يضمن مشروع القانون الذي يحدد شروط وكيفيات منح الامتياز على الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة والموجهة لإنجاز مشاريع استثمارية، حماية أفضل للملك الوطني من تلاعبات المضاربين، مع ضبط قائمة الأراضي غير القابلة للتنازل وضمان تحصيل مداخيل لفائدة الدولة، كما يمنح مزايا أكبر للمستثمرين، لا سيما من خلال تمديد فترة منح الامتياز التي قد تصل إلى 99 سنة. ويأتي مشروع هذا القانون الذي جاء عن طريق أمر رئاسي صدر أول أمس في الجريدة الرسمية، في انتظار المصادقة عليه من قبل نواب الشعب في البرلمان، ليشجع المستثمرين الحقيقيين ويدعم حقوقهم بينما يسد الطريق في المقابل أمام المضاربين ورؤوس الأموال الطفيلية. وينص الأمر الجديد أساسا على تعزيز الاستثمار من خلال منح حق الامتياز لمدة أدناها 33 سنة قابلة للتجديد وأقصاها 99 سنة، في حين كان القانون السابق الصادر في 30 أوت 2006 يحدد هذه المدة ب20 سنة. كما يسمح بإبقاء الأرضية التي يقام عليها المشروع الإستثماري ملك للدولة التي تقوم بدور المنظم، وتعمل على تثمين عقاراتها من خلال تحصيلها الدائم للأتاوى مقابل منح حق الامتياز، وبالتالي المساهمة المنتظمة والمتواصلة في دعم مداخيل الدولة. ومن التدابير التي جاء بها الأمر تكريس الطابع الاستثنائي لنظام التنازل عن الأراضي الخاصة التابعة للدولة، حيث تستثنى الأراضي الفلاحية والأراضي الواقعة داخل المحيطات المنجمية أو محيطات التنقيب واستغلال المحروقات والمواقع الأثرية ومساحات حماية المنشات الكهربائية والغازية والقطع المتواجدة داخل مساحات المواقع الاثرية والثقافية، وكذا الأراضي الموجهة لترقية البناء والعقارات المستفيدة من دعم الدولة، من قائمة الأراضي الموجهة لانجاز المشاريع الاستثمارية، بينما يمنح الامتياز وفق صيغتي المزاد العلني أو التراضي، وبترخيص من الوزارة المؤهلة قطاعيا أو الوالي في بعض الحالات، ومن مجلس الوزراء باقتراح من المجلس الوطني للاستثمار في حالات أخرى. ويمنح الامتياز على أساس دفتر أعباء عن طريق المزاد العلني المفتوح أو المقيد أو بالتراضي فيما يخص الأراضي التابعة للدولة والخاصة بالمؤسسات والهيئات العمومية والأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للقانون الخاص، لحساب مشاريع استثمارية وبشرط احترام قواعد التعمير المعمول بها. كما يرخص منح الامتياز بالتراضي من مجلس الوزارء وباقتراح المجلس الوطني للاستثمار للمشاريع التي تكتسي طابع الأولوية والأهمية الوطنية والمشاريع التي تشارك في تلبية الطلب الوطني على السكن والمحدثة لمناصب الشغل أو القيمة المضافة وكذا المشاريع التي تساهم في تنمية المناطق المحرومة أو المعزولة، ويمكن في هذه الحالة أن تستفيد المشاريع من تخفيض من مبلغ الإتاوة الايجارية السنوية المحددة من إدارة أملاك الدولة. وعملا على توحيد كيفيات تسيير أملاك الدولة ينص الأمر الجديد على إخضاع الأصول العقارية المتبقية للمؤسسات العمومية المنحلة والأصول الزائدة للمؤسسات العمومية الاقتصادية إلى صيغة الامتياز غير القابل للتنازل. وفيما يعطي المشروع الجديد للمستفيد الحق في الحصول على رخصة البناء، يسمح في المقابل بإنشاء رهن رسمي لصالح هيئات القرض على الحق العيني العقاري الناتج عن الامتياز وكذا على البنايات المقرر إقامتها على الأراضي الممنوح امتيازها وذلك لضمان القروض الممنوحة لتمويل المشروع الذي شرع في تجسيده. ويتضمن النص إجراءات ردعية تترتب على كل إخلال من طرف المستفيد من الامتياز للتشريع الساري المفعول وعدم التزامه بالقواعد التي يتضمنها دفتر الأعباء، ومن أهم هذه الإجراءات إسقاط حق الامتياز لدى الجهات القضائية المختصة بمبادرة من مدير أملاك الدولة المختص إقليميا. للإشارة فإن الأمر الجديد يأتي ليجيب عن جملة من النقائص كان قد أثارها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في خطابه أمام رؤساء المجالس الشعبية البلدية في 26 جويلية الماضي، حيث انتقد طريقة تنازل الدولة عن المؤسسات والعقارات، مشيرا إلى تنصل بعض المستفيدين من التزاماتهم الاستثمارية واللجوء بعد ذلك إلى بيع العقار الصناعي في شكل قطع أرضية موجهة لأغراض بعيدة عن وجهتها الأصلية. وتنسجم التدابير التي احتواها هذا الأمر الجديد مع رؤية جديدة تتبناها الدولة لتنظيم واقع الاستثمار في الجزائر على ضوء الانتقادات التي وجهها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطابه أمام رؤساء المجالس الشعبية البلدية، حيث تحدث عن ثغرات في السياسة الاستثمارية المطبقة منذ سنوات، وأمر الحكومة باتخاذ تدابير لإصلاح الوضع.