حلت الفنانة التشكيلية رابحية بولعباس ، المعروفة فنيا باسم وردة، كمشاركة ضمن الصالون الوطني للفنون التشكيلية الذي تجري فعالياته حاليا بمتحف زبانا بوهران، والتي روت لنا تفاصيل موهبة نمت بداخلها منذ الصبى وغيرت مجرى حياتها، لتجد نفسها تعانق الفن التشكيلي بشغف في منطقة قلّما جهر الفنانون التشكيليون بأنفسهم وعُرفوا بأعمالهم في وسط يجهل قيمة الفن التشكيلي. وفي حوار "المساء" معها اكتشفنا ذلك الإصرار والرغبة في العطاء الذي لا تملكه ولا تصنعه إلا أنثى تملك رهافة الإحساس والقدرة على إنتاج الجمال. ❊ حدّثينا عن بدايتك في تجربة الفن التشكيلي؟ ❊❊في الأصل أنا خرّيجة خط وزخرفة بمركز التكوين المهني ببلدية قصر الشلالة ولاية تيارت سنة 1995، ثم التحقت بمعهد الفنون الجميلة تخصص منمنمات إسلامية بولاية مستغانم، والذي تخرجت منه في 2004. ❊ ماذا عن مشاركاتك في مختلف النشاطات الفنية؟ ❊❊ كانت لي مشاركات في العديد من الصالونات الوطنية، على غرار ولايات الجزائر العاصمة، البيّض، عين تموشنت، معسكر، تبسة، باتنة، تلمسان، الأغواط، الجلفة، مستغانم ووهران التي أشارك فيها لأول مرة ضمن فعاليات هذا الصالون الوطني للفنون التشكيلية، إضافة إلى إقامتي العديد من المعارض الفردية، ومشاركتي ضمن المعارض الجماعية بالجامعة ومع الجمعيات الثقافية في شتى المناسبات، كما صممت ديكور بعض المسرحيات ولفائدة المخيمات الصيفية، وصممت بعض اللوحات الإشهارية، وأشغال طلاء السيارات وإنجاز لوحات الترقيم الخاصة بها. ❊ هل كان ولوجك عالم الفن صدفة أم وسيلة لتثمين موهبتك؟ ❊❊ قد تستغربون إذا علمتم أن تخصصي ومجال دراستي هو دراسات تقنية بنكية ونقدية، وأشغل أيضا منصب ملحق تجاري في شركة خاصة، لكن يمكن القول إن حبي للديكور وميولي للجمال هو ما جعلني ألج عالم الفن التشكيلي، فقد لا نخطط لحياتنا ليكون لها هذا التوجه أو ذاك، ولأن فن الديكور لم يكن ولايدرَّس كتخصص قائم بذاته في بلادنا إلى يومنا هذا، فتوجهت لتعلم الرسم؛ لأنه يُعتبر رافدا من روافد الديكور، ومن ثم توجهت إلى المنمنمات وكل الأشكال التعبيرية التشكيلية الأخرى. ❊ما هي المواضيع التي تجسدينها في لوحاتك؟ ❊❊ في الواقع، إن المنمنمات الإسلامية لا تقتصر ولا ترتبط بموضوع محدد؛ لأنها واسعة المجال، فيمكن أن تكون تشكيلا للخط العربي أو زخرفة أو رسومات تجسد بعض المناظر الطبيعية أو المعالم الأثرية وما إلى ذلك. ❊ من هم الفنانون التشكيليون الذين تركوا بصمتهم في توجهك الفني؟ ❊❊ من بين أبرز الفنانين أذكر الفنان العالمي فانسون فان غوغ، محمد راسم، والفنانة الراحلة باية. وأنا أنتمي إلى مدرسة المنمنمات، إضافة إلى مدرسة الفن التجريدي الذي لا يمكن أن أقول عنه بأنه تياري أو توجهي الفني المفضل، بل هو نمط أفضله لأنه يمنحني راحة نفسية. ❊ ماذا عن مشاريعك المستقبلية؟ ❊❊ أمنيتي التوصل إلى تجريب التقنيات الحديثة في فن المنمنمات؛ لأني تأثرت بالمستوى الجمالي الباهر الذي وصل إليه هذا الفن في إيران، والذي بلغ مستوى راقيا جدا من حيث جماليته كفن، وكذا الألوان؛ مما جعله يكسب شهرة عالمية. ❊ ما معنى أن تكوني امرأة وفنانة تشكيلية في وسط محافظ؟ ❊❊ ليس سهلا في كل الحالات، فنادرا ما يهتم المحيط الأسري بالموهبة ويحتضنها خصوصا إذا كان محافظا، كما هو الشأن في مدينتي، لكن الإصرار يهد الجبال، وليس على الفنانة إذا كان امرأة أن تنتظر "جواز سفر" للمرور والسمو بموهبتها، بل يجب عليها أن تمتلك صبرا يجعل أسرتها تشد الأنظار إليه بإصرارها، فالإرادة تليّن الحديد، ونصيحتي لجنس الإناث ممن يمارسن شتى أنواع الفنون ويمتلكن الموهبة هي إياكن والاستسلام؛ لأنه يقتل في أنفسكن القدرة على صنع الجمال. ❊ هل من نداء توجّهينه كفنانة تشكيلية؟ ❊❊ أتمنى أن تضع وزارة الثقافة قانونا يسمح لنا بالمشاركة في المعارض، وأن لا يعترض ذلك مع مهنتنا ومناصبنا في المؤسسات الاقتصادية، فليس كل فنان يعيش من فنه، فغيري كثيرون من يمارسون مهنا لا تمتّ بصلة إلى الفن، وكثيرا ما يمنع عنا رؤساؤنا المشاركة في المعارض الفنية والصالونات، ولا تُمنح لنا رخص خاصة تمكّننا من المشاركة بدون الإضرار بمناصبنا التي نشغلها في هذه المؤسسات وبدون التعرض لعقوبات من طرف مسؤولينا.