جدد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة في رسالته بمناسبة الذكرى المزدوجة ليوم المجاهد، التأكيد على ضرورة تجند كافة مكونات المجتمع الجزائري من أجل الدفاع عن وحدة الوطن وصون المكاسب المحققة في مجالات الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي، محذرا من المؤامرات التي قد تحاك لضرب استقرار البلاد وكذا حملات الإحباط واليأس التي يسعى أصحابها إلى إثارة الشك والقلق في نفوس الجزائريين، مستغلين الوضع الاقتصادي الصعب التي تمر به الجزائر وغيرها من دول العالم.. ولم يفوّت الرئيس بوتفليقة لدى مخاطبته الشعب الجزائري في ذكرى تاريخية عظيمة رسخت دهاء وعبقرية رجالات الجزائر الذين صنعوا الثورة التحريرية المجيدة ورسموا مخططاتها التنظيمية، فرصة استذكار القيم السامية التي تأسست عليها هذه الثورة الغراء وتبناها المجاهدون الأخيار في كفاحهم ضد الظلم والطغيان، ليدعو الجزائريين إلى الاستلهام من هذه القيم والمعاني في معركة البناء والتشييد وصون المكاسب الوطنية والتصدي لمخططات المتربصين باستقرار البلاد والدافعين بها نحو المجهول. وفي هذا الإطار، أهاب رئيس الدولة بالجزائريين كافة، الوقوف صفا واحدا لمواجهة الإرهاب الأعمى، مجددا عرفانه لأفراد الجيش الوطني الشعبي وكافة الأسلاك الأمنية، على ما يبذلونه من جهود وما يكابدونه من تضحيات في محاربتهم لفلول الإرهاب واجتثاث جذوره، وضمان شروط بسط السكينة واستتباب الأمن والطمأنينة في سائر ربوع الوطن. وإذ دعا إلى التحصن بقيم الدين الإسلامي السمح واستلهام فضائل الثورة التحريرية المباركة وتضحيات الشهداء الأمجاد لمواجهة مستقبل كوني يعتبر غير مأمون بفعل الاهتزازات والأزمات المتكررة التي تمس مختلف مجالات الحياة، أبرز الرئيس بوتفليقة أهمية التشبت بالقوى الكامنة في وعي الشعب الجزائري والقيم التي تأسست عليها ثورته المجيدة، للمضي في معركة البناء. وذكر من بين هذه القوى قيم الوحدة والعمل والإيثار والتضحية والغيرة على المثل الجامعة في الدين الحنيف والهوية الوطنية والعدالة الاجتماعية وكذا الحرية المسؤولة التي يتساوى فيها الجميع ويسمو فيها الوطن ومصالحه العليا، مؤكدا وجوب الارتكاز على هذه العناصر المنيعة للتصدي لكل المؤامرات التي تحاك أو قد تحاك من الخارج أو من الداخل ضد الجزائر. وجدد السيد بوتفليقة دعوته لكافة الجزائريين من أجل الإسهام الإيجابي في نجاح خطط الدولة لمواجهة المرحلة الصعبة التي تمر بها الجزائر وغيرها من دول العالم جراء الأزمة المترتبة عن تراجع أسعار البترول، وفي مقدمتها معركة تنويع الاقتصاد الوطني وتحريره من التبعية للسوق النفطية، مبرزا في هذا الصدد أهمية استبدال عصر الطاقة بعصر التكنولوجيات الحديثة والاستثمار في المعرفة والذكاء، وفي الطاقات المتجددة والثروات البديلة. كما شدد في سياق متصل على ضرورة تجند كافة مكونات الشعب الجزائري على اختلاف مشاربهم ومناهلهم السياسية، للوقوف في صف واحد منيع في وجه التخلف ومواجهة الإحباط والتشكيك واليأس، داعيا في هذا الإطار إلى التحلي بالأمل والثقة في النفس والتحدي الإيجابي لكل الصعاب الاقتصادية، التي تجتاح العالم واستشراف مستقبل مأمول. وبعد أن حيا كل أبناء وبنات الجزائر العائدين والعائدات إلى مقاعد الدراسة والتكوين وكذا العمال والعاملات إلى مواقع عملهم بمناسبة الدخول الاجتماعي، حاثا إياهم على تزكية عملهم بمزيد من الجهد والكد والتحصيل وحماية مكاسب الأمة المعنوية والمادية، بما يحقق للجزائر القوة والمناعة والتقدم والرفاه، ذكر الرئيس بوتفليقة في الأخير بأن الجزائر هي أمانة ووديعة ومسؤولية الجميع يؤجر من خدمها في الدنيا والآخرة.. وتحمل رسالة الرئيس بوتفليقة إلى الجزائريين معاني متعددة ودعوات متجددة إلى ضرورة التلاحم والتجند ورص الصف الوطني من أجل حماية البلاد من مكائد الإرهاب الأعمى الذي يتهدد كل دول العالم دون استثناء، ويستهدف بمخططاته الجزائر بذاتها كونها قريبة من بؤر التوتر التي أتاحت الأرضية الخصبة لانتشاره، وكذا تفويت الفرصة على المتربصين بوحدة الشعب الجزائري واستقرار وطنه، من خلال إثارة النعرات ومحاولات زرع التفرقة بين أبناء الوطن الواحد بالمتاجرة في مقومات هويته الوطنية على غرار اللغة والدين. أما دعوة رئيس الجمهورية الجزائريين إلى مواجهة التخلف والإحباط واليأس، فيبررها انتشار الأفكار المثبطة للعزائم التي يسوقها بعض المشككين في قدرة الدولة على تجاوز الصعاب المترتبة عن الوضعية الاقتصادية العالمية، والذين لم يتوانوا منذ بداية أزمة تراجع أسعار النفط في السوق الدولية في رسم مستقبل أسود للجزائر ولشعبها، عبر تحليلات واهية ومجحفة، بعيدة كل البعد عن الواقع الحقيقي للجزائر وعن القدرات والإمكانيات الهامة المادية والبشرية التي تتوفر عليها وتجعل منها دولة مقاومة لكل الاهتزازات، والحالات الطارئة.. وجاء تطمين الرئيس بوتفليقة للشعب الجزائري على قوة الجزائر وقدرتها على رفع التحديات المطروحة اليوم أمامها، بتأكيد قناعته على أن أبناء زيغود يوسف وعبان رمضان وعبد الحميد بن باديس وغيرهم من الأبطال الأفذاذ الذين استمدوا قوتهم وإرادتهم في الظفر بالاستقلال ”حين اقتنعوا بوعيهم وبصيرتهم أن الاستعمار لم يكن قدرا محتوما لا فكاك منه، وأنه لا يمكن أن يظل واقعا يلقي بكلكله على كاهل الشعب الجزائري..”، وهي القناعة التي ينبغي على كل الجزائريين التشبع بها اليوم لتجسيد مبتغاهم وطموحهم المشروع في تطوير بلادهم وتحقيق رقيّهم ورفاهها، متشبثين في ذلك بمبادئ ثورتهم العظيمة التي تبقى حسبما أكده القاضي الأول في البلاد ”مرجعية وطنية، أعادت لحم النسيج الاجتماعي وتوحيد الإرادة وشحذ الهمم وجمع الناس على كلمة سواء..”.