ڑقدّم محمد حازرلي فيلمه الروائي الجديد "الدخلاء" أوّل أمس بقاعة "ابن زيدون" بديوان رياض الفتح في الجزائر العاصمة، وهو عمل يندرج ضمن احتفال الجزائر بخمسينية الاستقلال. ويتناول مجموعة من الأحداث التي قد تكون الثورة التحريرية قد شهدتها من خلال سيناريو يضمّ العديد من القصص، احتملت أن تتقاطع وقائعها وفق مسارات متشعبة، الأمر الذي جعل المخرج يسقط في الرتابة والحوار الممل. لم يوفَّق المخرج محمد حازرلي في إخراج عمل سينمائي مبني على متن درامي متماسك، ذلك أنّه استعان بسيناريو هشّ، يتّسم بالإطناب في الحوار والتكرار في سرد الأحداث، والفيلم الروائي الطويل مدّته ساعتان ونصف ساعة، وكان بمقدوره أن يجمع فكرته في أقلّ من هذا الزمن بكثير، ويتجنّب الوقوع في الرتابة ونفور المتفرّج. كتب السيناريو جمال الدين مرداسي، وفكرته الأساسية أن تلتحم مجموعة من القصص لعدد من الشخصيات في نسق درامي موحّد، حول موضوع الكفاح ضدّ المحتل الفرنسي، وموضوع التسامح والإنسانية، وهي فكرة محمودة غير أنّ العملية الإخراجية التي قام بها محمد حازرلي، أساءت للعمل بشكل ملفت رغم أنّ الدعامة التقنية كانت جيدة جدا، خاصة من حيث المشاهد والتقاط الصوت، لكنه فنيا فشل في تجسيد السيناريو بما يمكنه أن يجعل المتلقي متشوّقا لتتبّع أحداثه. ويمكن ضرب مثل في التكرار في مشهد كيفية تهريب شخصية الصائغ؛ حيث يتم الاتفاق على إرساله مع زوجين وكأنهما ابناه، يخبر والد الزوجة الصائغ، ويتّفق معه، ثم يذهب إلى والد الزوج ويتّفق معه، ثم يعود ليخبر الصائغ بموافقة والد الزوج، وهو المشهد الذي كان بالإمكان تجنّبه بإحالة المُشاهد على مشهد التهريب مباشرة، واختصار الحوار مع والد الزوج، الذي في كل مرة يظهر فيه يكرر الجملة نفسها التي مفادها "فرنسا الاستعمارية أخذت رجله في حربها ضد الألمان ولو كان بوسعي المساهمة لالتحقت بالجبل"، حتى تعب الجمهور. إنّ التكرار في الخطاب ضمن البناء الدرامي لوقائع الفيلم يُسقط المصداقية في أداء الممثلين، وكان أداؤهم متواضعا بشكل كبير باستثناء الممثل الذي أدى دور الطفل "كنزي" ومؤدي دور "فيفتا" عميل البوليس الفرنسي، والباقي لم يكن سوى قراءة لما حفظوه. وعلى غرار الأفلام الثورية الجزائرية لم يخل فيلم "الدخلاء" من مشاهد المعارك في الجبال، ولكنه عكس تلك الأفلام كذلك، لم يُبرز المخرج مظاهر البؤس والحرمان التي عرفها الشعب وقتها، بل ركز على الفئة المثقفة من الجزائريين، وهي الفترة التي تزامنت مع قرار الجنرال ديغول بإنشاء أحياء تجمع الكولون بالجزائريين على سبيل المساواة.