تعد المنابع الحموية المتواجدة ببلدية سيدي سليمان، 66 كلم عن عاصمة الولاية تيسمسيلت من أهم المواقع السياحية والعلاجية التي تستقطب عددا كبيرا من الزوار الذين يأتون من عدة مناطق من الوطن. ويقصد هذه المنابع الواقعة بجبال الونشريس التي تحفها غابات كثيفة تتربع على مساحة شاسعة ويزيد عدد زوارها عن 5 آلاف زائر في الأسبوع من الذين يأتون من الولايات المجاورة على غرار تيارت، الشلف، عين الدفلى والجلفة. وتتوفر بلدية سيدي سليمان على ثمانية منابع حموية ذات تدفق 4 لترات في الثانية، وهي غنية بالعناصر المعدنية، حيث تصل درجة حرارتها إلى 42 درجة وتتميز بخصائص علاجية كثيرة لعدة أمراض منها الروماتيزم المزمن والأمراض المرتبطة بالمفاصل والمتعلقة بالجهاز الهضمي، إضافة إلى الأمراض الجلدية استنادا إلى مديرية السياحة والصناعات التقليدية. وذكرت دراسة قامت بها نفس المديرية سنة 2008 أن تركيبة مياه المنابع الحموية بهذه المنطقة تحتوي على 17 عنصرا، على غرار الكالسيوم والبيكاربونات والكلور والسولفات وتبلغ درجة المياه 1ر12 درجة في فصل الشتاء وتتجاوز 42 درجة صيفا. ويوجد ببلدية سيدي سليمان محطتان حمويتان مستغلتان بطريقة تقليدية وهما الحمام البلدي "البركة" الذي يتوفر على 25 غرفة والحمام الخاص "عين الشفاء" الذي يتوفر على 20 غرفة، حيث يستقطب هذان المرفقان السياحيان سنويا ما بين 70 و80 ألف زائر يأتون من مختلف ولايات الوطن وفق ذات المصدر. وبهدف تثمين هذه المنطقة السياحية، قامت مديرية السياحة والصناعات التقليدية بدراسة تخص التنقيب وجلب مياه المنابع الحموية بسيدي سليمان تضمنت نتائجها ثلاثة اقتراحات تقنية تمثلت في حفر بئر استكشافي بعمق 600 متر بالقرب من وادي سيدي سليمان، فيما يشمل المقترح الثاني جلب واستقطاب وتجميع بالوسائل العصرية لجميع المنابع الحموية بالمنطقة من أجل استغلالها بصورة عقلانية وفق هذه المديرية، ويخص المقترح الثالث تجسيد أشغال تهيئة واسعة للقنوات الرئيسية القديمة التي تربط الحمام القديم بسيدي سليمان بما يضمن تدفقا منتظما للمنابع الحموية. وتأتي هذه الدراسة في سياق الجهود الرامية إلى تثمين وتطوير السياحة الحموية بمنطقة سيدي سليمان والتي تبقى مرهونة بتوفر مرافق الاستقبال كونها تسجل سنويا إقبال أزيد من 70 ألف زائر من عدة جهات من الوطن كما أشير إليه. كما سمحت الدراسة أيضا بإبراز الخصائص الفيزيوكيميائية والبكتيرية لمياه هذه المنابع ونسب تدفقها الحقيقية. وقد برمج على المدى القريب إنجاز العديد من العمليات التي ترمي إلى تثمين هذه المنابع والمتمثلة في إعادة الاعتبار وتوسعة الحمام المعدني القديم المسير من قبل مصالح البلدية وذلك من خلال إنجاز مرافق إضافية لاستقبال زوار هذا المكان السياحي الجذّاب، إلى جانب تجسيد عمليات لتهيئة الحجرات الرئيسية لهذا الحمام الذي يرجع استغلاله إلى الحقبة الاستعمارية حسب ذات المصدر. وبغرض ترقية وتطوير السياحة الحموية بمنطقة سيدي سليمان، ستشرع مصالح البلدية قبل نهاية السنة الجارية في إنجاز فضاءات سياحية موجهة لراحة العائلات بداخل الغابة القريبة من الحمام المعدني وذلك من خلال تجهيزها بطاولات وكراسي خشبية وتهيئة أماكن للعب الأطفال وغرس شجيرات تزيينية. ومن جهة أخرى، كشفت المديرية المذكورة أن قطاع السياحة بالولاية استفاد برسم برنامج التنمية لسنة 2014 من دراسة لتحديد وتصنيف منطقة للتوسع السياحي بسيدي سليمان والتي من شأنها إبراز الخصائص السياحية للمنطقة من خلال تثمين المحطة الحموية. كما ستحتضن هذه المنطقة السياحية مستقبلا محلات للصناعة التقليدية بالقرب من الحمامين المعدنيين، إضافة إلى تهيئة شبكة الطرقات للمحطات الحموية وإعادة الاعتبار للحمام المعدني القديم وذلك من خلال تجسيد محطة حموية عصرية تتوفر على جميع الضروريات التي يحتاجها السائح، منها مرفق لائق للاستقبال ومطاعم ومقاهي ومحلات تجارية وفضاء لراحة العائلات، استنادا إلى ذات المصدر. ومن جهتها، بادرت مصالح البلدية بالتنسيق مع أجهزة دعم التشغيل والمديرية الولائية للتشغيل بعملية تحسيسية السنة الماضية استهدفت الشباب البطال بالمنطقة تضمنت توزيع مطويات وتنظيم لقاءات لفائدتهم حول فرص الاستثمار التي توفرها هذه المنطقة الجبلية على غرار فتح مقاهي ومطاعم ومحلات تجارية بالقرب من الحمام المعدني، حسب مسؤولي المجلس الشعبي البلدي. وتسعى هذه الجماعة المحلية بالتنسيق مع المديرية الولائية للسياحة والصناعات التقليدية ومجموعة من الشباب من أبناء المنطقة لإنشاء ديوان محلي يساهم في استقطاب السياح بهذه المنطقة وتعريف المواطنين من داخل وخارج الولاية بالقدرات السياحية التي تزخر بها لاسيما في مجال السياحة الحموية وكذا البيئية والجبلية وفق نفس الهيئة المنتخبة. ومن جانبها، تعمل المديرية الولائية للسياحة والصناعات التقليدية بالتنسيق مع مصالح بلدية سيدي سليمان على إعداد دليل سياحي خاص بهذه المنطقة من شأنه المساهمة في الترويج للقدرات السياحية التي تزخر بها المنطقة، استنادا إلى هذه الهيئة التي تراهن على مساهمة منطقة سيدي سليمان بما تزخر به من قدرات سياحية عديدة وأبرزها المنابع الحموية في ترقية وتطوير القطاع السياحي بالولاية في آفاق سنة 2030 وفق المخطط التوجيهي الولائي للتهيئة السياحية.