صيحة من الأوراس الأشم، إلى عاصمة الهضاب الغربية، من المكان الذي انطلقت به أول رصاصة للثورة المظفرة، عطفا على مقاومة الأمير عبد القادر، هي الأحداث والتواريخ التي تركت بصمتها على كفاح الشعب الجزائري، هو عناق بين الشرق والغرب على جسور المحبة والتواصل بقسنطينة، عاصمة الثقافة العربية 2015. في أيام الثقافية والإبداع، أيام التعريف بالتراث المادي واللامادي، كانت فرصة لإبراز ما تزخر به الجزائر من ثراء ثقافي، فكان اللقاء بين عاصمة الشاوية، البربر الأمازيغ، هي الكاهنة في أحلى صورها، يوغرطا وماسينيسا رمزا المقاومة والبسالة، بن بولعيد أسد الجبال، هي باتنة وتموقادي، مدا جسورا لمعانقة جنة الحصان الأصيل، عاصمة الرستميين التي احتضنت المؤرخ والعالم الفذ، عبد الرحمان بن خلدون، صاحب كتاب "المقدمة" في علم الاجتماع، ولاية تيارت أو تيهرت وبلغة البربر هي اللبؤة، ملكة الغابة في أسمى تجلياتها، من يقول تيارت، يقول علي الحامي ويقول جاك بار والشاعر محمد بن طيبة، ولا ينسى الشهيد علي معاشي. انطلق مساء أول أمس بقاعة العروض الكبرى، أحمد باي، الأسبوع الثقافي المحلي لولايتي باتنةوتيارت، في إطار فعاليات تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، حيث أشرف على تشدين معرض الولايتين كل من مدراء الثقافة لولايات قسنطينة، باتنةوتيارت وممثل الديوان الوطني للثقافة والإعلام. وضم جناح المعارض المخطوط بلدية سيدي الحسني، صناعة السروج وألبسة رجالية لبلدية السوقر، نسيج وزرابي بلدية الشلالة، اللباس النسائي التقليدي وأكلات شعبية من بلدية قصر الشلالة، فن المكرمي لبلدية تيارت، لمحة عن كتاب الولاية مع بيع بالإهداء للكاتب عمار بلخوجة، الفنون التشكيلية والنحت على الخشب والعظام، الخط العربي لبلدية فرندة. جناح السمعي البصري لتيارات هو الآخر بث محاضرة عبر الأثير، حول المواقع الأثرية والخريطة الثقافية لمديرية الثقافة ومعلم الولاية رقم 14 في الترقيم الإداري. من جهته، ضم جناح ولاية باتنة العديد من المعارض على غرار معرض اللباس التقليدي، الأكلة التقليدية، الحلي التقليدية، الفنون التشكيلية، الخط والزخرفة الإسلامية، الصور الفوتوغرافية وورشات فنية. سهرة فنية مزجت بين الأصالة والعصرنة وكان انطلاق الأسبوع الثقافي باستعراضات فلكلورية، حيث شاركت فرقة عبد القادر الجيلالي من بلدية واد ليلي (تيارت) في صنع لوحات فنية شعبية وتقليدية مميزة من خلال الاستعراضات في طابع الحلقة التي قدمتها رفقة فرقة البدوي الدحموني. أما من ولاية باتنة، فقد صنعت كل من جمعية نجوم الأوراس، جمعية الكاهنة، جمعية طبنة للفنون الشعبية، جمعية الرفاعة للبارود مروانة وجمعية ودادية الشباب، أجواء مميزة ببهو قاعة العروض، أحمد باي قبل انطلاق السهرة الفنية، تفاعل معها الجمهور الحاضر خاصة عند إطلاق دوي البارود.واستهل الشيخ عبد الله التيارتي، الحفل الفني الساهر الذي احتضنته القاعة الصغرى (300 مقعد)، حيث قدم طبقا فنيا دسما من خلال الأغاني الشعبية المشهورة بمنطقة تيارت، رافقه فنانون منهم الأول عازف على الناي والثاني على آلة الطبل. وقدم بعض الأغاني المعروفة في فن البدوي، وبدأها بكلمات تغزل فيها بتيارت ومن بينها: "تيارت مدينة من القدم فيها كم من معالم وإذا تزورها لا تنسى لجدار..". ثم غازل قسنطينةوباتنة بأغنية مهداة لهما، وأدى أيضا أغنية للشيخ رابح درياسة بعنوان "سالو دموعي"، وهي الأغنية التي تفاعل معها الجمهور بالتصفيق والزغاريد، خاصة من طرف طلبة الإقامات الجامعية بعلي منجلي الذين أضفوا نكهة مميزة على الحفل وصنعوا أجواء حماسية. واستمع الجمهور بإمعان إلى المعزوفات التي قدمها العازف الباتني، جزار على آلة القيثار، كما استمتع بالوصلات الفنية التي قدمتها فرقة "كوراج" (شجاعة) من بلدية السوقر بولاية تيارت، وهي الفرق التي صالت وجالت عبر الوطن، ونالت المركز الثالث في المهرجان الوطني للأغنية الملتزمة، حيث قدمت الفرقة المكونة من 5 فنانين شباب، مجموعة من الأغاني التراثية في قالب عصري باستعمال الآلات الحديثة على غرار القيتارة الكهربائية و"السانتي". وغنت الفرقة "الغربة"، "لالا تركية" و"أواه أواه جيت نشوف قسنطينة". من جهتها، قدمت ولاية باتنة العديد من الوجود الفنية الشابة الرجالية والنسائية، التي أدت الأغنية الأوراسية العصرية رفقة فرقة شيليا، حيث أدى الشاب حليم صحراوي في طابع الشاوي "روحي وأرواحي يا بنت بلادي"، "عجبوني عينيك يا مولات الخانة"، وذكر الحضور من خلال أدائه وتحركاته فوق المنصة بالراحل الشاب عزيز. أما المطربة نورة بخوش المعروفة باسم نورة الشاوية التي كانت متميزة بلباسها التقليدي الشاوي، فقد أدت "جات القهوة جات" و"لهوى وذرارا"، وختم السهرة الفنية، أمير الأغنية العاطفية الشاوية، الشاب ماسينيسا، الذي صنع أجواء متميزة من خلال الريتم العالي الذي فرضه داخل القاعة وجعل الجمهور يتجاوب معه بالتصفيق والرقص وأدى "أزول أفلاون" و"واها تويزة توزية". وستستمر السهرات الفنية طيلة الأسبوع الثقافي إلى غاية يوم الخميس المقبل مع العديد من الوجوه الفنية المعروفة على غرار الشاب حميد بلبش، نصر الدين حرة، كلثوم الأوراسية والوجه التلفزيوني المعروف، فغولي حمزة أو كما يشتهر بشخصية "ماما مسعودة"، الذي برمج عرضا فكاهيا لفائدة الأطفال. حضور مميز للشعر الفرصة كانت مواتية لتقديم الكلمة الطيبة من خلال القصائد الشعرية لكل من عيسى بن زعلان (تيارت)، الذي قدم قصيدة شعبية تناول فيها أعلام الفن الجزائري في تكريم أدبي لهذه الفئة التي قدمت الكثير للأغنية الأصيلة، وهي قصيدة كما قال، مشروع طبق فني في شكل ملحمة، مطلعها: تحية تقدير عزة وعرفان لجميع السادة شيوخ وفنانين وجب في القصيد نكرم لخوان منهم اللي مات والباقي حيين نهدي هذا التكريم من مهد الفرسان تيارت في التاريخ يا كم سنين معاشي فيها كان واحد من الأعيان شخصية ما بين كبرى ميازين متحضر أنيق أديب وفنان استشهد وراه بجوار الصديقين غنى للأجيال وانشر البيان أنغام الجزائر تشهد باليقين ومن أروع ما غنى يا ناس أماهو حبي المختار يا ناس أماهو عزي الأكبر لو تسألوني نفرح ونبشر ونقول بلادي الجزائر بلادي الجزائر من تيارت وأرواح لمدينة وهران مهد الأصالة وزيد اللحن الزين شاعت بالباهية في قديم من دار الزمان شعراء وشيوخ فيها مذكورين نذكر اللي راه اليوم ضيف الرحمان كنز التراث وهبي شيخ العاصرين برز في كل بلاد بصوتو رنان شخصية وقدر وهبي كان رزين إلى أن قال في تنقله بين فناني الغرب إلى الوسط، الصحراء والشرق: زور قسنطينة وتجول في أمان صوت الفرقاني تسمعوا في الحين أستاذ المالوف وردة في بستان خلى مدرسة تخلفوا في الحين قسنطينة باهية وتفاجي الأحزان جاني منها صوت شبهتو للمقنين صوت الفرقاني أستاذ الكمان صوتوا العفريت ما منوش اثنين. من جهته، قدم الشاعر الباتني، شعبان عبد السلام، خلال هذه الأمسية الثقافية بعض القصائد، استهلاها بقصيدة شعبية بعنوان "يا جزاير طاب نومك للعرب"، قال في مطلعها: يا جزاير طاب نومك للعرب وبيتك واسع في أحضان ضمينا يا حرة الأحرار حبك فاق الحب وبحبابك في هذا العام يا ما لاقينا ومن جيت لدارنا جوز وقرب وفي الجزاير غير حط رحلك أخينا أهلا وسهلا بيك والكل يرحب وهذا وطنك صح حقا يقينا وطن المعجزات معروف إذا هب وشعب التضحيات يشهد ماضينا واقرأ في التاريخ عنا واش اكتب وتاريخ الأمجاد صنعو بأيدينا فوتنا سنين إرهاب ومرهب وتجرعنا المر، متنا وأحيينا وجفانا الصديق والكل تقلب وخلي اللي قالوه فينا يكيفينا لو نحكي ما صار تبقى تستعجب وطوينا هاذ الصفحة ما نسينا يا جزاير هذه السنة للعرب ثقافات وكنوز ليها حنينا دعوة خونا لازمة عندنا واجب واللي لبى جاء حتما يشتينا جيناكم من باتنة عن طيبة قلب ومعروفين ملاح يا أهل قسنطينة سمير مفتاح، ممثل الديوان الوطني للثقافة والإعلام: هو تزاوج ثقافي وحضاري بين ولايتين عريقتين وصف سمير مفتاح، ممثل الديوان الوطني للثقافة والإعلام، الأسبوع الثقافي لولايتي باتنةوتيارت، بأسبوع الأصالة والتمدن. وقال خلال كلمة افتتاحية التظاهرة "هما ولايتان عريقتان، يحملان بين طياتهما العديد من المعالم الثقافية والحضارية من التاريخ المادي واللامادي، كانت الفرصة سانحة للإطلاع من خلال المعارض على تراث المدينتين التي نتمنى أن يعكسها الإعلام الثقافي، وأن يتمكن سكان قسنطينة من مشاهدة هذا الجمال الحاضر في فعاليات الأسبوع الثقافي للولايتين. هي فرصة لاكتشاف الجزائر كل يوم، من خلال التراث وهذا الجمال المتجذر في أعماق التاريخ والثقافة التي نعتبرها وسيلة لتقريب الرؤى وجمع كل الأطياف، وقفنا اليوم حقيقة على تمازج حضاري وتزاوج بين الولايتين في إطار الأسابيع الثقافية لقسنطينة عاصمة الثقافة العربية التي تبقى مستمرة بفضل المثقفين والمبعدين المشاركين فيها". سحنون محمد، رئيس وفد ولاية تيارت: "حملنا زخما ثقافيا هاما من تيارت لنعرّف جمهور عاصمة الثقافة العربية به" أكد سحنون محمد، رئيس وفد ولاية تيارت المشارك في فعاليات الأسبوع الثقافي المحلي بعاصمة الثقافة العربية، أن ولايته شاركت بوفد هام، حمل معه الموروث المادي واللامادي الذي تزخر به المنطقة من مواقع أثرية على رأسها خلوة المفكر وعالم الاجتماع، عبد الرحمان بن خلدون، وكاف بوبكر. كما جاءت الولاية الغربية حسب المتحدث لتعرف بأهم أعلامها، إضافة إلى فرق بدوية عرفت بالفن البدوي الأصيل، مضيفا أن تيارت حملت معها زخما ثقافيا يعرف بعادات وتقاليد المنطقة قصد التعريف به لجمهور قسنطينة، عاصمة الثقافة العربية. بوقندورة عبد الله، مدير الثقافة لولاية باتنة: هي فرصة سانحة للاحتكاك بين المثقفين الجزائريين أعرب بوقندورة عبد الله، مدير الثقافة بولاية باتنة، عن سعادته الكبيرة وهو يشارك رفقة وفد ولايته، في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة لعربية، وقال في دردشة مع جريدة "المساء"، عقب نهاية حفل الافتتاح عن سعادته بهذه المشاركة التي اعتبرها "فرصة للتقرب من الجمهور القسنطيني والتعريف بالثقافة الأوراسية التي أظن أنها منتشرة حتى بقسنطينة، هي فرصة لنحتك بوفد ولاية تيارت وأن يكون هذا التبادل الثقافي الداخلي في إطار تظاهرة ثقافية كبرى، نسعى من خلالها لإبراز ثراء الجزائر من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، هو لقاء بين ولايتين من الهضاب، يشتركان في البعد التاريخي والمستقبل المشترك". حمزة فغولي (ماما مسعودة): سعداء بلقائنا مع فناني باتنة أكد الممثل الفكاهي، حمزة فغولي المشهور باسم ماما مسعودة، أن مثل هذه اللقاءات، هي فرصة سانحة للاحتكاك بين الفنانين. وقال في دردشة مع "المساء"، إن هذه الأسابيع المحلية، تساهم في مد جسور التواصل بين المبدعين والفنانين الجزائريين فيما بينهم، لمعرفة آخر الأخبار ولما لا التخطيط لمشاريع فيما بينهم. وقال حمزة فغولي، إن الفنان الجزائري مثل الجندي، يلبي الدعوة كلما طلب منه وأنه وطني إلى أبع الحدود، ليوجه نداء إلى السلطات المعنية للاهتمام أكثر ببعض الفنانين اللذين يعانون من التهميش ويعيشون وضعية اجتماعية صعبة. الشاب ماسينيسا: نفتخر بالمشاركة في تظاهرة عاصمة الثقافة العربية أعرب المطرب الشاوي، ماسينيسا، عن افتخاره بالمشاركة في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، وقال مسينيسا "نحن لا نخجل كأمازيغ بمشاركتنا في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، واعتبر تعدد الثقافات في الجزائر، هو ثراء لها وهذا يدل على شساعة البلد وتنوعه الثقافي، والذي أرى أنه يشكل مصدر قوة. جئنا لعاصمة الثقافة العربية لنقول كلمتنا، ولنبرز مدى تطور الفن الأمازيغي وانتشاره. هي فرصة للقاء الجمهور القسنطيني وأهلنا من ولاية تيارت، كما أنها فرصة تمكننا من تسليط الضوء على أعمالنا الجديدة، وأتمنى التوفيق للقائمين على هذه التظاهرة الكبرى التي تعتز بها الجزائر".