قدّم المخرج محمد حازورلي، أول أمس، بقاعة ابن زيدون بالعاصمة، العرض الأول لفيلمه الروائي الجديد الموسوم ب ”الدخلاء”، وذلك في إطار اختتام الأيام الدولية الأولى لفيلم المرأة. وفي لقاء مع الصحفيين، دافع المخرج عن خياراته فيما يخص الاستعانة بالممثلين ”الهواة” وبين إنجازه لفيلم بميزانية 12 مليار سنتيم وصفها بالأقل في حقل الإنتاج السينمائي الجزائري. انطلق الفيلم من محاولة كشف مزاعم الاستعمار الفرنسي بأن ”الجزائر فرنسية”، ليمنح الجمهور رحلة لمدة ساعتين وعشرون دقيقة، بين قصص مترفقة وحكايات صنعها أبناء الجزائر العميقة، حكايات من المدرسة الاستعمارية وكيف كبر أبناء الجزائر على حب الوطن، وقصص عن الانتقام من وحشية المستعمر، لكن الفيلم المنتج من قبل الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي وبدعم من وزارة الثقافة والمركز الوطني للسينما والسمعي البصري، لم يستطع أن يقود الأداء إلى بر الأمان السينمائي. برزت مشكلة الحوار بشكل واضح، كما طفت على الشاشة ملامح الخطاب الديماغوجي المباشر، حول الهوية الجزائرية، اليهود والتعريب، وأراد المخرج أن يسلّط الضوء على كل شيء حتى تاه منذ أول المشاهد في معركة خارج النص من حديثه عن ”العرب والإسرائيليين”، ”حوار الأديان” ولكنه تجاهل الحديث عن أمازيغية الجزائر. ليكون السؤال ”لماذا 12 مليار سنتيم من أجل إنجاز هذا الفيلم؟ قد تبدو الميزانية متواضعة مقارنة بأرقام الميزانية التي يتحصل عليه العديد من المخرجين الجزائريين من صندوق وزارة الثقافة لإنجاز أفلامهم، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يكون مبررا، فما قدّمته عدسة محمد حازورلي في إطار الاحتفال بخمسينية الاستقلال، كان أقرب من السلسلة التلفزيونية، وبدا أنه أراد أن ينقل الحكاية على طريقة فيلم ”دار سبيطار”، أين كان للطفل عمر الدور الأبرز في القصة،كما أوحت بذلك ”أفيش” الفيلم، وقد سقط الفيلم عدة مرات في الترهل التلفزيوني، لتتحول بعض مشاهده إلى سلسلة، وبعضها الآخر إلى فيلم تلفزيوني، وكان النص والحوار المشكل الأكبر الذي هزم الممثلين والمخرج معا، لتحكي الخاتمة فيلم ”تائه” بين العنوان، الفكرة الأساسية التي انطلق منها المخرج وكاتب النص وبين أداء الممثلين الذين كان منهم حوالي 30 ممثلا يقفون أمام عدسة الكاميرا لأول مرة. من هم الدخلاء؟ يدفعك المخرج في بعض المشاهد للإحساس بأنهم ”الأقدام السوداء”، ولكن سرعان ما يتحول الأمر إلى الشعور بأن المخرج يتحدث عن الاستعمار في حد ذاته، الدخلاء في بعض المشاهد أحيانا هم الشعب الجزائري وأحيانا هم الثوار الذين ظهروا في الفيلم بلا ملامح، مجرد مهزومين أمام ”الحرب العالمية الثانية” ومجرد حاملي السلاح في الجبال بلا دافع حقيقي نحو تحرير البلاد، ولكن برغبة كبيرة في الانتقام من المغتصب. نلمس العزف بين الأداء في اختيار الممثلين ”هواة” والموهبة، ولكن الأدوار كانت جد مقتضبة، وإن كان ما يحسب للفيلم الإضاءة وإدارة التصوير، كما أن الفيلم أعاد المخرج محمد حازولي إلى الإخراج بعد قرار الاعتزال سنة 2010، ولكنه في النهايةلم يصل بها إلى ذلك الشعور بأهمية ”التعايش السلمي”، كما قال المخرج حازورلي أنه صنع الفيلم لهذه الرسالة. المخرج محمد حازورلي ”لا نعمل في الجزائر في ظروف العمل السينمائي” قال المخرج محمد حازورلي، إنه أنجز الفيلم في ظروف صعبة جدا، مشيرا إلى أن الإنتاج السينمائي في الجزائر لا يزال يواجه عدة مشاكل وصعوبات، وأنه لا يمكن العمل في مثل هذه الظروف السينمائية. وأضاف أن الفيلم قدم الصوت من بلاطو التصوير، وأن إعادة تصوير المشاهد عملية جد صعبة في ظل غياب مدن للإنتاج السينمائي في الجزائر، مما يضطرهم لبناء الديكور وشراء الأكسسوار بأسعار جد غالية، وأكد المخرج حازورلي، أن السينما هي الصورة والقصة. مشيرا إلى أنه اقتنع بشكل كبير بالنص الذي قدّمه السيناريست جمال مرداسي، وأنه ظل يرفض العديد من الأعمال والنصوص التي تقدّم له في وقت سابق. وأوضح حازورلي أن الممثلين في هذا الفيلم كلهم جزائريين، حيث قرّر منح الفرصة لعدة ممثلين يقفون لأول مرة أمام الكاميرا فيلم سينمائي.