تشهد مديريات التربية لولاية الجزائر منذ أسابيع، توافدا كبيرا لمستخدمي القطاع بهدف إيداع طلبات التقاعد المسبق، حيث سجلت مديرية شرق العاصمة وحدها خلال شهر أكتوبر الماضي إيداع 1027 طلبا، وهو أكثر من الإحصائيات المسجلة خلال سنة كاملة قبلها 2014 /2015، والتي تحصي إيداع 978 ملفا، وهي سابقة والسبب في ذلك يعود إلى مخاوف المستخدمين في مختلف القطاعات، ومنها التربية من تحرك الحكومة باتجاه إزالة جملة الامتيازات الممنوحة للمحالين على المعاش. وقد فعلت الانتقادات التي أبدتها الحكومة بشأن إلغاء التقاعد النسبي والتقاعد المسبق، وكذا اقتراح تمديد سن التقاعد إلى 65 سنة مع مراجعة طريقة حساب خدمة منحة التقاعد، فعلتها في عشرات الآلاف من عمال القطاع من مدرسين وإداريين الذين يوشكون على بلوغ سن الإحالة على المعاش، إذ هرع عشرات الآلاف من العمال إلى طلب الحصول على الامتيازات الحالية، قبل زوالها بتعديل القوانين التي تحكم نظام التقاعد. ودعمت مديريات التربية الثلاث بولاية الجزائر مكاتب استقبال ملفات طلب التقاعد بمستخدمين إضافيين، للتحكم في العدد الهائل من المتوافدين، وتمكينهم من إيداع الملفات في آجالها المحددة التي انتهت مؤخرا، ويؤكد الموظفون المكلفون بذلك أنهم لم يشهدوا من قبل هذه الزحمة التي زادت من حدة الرغبة لدى عمال القطاع في وضع حد لمتاعب المهنة، لاسيما المدرسين الذين يشكلون أغلبية مودعي الملفات. ويفضل مستخدمو قطاع التربية، على غرار القطاعات الأخرى، الإسراع في الإحالة على المعاش، حسب إطارات من القطاع، الزيادات في الأجور التي تحسنت منذ السنوات الأخيرة، والاستفادة من المنحة التي يستفيد منها المتقاعد فور مغادرته القطاع، وكذا رغبة البعض من الإطارات في الاهتمام بأمور أخرى، اجتماعية، عائلية وأخرى تتعلق بتغيير المهنة تماما، خاصة بالنسبة لبعض المدرسين متعددي المواهب وأنماط التكوين، فيما يفضل البعض الآخر اللجوء إلى النشاط التجاري، لاسيما أولئك الذين يملكون محلات. رقم قياسي في إيداع الملفات بشرق العاصمة ذكر مدير التربية لشرق ولاية الجزائر، السيد اليمين مخالدي ل"المساء"، أن التهافت على إيداع ملفات طلب التقاعد، خاصة المسبق، جاء على خلفية مخاوف زوال الامتيازات، وتأخر الحصول عليها أو فقدانها، ومنها منحة التقاعد التي ارتفعت إلى 25 مليون سنتيم، بعد أن كانت لا تتجاوز 4 ملايين سنتيم، فضلا عن تفضيل الأساتذة الاستفادة من منحة التقاعد التي تزيد عن الراتب أثناء الخدمة، مشيرا إلى أن أستاذ التعليم الثانوي الذي يتقاضى 5.5 ملايين سنتيم سيكون معاشه في حدود 6 ملايين سنتيم، وهو مبلغ مغر، خاصة أن الحصول عليه يكون بدون تقديم أية خدمة أو جهد. وبشأن الاستعداد لتعويض المناصب الشاغرة، ذكر محدثنا أنه بعد موافقة صندوق التقاعد على ذلك، سيتم حساب المناصب المنقوصة فعليا وسيعاد تسجيلها في مخطط الموارد البشرية، وفق الخريطة المدرسية لسنة 2016 التي تنطلق في ديسمبر الداخل، متوقعا أن يكون العدد أكبر مقارنة بالسنوات الماضية. وتحصي مديرية التربية المذكورة إيداع 1027 ملفا خلال شهر واحد، منها 390 مدرسا في الابتدائي، 244 أستاذا في المتوسط، 130 أستاذا ثانويا، و263 إداريا، وهو ما تم تسجيله خلال سنة كاملة برسم الموسم الدراسي 2014 /2015، حيث تم إيداع 978 ملفا، منها 393 مدرسا في الطور الابتدائي، 229 أستاذا في المتوسط، 190 أستاذا ثانويا و166 إداريا. وبعملية حسابية، فإن المعدل اليومي للإيداع في السنة الماضية لم يتجاوز 2.7 ملفات (بتقسيم العدد 978 ملفا على 12 شهرا)، بينما معدل ذلك تضاعف بعشر مرات، ليصل إلى 34.2 ملفا يوميا(بتقسيم العدد 1027 ملفا على 30 يوما شهرا)، ليفسر مدى تفاعل مستخدمي قطاع التربية مع مستجدات التحولات الاقتصادية، جراء سياسة التقشف وترشيد النفقات، التي مست صندوق التقاعد. إيداع 624 ملفا للتقاعد المسبق بغرب العاصمة وفي مديرية التربية لغرب العاصمة، تم - حسب مسؤولها السيد عبد الوهاب قليل- تسجيل إيداع 624 ملفا لطلب التقاعد المسبق عند إنهاء العملية في نهاية أكتوبر الماضي، منها 225 مدرسا ابتدائيا، 163 أستاذا في المتوسط، 78 أستاذا ثانويا، و64 إداريا، مشيرا إلى أنه تطبيقا للتعليمات الموجهة للمديرية القاضية بإعداد الخريطة المدرسية الجديدة، سيكون بحوزة المديرية متسع من الوقت لإعداد مخطط الموارد البشرية، وإعداد قائمة المستخدمين المطلوب استخلافهم. ولم ينف محدثنا تسجيل زحمة وضغط كبيرين، جراء توافد أعداد هائلة من المستخدمين دفعة واحدة على مكتب التقاعد بمقر المديرية، مما اضطره إلى تخصيص مكتب بإحدى المؤسسات التربوية لتوفير الراحة للمتوافدين ومستخدمي الإدارة. مديرية الجزائر وسط تشترط الترخيص من الوزارة على خلاف مديريتي التربية لشرق وغرب ولاية الجزائر، فإن مديرية الوسط التي زرناها لطلب معلومات وأرقام حول هذا الملف العادي، لم تستقبلنا ونصحتنا بإحضار رخصة من الوزارة الوصية، رغم أن هذه المعلومات محلية، ولا تتطلب هذه الإجراءات البيروقراطية التي تعيق عمل الصحفي في أداء مهامه. التقاعد أنواع للإشارة، هناك عدة أنواع للتقاعد، منها "التقاعد حسب السن الشرعي"، يشترط بلوغ العامل 60 سنة، واشتراك لمدة لا تقل عن 15 سنة، أما "التقاعد بدون شرط السن" فيكون بالاشتراك لدى الصندوق الوطني للتقاعد لمدة 32 سنة كاملة، إذ يمكن للعامل أن يتقدم يطلب الإحالة على التقاعد المذكور، وهنا يسقط شرط السن، بمعنى أنه حتى لو كانت للعامل أقل من 60 سنة يمكنه طلب التقاعد، ولا يمكن للمستخدم في هذه الحالة أن يحيل العامل إجباريا على التقاعد ما دام لم يبلغ سن الستين أما بالنسبة ل"التقاعد النسبي"، فيمكن للعامل أن يستفيد من هذا التقاعد بطلب منه إذا استوفى شرطين؛ هما بلوغ سن الخمسين على الأقل، إلى جانب الاشتراك لمدة 20 سنة على الأقل، فيما يعد "التقاعد المسبق" خاصا بالقطاع الاقتصادي وهو أن يبلغ العامل المعني بهذا الإجراء 50 سنة وعمل لمدة 20 سنة أو قام بالاشتراك لمدة 10 سنوات على الأقل.