سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البدانة إشكال يستدعي دق نواقيس الخطر أكثر من مليارين ومائة مليون نسمة في العالم يعانون السمنة الدكتور سامي زقيرة رئيس مصلحة العلوم البيولوجية بالمعهد العالي للرياضة في قفصة:
تشكل البدانة اليوم أحد أهم المواضيع التي تشغل الهياكل الصحية على مستوى العالم، والتي ما فتئت تؤكد تفاقم مشكلة البدانة بالنسبة لمختلف الشرائح العمرية وفي مختلف الأوساط الاجتماعية. وفي هذا الحوار، يجبنا الدكتور سامي زقيرة، رئيس مصلحة العلوم البيولوجية بالمعهد العالي للرياضة والتربية الصحية بقفصة في تونس، عن هذا الإشكال الصحي، وأشار إلى انعقاد المؤتمر العلمي الدولي الثاني للمعهد العالي للرياضة والتربية البدنية بقفصة خلال شهر أفريل 2016، يتناول موضوع البدانة. ❊ بداية دكتور، نريد معرفة كيف للبدانة أن تكون إشكالا شائكا؟ ❊❊ إن التطور الذي شهدته البشرية على كل المستويات فاق كل التوقعات، خاصة في المجال الإلكتروني (أجهزة وآلات إلكترونية تعمل بصفة ذاتية)، الشيء الذي انجر عنه التخلي تدريجياً على معظم الأعمال التي كانت تعتمد على الحركة والقوة العضلية. فرافق هذا التطور ظهور العديد من المشاكل الصحية ذات خطورة متفاوتة. وتعتبر السمنة من أمراض العصر الحديث التي لا تقتصر على الكبار، وإنما أصبحت منذ فترة من أهم المشاكل التي يواجهها الأطفال. فجسم الإنسان يتبع نظاما محكما ومميزا يدعى التوازن الفيزيولوجي بين عمليات الاستهلاك والإنفاق الطاقوي. ونشير إلى أن العديد من المجلات العلمية والجرائد والبرامج التلفزيونية التي لا تفتأ تذكر بمخاطر السمنة وكيفية تجنب مسبباتها والوقاية منها، لكن الاستجابة عموما لهذه التحذيرات تبقى قليلة بالنظر إلى الكثير من المؤثرات الخارجية. ❊ كيف نبسط تعريف السمنة للقارئ؟ ❊❊ بالعودة إلى التعريف المتداول، فإن السمنة هي تلك الحالة الطبية التي تتراكم فيها الدهون الزائدة في الجسم إلى درجة تتسبب معها في وقوع آثار سلبية على الصحة، مؤديةً بذلك إلى انخفاض متوسط عمر الفرد المأمول و/أو وقوع مشاكل صحية متزايدة. ويحدد مؤشر كتلة الجسم، وهو مقياس يقابل الوزن/ (بالطول 2) الأفراد الذين يعانون من فرط الوزن (مرحلة ما قبل السمنة) بأنهم الأفراد الذين يكون مؤشر كتلة جسمهم بين 25 كغ/ م2 و30 كغ/ م2، ويحدد الأفراد الذين يعانون السمنة بأنهم أصحاب مؤشر كتلة الجسم الأكثر من 30 كغ/ م2. ❊ وما هي أهم انعكاسات البدانة أو السمنة على الجسد والصحة بشكل عام؟ ❊❊ تزيد السمنة من احتمالية الإصابة بالعديد من الأمراض المصاحبة لها، خاصة أمراض القلب، إضرار بوظيفة بطانة الأوعية الدموية، وسكري النمط الثاني، وصعوبات التنفس أثناء النوم، وأنواع معينة من السرطان، والفصال العظمي. وعادة ما تنتج السمنة من مزيج من سعرات حرارية زائدة، مع قلةٍ في النشاط البدني والتأثيرات الجينية. رغم أن القليل من الحالات يحدث في المقام الأول بسبب الجينات، واضطرابات الغدد الصماء والأدوية والأمراض النفسية. ويجب ملاحظة أن الدلائل على أن الأفراد الذين يعانون السمنة يأكلون قليلا لكنهم يزيدون في الوزن. فإن فقدان الطاقة عند الذين يعانون السمنة أكبر من نظرائهم الذين لا يعانونها بسبب الحاجة إلى الطاقة من أجل الحفاظ على كتلة جسم متزايدة. ومن المعلوم اليوم أن ما يقارب ثلث سكان العالم يعاني من السمنة المفرطة، أي ما يعادل أكثر من مليارين ومائة مليون نسمة. واعتمادا على إحصائيات المنظمة العالمية للصحة، فإنه لا يوجد أي بلد انخفض فيه مؤشر انتشار السمنة في العشرية الأخيرة، بل بالعكس زاد انتشارها بنسبة 0.5 % سنويا في نفس هذه الفترة. وزيادة عن المشاكل الصحية والنفسية والاجتماعية، يجدر ذكر المشاكل الاقتصادية، فقد أصبحت ظاهرة السمنة المفرطة تمثل مشكلة اقتصادية كبرى، حيث تصنف ضمن أهم ثلاثة عوامل لها أثر اقتصادي سلبي عالمي. ❊ وإلى ماذا يرجع انتشار السمنة والبدانة في المجتمع بوجه عام؟ ❊❊ طبعا إلى تطور أسلوب الحياة، وانتشار تناول الأغذية الهشة أو الخاوية، وازدياد تناول المشروبات الغازية والمقليات والوجبات السريعة، إضافة إلى الكسل والتراخي وعدم ممارسة الرياضة وعدم الانتظام في الوجبات. ❊ هل من طرق للوقاية أو تفادي السمنة أو الإفراط في الوزن؟ ❊❊ بالتأكيد ممكن، نحن كأطباء نوصي دائما بإيجابية ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، فردياً، أو جماعياً، في البيت، أو النوادي الرياضية، فالمهم هو الانتظام في القيام بهذا النشاط، فالرياضة وسيلة رئيسية من وسائل الحفاظ على معدلات جيدة من فقدان السعرات الحرارية، إلى جانب العديد من الفوائد الأخرى، منها وقاية الإنسان من العديد من الأمراض المختلفة، والمحافظة على الجسد صحيا معافى. إلى جانب التقليل من تناول الأطعمة التي تتسبب في زيادة كبيرة في الوزن، والتي في الوقت نفسه تمتاز بأنها غير صحيّة لجسم الإنسان، كونها تسبب له الأمراض والسمنة بالدرجة الأولى، ويمكن القيام بهذا الأمر من خلال اتباع برنامج غذائي جيد يحقق التوازن في العناصر المطلوبة التي تدخل إلى جسم الإنسان، مما يعمل على تحسين صحة الإنسان والتقليل من كتلته بشكل ملحوظ جدا. ❊ كيف يمكن تغيير سلوك الأفراد، خاصة منهم الشباب، للاهتمام أكثر بالأكل الصحي بعيدا عن الوجبات السريعة ومشروبات الطاقة؟ ❊❊ يجب الإشارة هنا إلى أنه هدف لا بد من تنسيق الجهود لأجله، وهو يرتكز على عدة نقاط نعتقد أنها كفيلة بتغيير سلوك الأفراد، لاسيما منهم الشباب، وأهمها تصميم لوحات إرشادية في المدارس وداخل الغرف الصفية وفي ساحة اللعب، توضح أهمية وضرورة تناول الإفطار في المنزل، لإمداد الجسم احتياجاته أثناء اليوم المدرسي، مع المساعدة على رفع مقدرة الطالب على الاستيعاب والفهم والتحصيل الدراسي. كما نعتقد أنه من المهم التشجيع على إحضار وجبة إفطار من المنزل بدلا من شرائها من مقصف المدرسة، لضمان النظافة الصحية، بهدف تنفيذ الأسرة لبرنامج الأطفال الغذائي اليومي. إلى جانب تنويع الأطعمة المقدمة في المدرسة حتى لا يشعر الطلبة بالملل من تكرار طعام واحد، مع مراعاة الظروف المناخية، فالأطعمة الباردة تكون مفضلة في فترة الصيف، بعكس الساخنة التي تكون مفضلة في الشتاء. ومن المهم جدا إدخال التثقيف الغذائي والصحي في المناهج الدراسية كموضوع عام للنقاش في حصص الفراغ أو الحوار الحر، مع التركيز على الارتقاء بالعادات الصحية المرتبطة بالأغذية والصحة الشخصية، وعلى أهمية غسل اليدين قبل الأكل وبعده، وبعد الخروج من دورات المياه، وعدم شراء الأطعمة من الباعة المتجولين، وتصحيح بعض العادات الغذائية الخاطئة، مثل عدم تناول كميات كبيرة من الحلويات والدهون، لتجنب الزيادة في الوزن، التي ظهرت كمشكلة بين الطلبة. ❊ هل من كلمة أخيرة لنختم اللقاء؟ ❊❊ أولا، بودي شكر جريدة "المساء" لاهتمامها بموضوع عملنا، ونشير إلى انعقاد المؤتمر العلمي الدولي الثاني للمعهد العالي للرياضة والتربية البدنية بقفصة، خلال الفترة الممتدة بين 12 و14 أفريل 2016 ويتناول موضوع البدانة، حيث سيدعى المشاركون إلى توفير إجابات علمية للأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع، خاصة انعكاسات البدانة و/ أو السمنة على الجسد والصحة بشكل عام.