تأزمت الأمور من حول الوزير الأول الإسرائيلي إلى درجة أن كل المتتبعين داخل اسرائيل وخارجها أجمعوا على التأكيد أن أيام إيهود أولمرت أصبحت معدودة على رأس الحكومة الإسرائيلية وأصبح أولمرت هذه الأيام بمثابة الحلقة الأضعف في هرم سلطة الاحتلال بعد أن لاحقته فضائحه بتعاطيه الرشوة من رجل أعمال أمريكي يوم كان وزيرا للصناعة والتجارة. وتعيش الساحة السياسية الاسرائيلية منذ أيام على وقع الفضيحة التي انفجرت في سياق سلسلة فضائح مالية وأخلاقية تورط فيها مسؤولون اسرائيليون بمن فيهم الرئيس موشي كاتساف الذي تورط في فضيحة تحرش جنسي ضد سكرتيرته الخاصة. وإذا كان حزب كاديما الذي يتزعمه الوزير الأول الاسرائيلي بقي يلملم أوضاعه لمواجهة إعصار فضيحة أولمرت فإن خصمه اللدود إيهود باراك رئيس الحزب العمالي بدأ يعد العدة للفوز برئاسة الحكومة الإسرائيلية. وبلهجة الواثق من نفسه أكد إيهود باراك أن حزبه على أتم الاستعداد لخوض أية انتخابات عامة مسبقة على خلفية فضيحة الرشوة مثار الجدل في الأوساط السياسية والاعلامية الاسرائيلية. وقال باراك إن الحزب العمالي سيكون القوة السياسية الأولى في البلاد بعد تشويه صورة حزب "كاديما" الذي خرج من رحم العمال قبل ثلاث سنوات. وأضاف وزير الدفاع الاسرائيلي المعروف بمواقفه العنصرية المعادية للفلسطينيين والعرب أن حزبه يجب أن يستعد لهذه الانتخابات من منطلق أن انتخابات مسبقة يمكن تنظيمها بشكل مفاجئ ويتعين الاستعداد لها بكل جدية. وجاءت تصريحات إيهود باراك في وقت زادت فيه التكهنات باحتمال تقديم الوزير الأول إيهود أولمرت استقالته من منصبه "تفاديا لتوقيفه عن مهامه من طرف القضاء الإسرائيلي. وطغت حالة الترقب في كل اسرائيل أمس حول النهاية التي تنتظر الوزير الأول وخاصة في ظل التكتم الذي التزمه محققو الشرطة في هذه القضية التي بدأت تتفاعل منذ خمسة أيام دون أن تكشف عن كامل خيوطها، وهو الموقف الذي التزمته العدالة الإسرائيلية من جهتها تفاديا لأي تضخيم إعلامي. وكان أولمرت خضع نهار الجمعة لأطول جلسة استنطاق من طرف المحققين لمعرفة ملابسات هذه القضية التي هزت كيان الاحتلال الإسرائيلي موشي كاتساف. وتلاحق أولمرت فضيحة استفادته من تسهيلات مالية غير مبررة من رجل الأعمال الأمريكي، وصاحب أكبر فنادق في العالم مايكل كدوري يوم كان وزيرا للصناعة والتجارة في حكومة سابقه آرييل شارون. واستفاد إيهود أولمرت حسب بعض التسريبات التي أبت صحيفة "هارتس" الواسعة الانتشار على نشرها من تخفيضات معتبرة رفقة زوجته في أحد فنادق رجل الأعمال المذكور بمدينة نيويورك قبل منحه شقة فخمة ووضع سيارة تحت تصرفه. وإذا كانت الطبقة السياسية الاسرائيلية بدأت تفكر في خليفة أولمرت فإن هذه الفضيحة ستكون لها من جهة أخرى انعكاسات مباشرة على الفلسطينيين الذين مازالوا يتعارضون مع الوزير الأول الحالي وهو الذي لم يعد يفكر سوى في الكيفية التي تخلصه من تبعات هذه الفضيحة. ويمكن القول أن الفلسطينيين في حال تأكد تورط أولمرت سيدفعون ثمن خشية العودة إلى نقطة البداية بخصوص مفاوضات السلام وفي جولات قد تكون الأصعب في حال فوز إيهود باراك برئاسة الحكومة وهو الذي طالب بإعادة احتلال قطاع غزة لمعاقبة سكانه بسبب حركة المقاومة الاسلامية "حماس".