دعا رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الشعب الجزائري إلى »تفويت الفرصة على كل المتربصين باستقرار البلاد والدفع بها نحو المجهول«، وشدد على ضرورة »رص الصف الوطني لمواجهة مخاطر الإرهاب المدمر والهمجي« و»الوقوف في صف واحد في وجه التخلف وفي مواجهة الإحباط و التشكيك و اليأس«، وعشية الدخول الاجتماعي، طالب بوتفليقة كل الأساتذة والعمال إلى بذل المزيد من الجهد. وقال رئيس الدولة في رسالة وجهها من قسنطينة بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمجاهد، قرأها نيابة عنه وزير الثقافة عزالدين ميهوبي، »أهيب بكل بنات وأبناء وطننا أن يقفوا صفا واحدا لتفويت الفرصة على المتربصين باستقرار بلادنا والدفع بها نحو المجهول«، مضيفا »هذا ودفاعا على وطننا وحريتنا يتعين علينا جميعا أن نرص أيضا صفنا الوطني في وجه مخاطر الإرهاب المدمر والهمجي الذي لا يعرف لا الحدود ولا الأوطان«. وواصل بوتفليقة »أنه لا مندوحة لنا ونحن نواجه مستقبلا كونيا غير مأمون من أن نتحصن بقيم ديننا السمح ونستلهم من فضائل ثورتنا المباركة وتضحيات شهدائنا الأمجاد العبر والمعاني الخالدة ذلك أنها الفضائل التي ناصرت الحق على ضعفه فأزهق الباطل على جبروته«. وفي سياق أخر، أعرب رئيس الجمهورية بمناسبة الدخول الاجتماعي والمدرسي والجامعي، عن تقديره لجهود الأساتذة والمؤطرين وكل العمال داعيا إياهم إلى بذل المزيد من الجهد، وجاء في الرسالة »لا يفوتني ونحن على أبواب دخول مدرسي وجامعي لعام مبارك جديد وعودة بناتنا وأبنائنا ومؤطريهم وأساتذتهم إلى معاقل العلم والمعرفة والتكوين المهني وكذلك بالنسبة للدخول الاجتماعي لعاملاتنا وعمالنا الكادحين في سبيل رقي وطنهم وسؤدده لا يفوتني أن أعرب لهم جميعا عن تقديري لجهودهم المباركة وأحثهم على تزكية عملهم بمزيد من الجهد والكد والتحصيل وحماية مكاسب الأمة المعنوية والمادية بما يحقق للجزائر العزيزة القوة والمناعة والتقدم والرفاه«. و أكد الرئيس أن »الجزائر أمانة ووديعة ومسؤولية الجميع يؤجر من خدمها في الدنيا والآخرة بأحسن ما وعد الله به العاملين والشهداء«، مواصلا بقوله »إن مثال المجاهد الذي نحيي يومه الوطني يستوقفنا جميعا، نحن وكافة المواطنين والمواطنات، مهما كانت مشاربهم ومناهلهم السياسية، لنقف في صف واحد منيع، ورباط وثيق، في وجه التخلف بكل أنواعه، وفي مواجهة الإحباط والتشكيك واليأس، بالأمل والثقة في النفس، والتحدي الايجابي لكل الصعاب الاقتصادية التي تجتاح المعمورة اليوم«. وتابع بوتفليقة يقول »نستشرف معا بعبقرية شبابنا من العلماء والباحثين والمبدعين، مستقبلا مأمولا لما بعد عصر الطاقة، واستبداله بعصر التكنولوجيات الحديثة بالاستثمار في المعرفة والذكاء، و الطاقات المتجددة والثرواث البديلة وما أكثرها والحمد لله في بلادنا«، وخلص بالتأكيد »ونحن إذ نخلد هذه الذكرى التي يعتز بها الشعب الجزائري ونحتفي بأبطالها الذين استرخصوا أرواحهم في سبيل انتزاع الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، فإننا نتوخى إبراز ما تزخر به هذه المناسبات التاريخية من قيم ومعان تنير أذهان الأجيال الصاعدة بما تطفح به من دلالات عميقة وأبعاد سامية لإذكاء مشاعر الاعتزاز بأمجادنا«. رئيس الجمهورية يُؤكد:الجزائر متمسكة بمشروع بناء صرح المغرب العربي أكد الرئيس بوتفليقة في رسالته بمناسبة إحياء اليوم الوطني للمجاهد، »تمسك الجزائر بمشروع بناء صرح المغرب العربي« وذلك في كنف »قيم الحق والحرية والوحدة والتقدم المشترك«، وربط الرئيس بين حاضر المنطقة وماضيها النضالي الذي عاد لاستذكاره، حيث قاسم الشعب الجزائري في تلك الفترة نضال الشعبين المغربي والتونسي في وجه الحماية المفروضة عليهما، في الوقت الذي »كان فيه رواد الثورة الجزائرية يحضرون لهبة للشعوب المغاربية كلها من أجل استئصال الاستعمار من جذوره«. وأردف الرئيس بوتفليقة مؤكدا بأن ما عاشته الشعوب المغاربية سوية ولد لديها شعورا مشتركا بأن »مصيرها واحد في السراء و الضراء« ومن ثم »بدأت تجتمع شروط ثورة مغاربية جماعية تكتب صفحة أخرى مباركة في تاريخ القارة الإفريقية والوطن العربي«، وركز على البعد المغاربي لأحداث هجومات الشمال القسنطيني، مثمنا »نضال شعوب المغرب العربي من أجل التحرر والانعتاق«، وأكد أن هذه الذكرى »تستمد عمقها التاريخي ومعاني القوة والسمو من عظمة أولئك الرجال الذين آلوا على أنفسهم أن يصنعوا التاريخ حين اقتنعوا بوعيهم و بصيرتهم أن الاستعمار لم يكن قدرا محتوما...«، وجاء في الرسالة أن يوم 20 أوت الأغر »يرمز كذلك لتضامن شعبنا الأبي مع أشقائه في المملكة المغربية«. بوتفليقة يُثني على الجيش وأسلاك الأمن وقال بوتفليقة في الرسالة التي وجهها بمناسبة إحياء يوم المجاهد »أتوجه لرفقاء درب الكفاح بتحية التقدير والتبجيل، باسم شعبنا الأبي وباسمي الخاص، متمنيا لهم الصحة والعافية والشفاء وطول العمر لهم جميعا، لكي يعيشوا، إن شاء الله، المزيد من خطوات الجزائر على نهج البناء والتشييد«. وانتهز الرئيس الفرصة ليوجه كذلك تحية »إكبار و إجلال لأفراد الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، وإلى أفراد مختلف الأسلاك الأمنية، على ما يبذلونه من جهود جبارة وما يكابدونه من تضحيات مشهودة في سبيل الذود عن حياض وطننا المفدى«. وحيا بوتفليقة أيضا هؤلاء الأفراد على الجهود الجبارة من أجل حماية حدود الوطن و»محاربة فلول الإرهاب واجتثاث جذوره، وضمان شروط بسط السكينة واستتباب الأمن والطمأنينة في سائر ربوع الوطن«، وأكد في سياق متصل، بأن الذكرى المزدوجة ل 20 أوت تستمد عمقها التاريخي من عظمة الرجال الذين صنعوا التاريخ باقتناعهم بأن الاستعمار لم يكن قدرا محتوما. ولفت إلى أن الذكرى المزدوجة ل20 أوت »تستمد عمقها التاريخي ومعاني القوة والسمو من عظمة أولئك الرجال الذين آلو على أنفسهم أن يصنعوا التاريخ حين اقتنعوا بوعيهم و بصيرتهم أن الاستعمار لم يكن قدرا محتوما لا فكاك منه«، كما جاءت الذكرى المزدوجة ل20 أوت (هجومات الشمال القسنطيني 1955 وانعقاد مؤتمر الصومام 1956) لتؤكد قناعة هؤلاء بأن »إرادة الشعوب المتوثبة لكسر أغلال القهر والاستبداد تسمو على ما سواها مهما بلغت من الصلف والغطرسة«. وتابع الرئيس يقول في رسالته بأن شرارات نوفمبر »انطلقت برسالة فصيحة لا غبار عليها إلى كل من يهمه الأمر« وهي المحطة التاريخية »المرموقة« التي جاء بعدها مؤتمر باندونغ سنة 1955 حيث احتفل زعماء العالم الثالث وقادته بالثورة التحريرية لتنتقل بعدها معركة الكفاح إلى منابر منظمة الأممالمتحدة. القاضي الأول في البلاد يُشيد بفئة المُجاهدين وأكد بوتفليقة في رسالة وجهها بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمجاهد أن »المجاهد جعل من حياته مشروعا للتحرر من أغلال المستعمر وعبوديته، وبناء صرح هذه الأمة واستعادة دورها الحضاري بين الأمم، فكانت قمة في العطاء الإنساني وذروة في التضحية والفداء«. وأضاف رئيس الدولة أنه »بذلك تبوأ المجاهد درجة عالية من التبجيل، ومن الاحترام والتقدير، فمناقبه باقية وأثره ممتد في الزمن، ولن يخبو له دور في إيقاظ الضمائر واستنهاض الهمم وإثراء مقومات العطاء والصمود والشموخ وسيظل مبعث اعتزاز وافتخار«. وشدد على أن »استذكار تلك الأمجاد الأصيلة والملاحم البطولية لشهدائنا الأبرار ومجاهدينا الأخيار الذين صنعوا لنا انتصارا مرصعا بالعزة والكرامة والقيم الإنسانية السامية، وأحدثوا بجرأتهم وبعد نظرهم تحولا تاريخيا في مسيرة حركات التحرر بالعالم وألهموا بتلك الانتصارات الشعوب المستضعفة التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار، هو استذكار لرموز مجدنا وعزتنا ممن كان همهم الأول والأخير تحرير الوطن وإزاحة الظلم الجاثم على صدر الشعب الجزائري«. وخلص الرئيس بوتفليقة قائلا »وعليه فان قراءة مثل هذه الأحداث الخالدة، وهي كثيرة في مسيرة الثورة، عن تبصر وتدبر تكشف لنا عن القوى الكامنة في وعي شعبنا، وهي حرية بتمثلها واستلهامها في معركة بنائنا لبلادنا بنفس القيم المؤسسة، في كنف الوحدة والعمل، والإيثار والتضحية والغيرة على المثل الجامعة في الدين الحنيف والهوية الوطنية، والعدالة الاجتماعية والحرية المسؤولة التي يتساوى فيها الجميع والتي يسمو فيها الوطن ومصالحه العليا فوق أي اعتبار كان«. كما دعا إلى فحص مقدرات الثورة بعد نصف قرن من تحقيقها وعدم الوقوف فقط عند حدود »التباهي« بها ك»عمل ملحمي« اعتركت فيه إرادة الشعب الجزائري ضد إرادة محتل ظالم، قائلا » ينبغي ألا نقف عند حدود التباهي بالثورة كعمل ملحمي اعتركت فيه إرادة شعبنا ضد إرادة محتل ظالم، بل يجب علينا، بعد نصف قرن من تحقيق هذا الإنجاز، أن نفحص مقدراتها، و نشخص مستوى الوعي الذي تحلت به طلائع الأمة التي فجرت الثورة وقادتها بمراحلها المتعاقبة، وهي جلها استثنائية في الداخل و الخارج«. وأعتبر أن هذه الذكرى »مادة للفكر والتأمل، وظاهرة للتحليل والاستقراء« كما هي »قيمة أخلاقية وإنسانية انتصر فيها الجزائريون للمشترك الرمزي الجامع لهم، للقيم الإنسانية« وأضاف قائلا أيضا أن الذكرى هي فوق ذلك »مرجعية وطنية أعادت لحم النسيج الاجتماعي، و توحيد الإرادة وشحذ الهمم، وجمع الناس على كلمة سواء، مما سما بسمعتها لدى الآخرين لتصبح قدوة ومنهجا لكل مستضعف ينشد الحرية والكرامة«. وأكد رئيس الجمهورية في هذا السياق أن تلك الجملة من »القيم الرمزية«، التي تولدت من الثورة، كانت كفيلة بأن تؤدي دور»صمام الأمان لبلادنا في مواجهاتها لاهتزازات عنيفة، زلزلت دولا أخرى و أغرقتها في فوضى«، داعيا إلى ضرورة إعطاء اهتماما بالغا »لهذه المناعة المنبثقة من ثورة نوفمبر المجيدة تصديا لكل المؤامرات التي تحاك، أو قد تحاك من الخارج أو من الداخل، ضد وطننا الغالي«.