بعد قطيعة دامت أكثر من نصف قرن حل الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساء أمس بالعاصمة الكوبية هافانا في زيارة وصفت ب«التاريخية" هدفها الرئيس ترسيخ تقارب لم يكن ممكنا لسنوات طوال بين بلدين لا طالما عرفا بعدائهما الشديد، ولكنها أيضا تهدف لتحسين صورة إرثه الرئاسي بعد الجدل الذي أثارته بعض خياراته في منطقة الشرق الأوسط. وبهبوط الطائرة التي أقلت الرئيس الأمريكي مرفوقا بزوجته ميشال وابنتيه ماليا وساشا على مدرج مطار خوسيه مارتي في هافانا يصبح أوباما أول رئيس أمريكي يزور الجزيرة الشيوعية منذ عهد كالفين كوليدج عام 1928. زيارة يسعى من خلالها الرئيس ال44 للولايات المتحدة إلى تحقيق هدفين أولهما لقاء الشعب الكوبي وثانيهما ترسيخ التقارب اللافت الذي بدأ بنهاية عام 2014 مع كوبا. وأيضا تلميع صورة بلاده في أميركا اللاتينية بعدما شوهتها سنوات من التدخل في حديقتها الخلفية السابقة. كما يريد اوباما من خلال هذه الزيارة إنهاء عهدته الرئاسية الثانية بتحقيق تقدم كبير في الملف الكوبي بغض النظر عمن سيكون خليفته عام 2017 حتى لا يكون هناك أي تراجع الى الوراء في العلاقة المنفتحة بين واشنطن وهافانا. وهو الهدف الذي دفع بالبيت الأبيض الى إقرار عدة إجراءات صبت في سياق التخفيف من وقع الحصار الأمريكي المفروض على الجزيرة الكوبية منذ عام 1962. وبذلك يصبح عدو الأمس صديق اليوم رمزا لعلاقة جديدة تريدها الإدارة الأمريكية الحالية بأن تكون ممتازة مع كوبا ومن ورائها كل القارة اللاتينية المعروفة بأنظمة بلدانها المعادية للامبريالية والرأس مالية الأمريكية. وحتى وان لم يكن ضمن برنامج الزيارة لقاء الرئيس الأمريكي بالزعيم الكوبي فيدال كاسترو والاكتفاء بلقاء مع الرئيس راؤول كاسترو فإن الزيارة ستبلغ ذروتها عندما يلقي اوباما غدا خطابا في مسرح هافانا الكبير ينقله التلفزيون الكوبي.كما ستزخر زيارة الرئيس الأمريكي التي تدوم ثلاثة أيام بالمحطات الرمزية من بينها زيارته رفقة عائلته الصغيرة المدينة القديمة بهافانا وتكريم أب الاستقلال خوسيه مارتى فى ساحة الثورة وحضور مباراة بيسبول وغيرها من المحطات. وعشية وصوله إلى كوبا دعا عدد كبير من المنشقين البارزين الرئيس الأميريكي إلى التشجيع على "تغير جذري" من أجل "وقف القمع واللجوء إلى العنف الجسدي" ضد المعارضة التي تعد غير شرعية في الجزيرة. ورغم أجواء الحماس المرافقة لهذه الزيارة التي لم تكن واردة من قبل، حيث أزهرت الأعلام الأميركية في الأيام الأخيرة بالعاصمة الكوبية فقد يتأخر تحول التغيرات التي تأمل فيها واشنطن إلى واقع ملموس. وهو توقع يبقى قائما وقد ذكر وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز في خطاب اتسم بالحزم الخميس الماضي بأن هافانا ليست على استعداد لطرح مواضيع وثيقة الصلة بسيادتها. وقال "لا يستطيع أحد الإدعاء بأن على كوبا التخلي عن واحد من مبادئها... لإحراز تقدم في اتجاه التطبيع".