ربما لم يكن أنصار مولودية الجزائر يتوقعون توجه مسيّري ناديهم إلى الاستنجاد بالمدرب يونس إفتسان لكي يخلف إيغيل مزيان الذي تمت إقالته من العارضة الفنية، بل إن عودة هذا التقني إلى تشكيلتهم تُعد مفاجأة لهم، علما أن إفتسان كان قد قاد فريق العميد في 1998 وحصل معه على المركز الثاني في البطولة، بالإضافة إلى وصول الفريق إلى غاية نصف نهائي كأس الجزائر. ... لكن هذا الاختيار الذي وقع عليه إجماع أعضاء مجلس إدارة مولودية الجزائر يُعد منطقيا إلى أبعد الحدود في نظر متتبعي الشأن الكروي ومسيرة العميد في البطولة، ذلك أن إفتسان كثيرا ما نجح في المهمات التي أُسندت له في المواسم الفارطة، مثل تتويجه مع الفريق الوطني العسكري باللقب العالمي في دورة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد ساهم إفتسان، بشكل كبير، في تجديد قوة التشكيلة العسكرية بعد فشلها بأكرانيا في السنة ما قبل الأخيرة، في الاحتفاظ باللقب العالمي الذي فازت به لأول مرة في دورة البرازيل تحت قيادة عبد الرحمان مهداوي. كما أنه معروف عن إفتسان أنه كثيرا ما حقق رهان الصعود مع بعض الفرق، على غرار نصر حسين داي، اتحاد البليدة وبرج بوعريريج. ونال لقب الكأس العربية مع وداد تلمسان بتونس. كل هذه النجاحات صنعت سمعة هذا التقني، المعروف بتفانيه في العمل مع كل الفرق التي دربها ودعم معها تجربته وحنكته في مجال التدريب... إلا أن إفتسان يدرك تمام الإدراك أنه سيقود هذه المرة، فريقا يختلف عن كل الفرق الأخرى التي قادها في السابق؛ باعتبار أن مولودية الجزائر تمتاز بخاصية فريدة من نوعها في مجال التسيير، عادة ما يميل إلى الارتجالية، ناهيك عن الضغط الكبير والمتواصل الذي يحوم حول الفريق. كما يعي إفتسان جيدا المهمة الصعبة التي تنتظره، فهو مطالَب ببعث مسيرة فريقه الجديد في البطولة، وتمكينه من البروز في منافسة كأس الجمهورية، التي أصبحت أمل الأنصار في رؤية فريقهم يتوَّج بلقبها من أجل إنقاذ الموسم. وبالتأكيد، فإن إفتسان مطالَب بفرض الانضباط داخل تعداد فريقه وعدم ترك المجال لوقوع أي احتجاجات من قبل لاعبيه لما يتعلق الأمر بتحديد التشكيلة الأساسية في مباريات المنافسة على خلاف ما وقع مع المدرب إيغيل مزيان، الذي وجد نفسه مخيرا بين تحسين مستوى الفريق وبين تسيير عقليات بعض اللاعبين الذين وقفوا ضد خياراته في تحديد التشكيلة الأساسية. لكن الحظ قد يكون ضد إفتسان؛ لكون مهمته الجديدة مع مولودية الجزائر تزامنت مع التنقل الذي سيقود هذه الأخيرة إلى وهران لمواجهة الجمعية المحلية في إطار الجولة الواحدة والعشرين من البطولة، وسيكون إفتسان ولاعبوه مطالَبين بتحقيق الانتصار، أو على الأقل العودة من هذا التنقل بنتيجة التعادل. ومعلوم أيضا أن فريق العميد سيكون بعد ذلك على موعد مع منافسة كأس الجمهورية، حيث سيلعب مباراة الدور ثمن النهائي مع سريع غليزان بملعب هذا الأخير. وبمعنى آخر، فإن المدرب يونس إفتسان وافق بالفعل على رفع تحدّ كبير مع فريق العميد في ظل ظروف صعبة يمر بها هذا النادي، الذي ما انفك يجري وراء البحث عن الاستقرار من موسم إلى آخر، فأتعب معه مسيريه وأنصاره الذين يتساءلون كيف أن ناديا مثل مولودية الجزائر، يتوفر على إمكانيات كبيرة، يجد نفسه دائما حبيس الصراعات والانشقاقات التي لطخت سمعته.