في عمله بتقارير هيئات محلية تم استحداثها لذات الغرض وتسمى مصالح الوسط المفتوح، حيث تنشأ مصلحة واحدة في كل ولاية لتتولى الحماية الاجتماعية للأطفال على المستوى المحلي، بالتنسيق مع مختلف الهيئات والمؤسسات العمومية والأشخاص المكلّفين برعاية الطفولة. مصالح الوسط المفتوح لمساعدة الأطفال في خطر وتتشكل هذه المصلحة التي يمكن استحداث أكثر من واحدة منها في الولايات التي تعرف كثافة سكانية كبيرة، من موظفين مختصين على غرار المربين ومساعدين اجتماعيين وأخصائيين نفسانيين وأخصائيين اجتماعيين وحقوقيين، وتقوم مصالح الوسط المفتوح بمتابعة وضعية الأطفال في خطر ومساعدة أسرهم، مع إشراك الطفل المعني بالمساعدة والذي يبلغ من العمر 13 سنة على الأقل في التدبير الذي يتخذ بشأنه. ويجبر القانون مصالح الوسط المفتوح عند تعذّر تقديم المساعدة للطفل ولا سيما في حالات الخطر أو الحالات التي يستحيل معها إبقاء الطفل في أن ترفع الأمر إلى قاضي الأحداث المختص في الحالات المحددة في القانون. كما ينبغي عليها تبليغ المفوض الوطني بمآل الإخطارات التي يوجهها إليها، وأن توافيه كل 3 أشهر بتقرير مفصل عن كل الأطفال الذين تكفّلت بهم. فيما يلزم القانون الإدارات والمؤسسات العمومية والأشخاص المكلّفين برعاية الطفولة تقديم كل التسهيلات لمصالح الوسط المفتوح، ووضع تحت تصرفها كل المعلومات التي تطلبها مع وجوب تقيدها بعدم إفشائها للغير. من جانب آخر يتيح القانون الجديد لقاضي الأحداث إمكانية الأمر بوضع الطفل بصفة مؤقتة في مركز متخصص لحماية الأطفال في خطر أو مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة أو مؤسسة استشفائية، في حال كان الطفل في حاجة إلى تكفّل صحي أو نفسي، على أن لا تتجاوز مدة هذه التدابير المؤقتة التي يتم إبلاغها للطفل ولممثله الشرعي 6 أشهر، ويشارك الملزم بالنفقة في مصاريف التكفّل به ما لم يثبت فقر حاله.. ويلزم القانون الجديد مصالح التحقيق القضائي أثناء التحري مع الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية الاستعانة بالتسجيل السمعي البصري لسماع الطفل، مع إمكانية حضور أخصائي نفساني خلال سماع الطفل، مع تكليف شخص مؤهل قانونا لإجراء هذا التسجيل الذي يودع في أحراز مختومة، وتتم كتابة مضمون التسجيل ويرفق بملف الإجراءات ويتم إعداد نسخة منه بغرض تسهيل الاطلاع عليه خلال سير الإجراءات، على أن يتم إتلاف التسجيل ونسخته في أجل سنة واحدة ابتداء من تاريخ انقضاء الدعوى العمومية. وفي الحالات المتعلقة بجريمة الاختطاف يمكن وكيل الجمهورية المختص، أن يطلب من أي سند إعلامي نشر إشعارات وأوصاف وصور تخص الطفل المختطف، قصد تلقي معلومات أو شهادات من شأنها المساعدة في التحريات، مع مراعاة عدم المساس بكرامة الطفل أو بحياته الخاصة. ويمنع القانون وضع الطفل الذي يقل سنّه عن 13 سنة المشتبه في ارتكابه أو محاولة ارتكابه جريمة محل توقيف للنظر إلا بإذن من وكيل الجمهورية ، على أن لا تتجاوز مدة التوقيف للنظر 24 ساعة وتكون مرتبطة استثناء بالجنايات أو بالجنح التي تشكل إخلالا ظاهرا بالنظام العام، وتلك التي يكون الحد الأقصى للعقوبة المقررة فيها يفوق 5 سنوات حبسا. ويعرض انتهاك الأحكام المتعلقة بآجال التوقيف للنظر ضابط الشرطة القضائية للعقوبات المقررة للحبس التعسفي. منع المتابعة الجزائية ضد الأطفال أقل من 10 سنوات ويمنع النص الجديد المتابعة الجزائية ضد الطفل الذي لم يكمل 10 سنوات، حيث يتحمّل الممثل الشرعي للطفل المسؤولية المدنية عن الضرر الذي لحق بالغير، كما لا يكون طبقا للنص الطفل الذي يتراوح سنّه من 10 إلى 13 سنة عند تاريخ ارتكابه الجريمة إلا محل تدابير الحماية والتهذيب، ويمنع وضعه في مؤسسة عقابية ولو بصفة مؤقتة. كما يمنع وضع الطفل البالغ 13 سنة إلى 18 سنة في مؤسسة عقابية ولو بصفة مؤقتة، إلا إذا كان هذا الإجراء ضروريا واستحال اتخاذ أي إجراء آخر، وفي هذه الحالة يتم وضع الطفل بمركز لإعادة التربية وإدماج الأحداث، أو بجناح خاص بالأحداث في المؤسسات العقابية عند الاقتضاء. في المقابل يسمح القانون بالسماع للطفل دون حضور محام وبعد الحصول على إذن وكيل الجمهورية، في حال كان سن المشتبه فيه ما بين 16 و18 سنة وكانت الأفعال المنسوبة إليه ذات صلة بجرائم الإرهاب والتخريب، أو المتاجرة في المخدرات أو بجرائم مرتكبة في إطار جماعة إجرامية منظمة وكان من الضروري سماعه فورا لجمع أدلة، أو الحفاظ عليها أو للوقاية من وقوع اعتداء وشيك. وتلغى بقوة القانون من صحيفة السوابق القضائية العقوبات التي نفذت على الطفل الجانح، وكذا التدابير المتخذة في شأنه بمجرد بلوغه سن الرشد الجزائي. ويضمن القانون الجديد آليات حماية الطفولة داخل المراكز والمصالح المتخصصة في حماية الطفولة، بما فيها الجانحة، ويكفل لها كافة حقوقها الأساسية، على غرار تمكين الطفل الموضوع داخل مركز متخصص في حماية الطفولة من برامج التعليم والتكوين والتربية، والأنشطة الرياضية والترفيهية التي تتناسب مع سنّه وجنسه وشخصيته، مع ضمان الرعاية الصحية والنفسية المستمرة. ويكلّف مدير المركز بمراقبة الطفل في تكوينه المدرسي أو المهني خارج المركز، والسهر على تنفيذ الشروط المنصوص عليها في عقد التمهين، مع اطلاع لجنة العمل التربوي بتطور تكوين الطفل، فيما يمكن لهذه الأخيرة أن تقرر إيواء الطفل خارج المركز لمزاولة تكوين مدرسي أو مهني. ويشدّد القانون التدابير العقابية على كل من يخالف أحكام هذا النص الجديد، حيث يعاقب بالحبس من سنة إلى 3 سنوات كل من يقوم ببث التسجيل السمعي البصري لسماع الطفل ضحية الاعتداءات الجنسية أو نسخة عنه، فيما يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين كل من ينشر أو يبث ما يدور في جلسات الجهات القضائية للأحداث أو ملخصا عن المرافعات والأوامر والأحكام، والقرارات الصادرة عنها في الكتب والصحافة أو الإذاعة أو السينما، أو عن طريق شبكة الأنترنت أو بأية وسيلة أخرى. كما يعاقب القانون كل من يستغل الطفل اقتصاديا بالسجن من سنة إلى 3 سنوات، ويضاعف العقوبة عندما يكون الفاعل أحد أصول الطفل أو المسؤول عن رعايته، وتسلط نفس العقوبة على كل من يحاول النيل من الحياة الخاصة للطفل بنشر نصوص أو صور يكون من شأنها الإضرار بالطفل، وكذا كل من يستغل الطفل عبر وسائل الاتصال مهما كان شكلها في مسائل منافية للآداب العامة والنظام العام.