"ماتزيدليش أنا صايم".. "روح اخطيني الصيام وتزيدلي انت!" عينتان من العبارات التي تعودنا سماعها حيثما وجدنا خلال شهر رمضان الكريم، هذا الشهر الذي يفترض أن يتحلى فيه المسلم الصائم بضبط النفس والتسامح وغض البصر وحفظ اللسان عما هو مشين من الألفاظ، وغيرها من التصرفات غير اللائقة في سائر أيام السنة فما بالنا في رمضان.. لكن الحقيقة المعيشة هي غير ذلك، إذ ما يؤسف له حقا هو تحول بعض الأشخاص بمجرد حلول الشهر الفضيل، الى كتلة من النرفزة والقلق يكون الواحد منهم في أية لحظة في أتم الاستعداد للتهجم على الناس وخوض "المعارك" في الأسواق والشوارع العمومية وأماكن العمل ومع أسرته وهو يقود السيارة، والأخطر في كل هذا، هو إلقاء اللوم على "الصيام" في كل مرة، فهل يعقل ان نحمل شهر رمضان كل مظاهر العنف اللفظي والجسدي التي أصبحت شوارعنا مسرحا لها؟ ولأن حالات القلق وعدم التحكم في الأعصاب وضبط النفس التي ليست من خصال المسلم، لا تولد إلا ما هو سلبي، فإن العواقب المسجلة خلال هذا الشهر مع الأسف وخيمة، إذ ترتفع فيه حوادث المرور والاعتداءات والتشاجر تصل إلى حد استعمال السلاح الأبيض، وقد بلغت في بعض الحالات درجة القتل، وما تستقبله أقسام الاستعجالات بمستشفياتنا من حالات يوميا، خير دليل على ذلك، فمتى يعي عامة الناس دون استثناء، أن رمضان بريئ من كل ما ينسب إليه من تصرفات غير مقبولة، فرصة لتربية النفس وإطفاء شرارة الغضب والقلق والعناد، واستبدالها بفضائل شهر التوبة والغفران.