ترى الصحفية وهيبة عماري من قسم الأخبار بالتلفزيون الجزائري أنّ النجومية تتجاوز الصورة لتترسّخ في الكفاءة والحضور المتمكّن الذي يعكس الثقة والاحترافية وبالتالي يفرض القبول والتميّز، تتحدّث ل"المساء" عن تجربتها الإعلامية في الجزائر وفي الخليج وتقف عند محطات شاهدة في مسارها علما أنّ الطريق لم يكن مفروشا بالورود. دخلت الإعلام من أبواب مختلفة، فكيف كان تأثير ذلك على مسارك المهني ؟ — دخلت هذا العالم بمحض الصدفة، وكان ذلك عندما كنت في السنة الأخيرة من دراستي في معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية وكانت الصحافة حينها لا تستهويني البتة، إذ كان حلمي أن أكون قاضية أو دبلوماسية، وفي إحدى المرات دعتني زميلتي من معهد الإعلام للذهاب معها للتربص في صحيفة خاصة "الجيل"، وهناك أعجبوا بمساهماتي وكنت ألقى التدريب على الكتابة الصحفية، وسرعان ما انسقت وراء هذه التجربة الجميلة فعرض عليّ العمل وأنا لا أزال طالبة ،وبالتالي لم أعاني كغيري البطالة، ومن هناك التحقت بالإذاعة ولفت انتباه المعنيين وكنت أقدّم النشرات والبرامج على المباشر لكن التجربة لم تدم بسبب ظروف قاهرة، فالتحقت بجريدة "صوت الأحرار" من 2004 إلى 2007 وهي فترة أعتز بها ثم راسلت محطة "مونت كارلو" وعند قدوم السيد ميهوبي على رأس الإذاعة أعادني للعمل فيها، لتأتي بعدها تجربة العمل في الخليج وبالذات بالإمارات المتحدة حيث كنت مقدّمة نشرات ثم نشّطت برامج سياسية منها "صانعو القرار" و«الساعة الدولية" وكان المسؤولون هناك يضعون ثقتهم المطلقة فيّ وقبلوني من أوّل تجربة وبعد اكتساب هذه الخبرة عدت لالتزامات عائلية . وعبر هذه التجارب اكتسبت سيولة القلم وتقنيات التحرير من خلال الصحافة المكتوبة، وتقنيات الإلقاء ومخارج الحروف من الإذاعة، ومن التلفزيون الارتجال، وكلّ ذلك تجسّد في عملي التلفزيوني وهكذا كنت محظوظة بتخرّجي من المدارس الثلاث وأنا متأكّدة أنّه من يأتي مباشرة للصورة سيحترق، وبالنسبة للعمل التلفزيوني فله خصوصياته في الإلقاء فالخبر السياسي لا يقرأ كالاقتصادي وتقديم الخبر الثقافي ليس كتقديم مشهد من حرب وكذا مراعاة حضور التعليق الخفيف ضمن السياق. ما هو معيار النجومية عند وهيبة ؟ — أصبح هناك استسهال للوصول إلى النجومية، وأصبحت الساحة تعجّ بالنجوم خاصة في القنوات الخاصة وهذا شيء جميل لكن لا ينبغي أن يفتح هذا المجال أمام من هبّ ودبّ ليظهر على الشاشة، فالمعايير مطلوبة حتى نضمن الجودة ثم إنّ الإعلام مسؤولية وليس مجرّد صورة. ماذا عن تجربتك في التلفزيون الجزائري ؟ — ظهرت من خلال عدّة مواعيد منها "اليوم المفتوح" الخاص بالاستحقاقات الرئاسية الذي أتاح لي إمكانية صقل قدراتي على المباشر، وأن أنوّع ظهوري، كذلك البرامج الحوارية والمباشرة والتغطيات واعتبرها كلّها مدرسة التلفزيون الكبيرة، وبالمناسبة أشكر كلّ من وضع ثقته في قدراتي من مديرية عامة وقسم الأخبار، ثم كانت البرامج الكبيرة ونشرة الثامنة الرئيسية . ما هي أهمية الصورة في طلّة مقدّم النشرات والبرامج ؟ — الشكل مطلوب وضروري، وأوليه أهميته، لكني لا أعول عليه كمقياس للعمل والنجاح، فمثلا المكياج عندي أعطيه ربع الساعة الأخير قبل النشرة، إذ أنّ اهتمامي وعقلي يكون دوما مع العمل فأنا أحرص على مشاهدة كلّ التقارير والأشرطة قبل البث، وأكتب مقدّمات مواضيعها، بنفسي كي أتفاعل معها في التقديم ومع كلّ تفاصيلها، كما أنّني صحفية في المقام الأوّل ثم مذيعة علما أنّ الصفة الأخيرة ليست دائمة. ما سرّ الهدوء والثقة في طلتك ؟ — أنا بطبعي هادئة ولست متسرّعة وأحبّ الوقار والظهور الذي يعكس العمق في الشخصية وهذا هو الوزن..إنّ من يتحكّم في الشيء يتحكّم في الثقة بالنفس، والتحضير غير الجيد يسبّب الاضطراب والتلعثم، وبالتالي أنا أعرف ما أقدّم وملمة بالموضوع والخبر، وشاركت في صياغته وكتبت مقدمته وبالتالي أعلم ما أفعل وكلّها أمور تلتقطها عين الكاميرا وهي لا تقهر إلاّ من هو فارغ من ناحية التحضير والمحتوى..إنّ المشاهد يركّز على التحضير وليس فقط على الماكياج والهندام وعلينا أن لا نستسهل الجمهور لأنّه يكتشف ويعلم كلّ ما يرى ويحسّ. لغتك راقية وبسيطة في آن واحد فما هو سر خلطتك ؟ —كلّ من يأتي من عمق الجزائر الحبيبة خاصة من البوادي والصحراء يتقن العربية، وتزول عنده اللكنات، والدليل أنّ أنجح الصحفيين من هذه المناطق الجزائرية، وهكذا وبقدر ما نتّجه إلى الصحراء والبوادي نلقى هذا الإتقان واللغة وتذوّق الشعر والطرب، وأنا من تلك المناطق لذا عشقت العربية ومع كلّ ذلك ألتزم أيضا باللغة الإعلامية وأحاول أن أتجنّب التقعر في اللغة والاستعراض كي لا أنفّر المشاهد فعنواني البساطة مع المحافظة على الجماليات . هل ثمّن 8 مارس ما حقّقته المرأة؟ —أرى أنّ المرأة نجحت وكفى، وهي موجودة وما حقّقته ظاهر في هذا التاريخ وفي غيره، لكن أرى أنّ على 8 مارس أن يتجاوز المرأة الناجحة، بل يدخل عالم المرأة في عمق الجزائر، وأن يقف عند الفلاحة وربة البيت الفقيرة التي تناضل وتصابر من أجل تربية وتعليم أبنائها، وتعمل أكثر من الرجال في ظروف قاسية..إنّها بحقّ تستحق التكريم والاحترام .