توقفت عقارب الساعة لدى السلطة الفلسطينية وهي تراقب باهتمام بالغ التطورات الداخلية على الساحة السياسية الإسرائيلية وانتظار معرفة من سيخلف رئيس الوزراء ايهود اولمرت الذي أرغمته فضائحه المالية على تقديم استقالته من على رأس حزب كاديما. ويستعد حزب كاديما الحاكم في إسرائيل بعد غد الأربعاء لإجراء انتخابات داخلية لاختيار زعيم جديد له خلفا لايهود اولمرت المتابع قضائيا في عدة قضايا فساد ورشوة اضطرته الى وضع نهاية لمستقبله السياسي. ففي الوقت الذي اقتربت فيه ساعة الفصل اشتدت فيه المنافسة بين المرشحين الأربعة لرئاسة حزب كاديما وبصفة خاصة بين خريجة جهاز المخابرات الاسرائيلي الموساد ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير الدفاع السابق شاؤول موفاز. وبينما تبدي فيه تسيبي ليفني ثقة بالنفس بسبب تفوقها في استطلاعات الرأي ضد وزير الدفاع السابق ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي لجأ موفاز في الفترة الأخيرة إلى التلويح بعنصرية الإسرائيليين من أصول غربية "الإشكناز" لتبرير سوء حظه في استطلاعات الرأي العام. والواضح من نتائج استطلاعات الرأي فان تسيبي ليفني تبقى الأوفر حظا مقارنة بشاؤول موفاز لخلافة أولمرت على رأس حزب كاديما ثم التوجه لمنافسة زعيم حزب الليكود بنيامين نتانياهو في حالة إجراء انتخابات مسبقة في اسرائيل. ومهما كان الفائز في الانتخابات الداخلية لحزب كاديما فإن ايهود اولمرت تعهد بتقديم استقالته من مهامه بمجرد انتخاب خليفة له ولكن ذلك لن يمنعه من مواصلة مهامه على رأس حكومة الاحتلال لفترة انتقالية إلى غاية تشكيل حكومة جديدة. وتأتي استقالة اولمرت بعد أشهر من استئناف عملية السلام مع الطرف الفلسطيني لتزيد من تعقيد هذه المفاوضات التي لم تحقق أي تقدم يذكر بل أن كلا من السلطة الفلسطينية وإدارة الاحتلال مدركان لحقيقة استحالة التوصل إلى أي اتفاق سلام قبل نهاية العام الجاري كما سبق والتزمت بذلك إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش وذلك. ولكن السلطة الفلسطينية ورغم إدراكها لأن المهمة لن تكون سهلة مع خليفة اولمرت باعتبار أن من سيخلفه سيكون اقل ميولا منه لبلوغ السلام مع الفلسطينيين إلا أنها أعربت عن إرادتها في مواصلة مفاوضات السلام مع خليفة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت مهما كانت توجهاته. وقال نمر حامد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني أنه في ظل التغييرات التي تشهدها إدارة الاحتلال فانه أصبح من الواضح جدا عدم إمكانية التوصل إلى أي اتفاق سلام مع إسرائيل قبل نهاية العام الجاري. وأضاف أنه يجب انتظار من يخلف اولمرت على رأس حزب كاديما لأن هناك العديد من التيارات داخل هذا الحزب في إشارة إلى التنافس المحتدم بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني المعروفة ببراغماتيتها في التعاطي مع ملف القضية الفلسطينية ووزير الدفاع السابق شول موفاز. وجدد المسؤول الفلسطيني رفض السلطة الفلسطينية للتوقيع على أي اتفاق جزئي أو مؤقت حيث أشار إلى أن عامل الوقت لن يدفع الفلسطينيين بالقبول بأي اتفاق قبل مغادرة اولمرت أو انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي جعل من قضية تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إحدى أهم أولوياته خلال عهدته الثانية. ويبدوا ان مفاوضات السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ستفقد بوصلتها مع مغادرة رئيس الوزراء ايهود اولمرت الذي يريد التوصل إلى اتفاق مبادئ مع الفلسطينيين يتضمن الاتفاق على طبيعة لدولة فلسطينية مستقلة من حيث الحدود والقضايا الأمنية وإخلاء المستوطنات ومستقبل مدينة القدسالمحتلة. ولكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يرفض ابرام أي اتفاق لا يتضمن تسوية نهائية لجميع قضايا الوضع النهائي وعلى رأسها القدس وعودة اللاجئين وهو الأمر الذي ترفضه إسرائيل التي تعتبر ان العودة الفلسطينيين المهجريين إلى قراهم وبلداتهم الأصلية سيشكل تهديدا لأمنها.