دعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة إعادة النظر في سياسة إعادة تأهيل المؤسسات الوطنية التي أثبتت فشلها وتسطير استراتيجية لترقية ومرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوجيهها للطريق الصحيح من أجل تقوية الإنتاج الوطني والتقليل من فاتورة الاستيراد. اعتبر السيد عبد اللاوي خبير اقتصادي أن الوضعية الاقتصادية الحالية بحاجة إلى دراسة ميدانية حول واقع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لمعرفة نقاط ضعفها والتمكن من تشخيص الخلل فيها، فبعض المؤسسات تعاني من قلة الأموال، وأخرى من قلة التجربة في حين تعاني أخرى من الخسائر التي تكبدتها جراء استثمارها في منتوجات لم تلق إقبالا في السوق، وحسب المتحدث الذي تدخل في الندوة التي نظمت بمنتدى جريدة "المجاهد" بالجزائر أمس حول "تقييم الوضع الاقتصادي"، فإن البرنامج الحالي المسطر من أجل تطوير أداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا يمكن أن يحقق نتائج ايجابية ما دامت الأسباب الرئيسية لفشل هذه المؤسسات تبقى غير معروفة وهو ما يتطلب إنجاز دراسة لمعرفة كل الجوانب الخفية لذلك. كما أكد الخبراء خلال هذه الندوة أهمية توفر إرادة سياسية واتخاذ الحكومة لقرارات سيادية من أجل ضبط السوق والتحكم في كل مؤشراته لأنه لا يمكن الحديث عن مؤسسات كبيرة في غياب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأشار المشاركون في الندوة إلى إمكانية الاستعانة بالخبرة التكنولوجية الأجنبية في مخطط الإنعاش الاقتصادي لاستدراك التأخر الذي عرفه القطاع وتغيير وجهة السوق العمومية من خلال التوجه للمقاولات واختيار استثمارات تتماشى مع القدرات المحلية للبلاد. في الوقت الذي لا تزال فيه الاستثمارات بالجزائر ضعيفة جدا مقارنة ببعض الدول حيث تحتل الجزائر المرتبة 124 في قائمة الدول التي تتوفر على استثمارات أجنبية مباشرة، ويرجع ذلك حسب هؤلاء إلى العراقيل التي تواجه المستثمرين على مستوى البنوك رغم بعض التسهيلات التي تمنحها الدولة لتشجيع الاستثمارات المنتجة ومن ثم التقليص من فاتورة الاقتصاد حيث يتوقع الخبراء أن تصل هذه فاتورة الاستيراد في نهاية السنة الجارية (2008) إلى " 43 مليار دولار" . من جهته ألح السيد زعيم بن ساسي رئيس المجلس الوطني الاستشاري لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على إيلاء الأولوية للمؤسسات المحلية بدل المؤسسات الأجنبية التي لها فروعا ببلادنا على المستثمرين ومؤسسات الدولة للتعامل معها لتمكينها من الربح والسيطرة على حصص مهمة في السوق باعتبار أن المؤسسات الأجنبية الموجودة بالجزائر معظمها مؤسسات تجارية للخدمات وليست منتجة وأرباحها لا تستفيد منها الجزائر، مشيرا إلى أن كل 1 دولار تستثمره هذه المؤسسات تربح منها ما يعادل 10 دولارات. وفي هذا الصدد اقترح المتدخلون تخصيص نسبة من عائدات المنتوج الداخلي الخام لتطوير ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعمل تدريجيا على خلق مؤسسات جديدة. وعلى صعيد آخر قال المتحدث أنه بات من الضروري تصحيح استراتيجية التكوين في الميدان الاقتصادي خاصة فيما يتعلق بالمقاولة لاستدراك ما تم تضييعه من قبل خاصة في المجال الفلاحي وعدم الاستغلال الناجع للأراضي الفلاحية بسبب غياب التكوين.