اقترح رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس، جملة من الإجراءات العملية من أجل توسيع دائرة التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني وقضيته وذلك خلال القمّة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي حول فلسطين المنعقدة بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا. وتتمثل في تجسيد المقاطعة لإسرائيل وتفعيل مكتب المقاطعة على مستوى الأمانة العامة وتقديم تقارير دورية من قبل الأمين العام إلى مجلس وزراء الخارجية وإلى مؤتمر القمة الإسلامي. علاوة على ذلك، تضمنت اقتراحات الرئيس بوتفليقة في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة حشد الدعم الدبلوماسي والسياسي والمالي للسلطة والشعب الفلسطينيين والالتزام بمساندة المبادرات الدبلوماسية الفلسطينية في المحافل الدولية، والتصويت لصالح القرارات المتعلقة بفلسطين، لاسيما على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فضلا عن العمل على توسيع الاعترافات الدولية بدولة فلسطين واستكمال الاعتراف الرسمي لكل الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بدولة فلسطين. الرئيس بوتفليقة أكد أن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال تشغل وجدان كل الجزائريين، وتحظى باهتمام الجزائر رسميا وشعبيا وهي التي آزرت الشعب الفلسطيني ودعمت نضاله البطولي وصموده أمام آلة الاحتلال، إلى أن يسترد كافة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، طبقا لمرجعيات السلام ولكل القرارات الأممية ذات الصلة. كما أشار إلى أن الجزائر ظلت دوما "واقفة إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق، مؤازرة لقضيته وداعمة لمقاومته البطولية ضد الاحتلال"، مؤكدا أن الأمانة التاريخية تقتضي التذكير بالدور المفصلي الذي لعبته الجزائر خلال القمة العربية الخامسة، المنعقدة بالجزائر عام 1973، والذي تكلل بتكريس منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، فضلا عن تمكين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وزير الخارجية الجزائري آنذاك و رئيس الدورة ال 29 للجمعية العامة للأمم المتحدة (سنة 1974)، الشهيد الراحل ياسر عرفات من إلقاء خطابه التاريخي بالأمم المتحدة وبث رسالة فلسطين المناضلة إلى العالم أجمع. دعم الجزائر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تجلى أيضا في احتضانها أشغال المجلس الوطني الفلسطيني، الذي أعلن من على منصته الرئيس الراحل ياسر عرفات في 15 نوفمبر 1988، عن وثيقة استقلال فلسطين، لتثبيت حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه بوصفها أرضا محتلة وليس متنازعا عليها كما تزعم إسرائيل. الرئيس بوتفليقة أوضح في هذا الصدد أن هذا القرار التاريخي شكّل مكسبا هاما ومنعطفا حاسما في مسار المساعي الدبلوماسية الفلسطينية، حيث كان بمثابة الشرارة الأولى لاعترافات المجتمع الدولي بدولة فلسطين كحقيقة تاريخية. المناسبة كانت أيضا فرصة للجزائر للتعبير من جديد عن دعمها للمبادرات الصادقة والمساعي الجادة الهادفة إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط على أساس الشرعية الدولية، مؤكدة مرة أخرى على موقفها الثابت والمساند للقضية الفلسطينية، وتمسكها بتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني، لاسيما حقه المشروع في استرجاع أرضه وإقامة دولته المستقلة، كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف. لقد أضحى المجتمع الدولي - يضيف رئيس الجمهورية - أكثر تجاوبا مع مطالب الشعب الفلسطيني، وأوسع تنديدا بسياسات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يفرض علينا عدم تفويت هذه الفرصة التاريخية لاستغلالها وتكثيف جهودنا من أجل توسيع دائرة المتضامنين والمتعاطفين مع نضال الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته. في هذا الصدد، أوضح أن الانسداد الذي تعرفه عملية السلام قد بات يمثل تحديا كبيرا أمام الشعب الفلسطيني وقيادته، بل وللمجتمع الدولي برمته، مضيفا أنه رغم الاستعداد الكامل الذي أبداه الجانب الفلسطيني ورغم التزامه بالمبادئ التي ترتكز عليها عملية السلام، بما في ذلك قرارات مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو، فإن الاحتلال الإسرائيلي، لم يُظهر أي التزام بهذه المرجعيات، بل استعمل هذه المفاوضات على مدى عشرين عاما، كذريعة لفرض سياسة الأمر الواقع والتملّص من التزاماته وإفراغ كل الاتفاقات المبرمة من محتواها، وتنفيذ مشروعه الاستيطاني الجائر، ومحاولة الاستيلاء على باقي الأرض من أجل تعقيد مساعي الفلسطينيين لبناء دولتهم المستقلة والسيدة والآمنة. للإشارة، كانت لرئيس المجلس الشعبي الوطني بجاكرتا لقاءات على هامش أعمال القمة مثل اللقاء الذي جمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أشاد ب "ثبات الموقف الجزائري الداعم لكفاح الشعب الفلسطيني من أجل بناء دولته المستقلة". ولد خليفة التقى أيضا نظيره الإندونيسي، عماد قمر الدين، حيث استعرض رئيس المجلس التجربة الجزائرية في مجال تعزيز الديمقراطية، فضلا عن التطرق إلى الإصلاحات العميقة التي بادر بها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة والتي تدعمت بالتعديلات الدستورية التي أرست "قواعد ثابتة لديمقراطية جزائرية مطمئنة فاتحة الآفاق لتنمية وطنية متكاملة ورائدة في مجالها العربي والإفريقي". قبل ذلك، كان رئيس المجلس استقبل، أول أمس، وزير الشؤون الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي الذي بحث معه تطورات الوضع في المنطقة، إذ تناولا "الأوضاع الأمنية والسياسية الإقليمية وسبل دعم المسار السياسي في الشقيقة ليبيا".