كشف رئيس مجلس الأعمال الجزائري– السعودي (عن الجانب السعودي) أحمد رائد المزروع عن وجود مشاريع جاهزة في مجالات مختلفة بقيمة ملياري دولار، يأمل الطرف السعودي في تجسيدها بالجزائر عبر الشراكة. لكنه بالمقابل عبّر عن تحفّظ عدد من المستثمرين السعوديين على قاعدة 49/51 الخاصة بالاستثمارات الأجنبية في الجزائر، مشيرا إلى أنها تسببت في تراجع المشاريع ذات الجودة والحجم الكبير. العلاقات الاقتصادية الجزائرية– السعودية تصدرت واجهة الأحداث، بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة لمجلس أعمال البلدين أمس بالجزائر العاصمة، بحضور وفد هام من المستثمرين السعوديين، بينهم من أنجز منذ سنوات مشاريع استثمارية بالجزائر، لاسيما في مجالات الصناعات الغذائية والأدوية، مع طموح لتعزيز هذا التواجد بمشاريع جديدة، بعضها قيد الدراسة. كما سجل حضور عدد كبير من المستثمرين الجزائريين تجاوز ال160 متعاملا في قطاعات مختلفة، للنظر في إمكانية عقد شراكات ثنائية ضمن جولة المفاوضات المباشرة «بي تو بي» التي ميزت أعمال الدورة. وحضر وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة اللقاء بصفته رئيس اللجنة المختلطة عن الجانب الجزائري. حيث أكد بذل كل الجهود من أجل تشجيع الأعمال بين البلدين وتطويره في كل المجالات، داعيا إلى أن يتم توسيعه إلى مجالات خارج الخدمات، مع الحرص على إحداث توازن في الميزان التجاري بينهما. وقال في هذا الصدد أنه «لابد من إنجاز استثمارات مشتركة وتطوير حوكمة المؤسسات وتمكينها من التوسع في الأسواق وفي نمط عملها»، مشيرا إلى ضرورة ذهاب البلدين معا نحو أسواق أخرى لاسيما في إفريقيا. وأكد رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة محمد العيد بن عمر من جانبه على أهمية مواصلة الجهود ضمن المجلس المشترك من أجل بعث العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين لاسيما في ظل الوضع الاقتصادي الذي يمر به البلدان بعد تراجع أسعار النفط. وهي فرصة لخلق ديناميكية جديدة في العلاقات تسمح برفع التبادل بينهما، كما قال. بالنسبة للسيد بن عمر، فإن مؤهلات كثيرة تملكها الجزائر يمكن استغلالها في مشاريع مشتركة خاصا بالذكر مجالات الفلاحة والصناعات الغذائية، إضافة إلى صناعة الدواء والصناعات البتروكيماوية. وذكر بأن الاصلاحات الاقتصادية التي باشرتها بلادنا سمحت بإبراز قطاع خاص «قوي» يلعب اليوم دوارا هاما في التنمية الوطنية عبر مساهمته في تحقيق نسبة 70 بالمائة من النمو خارج المحروقات و60 بالمائة من حجم الواردات. بالمناسبة عبر عن رغبة القطاع الخاص اليوم في استغلال الفرص الاستثمارية المتاحة في مجال الطاقة، مشيرا إلى ضرورة فتح الأبواب أمام القدرات الموجودة للاستثمار في مجال التحويل والصناعات البتروكيماوية بالخصوص. فرص الشراكة بين الجزائريين والسعوديين موجودة، كما شدد عليه رئيس مجلس الأعمال (عن الجانب الجزائري) عز الدين عدول الذي تحدث عن مفاوضات جارية حول جدوى الشراكة في عدد من القطاعات، لاسيما البترول والصناعات الغذائية وصناعة الحديد، كاشفا انه من بين المقترحات قيد الدراسة حاليا، انجاز مستشفى طبي خاص، إضافة إلى شراكة في مجال الآلات الميكانيكية عالية الدقة وتصنيع الضمادات الطبية، إضافة إلى التحويلات الغذائية، لافتا إلى أن الجزائر «بلد الفرص الاستثمارية اللامتناهية». مجلس الأعمال اليوم يلعب دوره أفضل من السابق لتجسيد مثل هذه المشاريع، كما قال أحمد رائد المزروع، الذي تحدث عن مشروعين جديدين في مجال الأدوية. وإذ أكد بأن الوفد السعودي الحاضر بالجزائر يمتلك ثلاث خصائص هي: «الجدية» و»امتلاك الخبرة الجيدة» و»امتلاك جرأة استثمارية كبيرة» جعلت من السعودية أول مستثمر في كل من مصر والأردن وتونس، فلم لا الجزائر؟ العوائق، حسب المزروع وهو كذلك الرئيس التنفيذي لشركة عدوان للصناعات الكيماوية، هي ذات طبيعة بيروقراطية أو إدارية. كما تتعلق بقاعدة 49/51 التي تسببت –حسبه- في تراجع كبير في اتخاذ المستثمرين لقرار التواجد بالجزائر، موضحا أن الأمر لايتعلق بعدم الرغبة في الشراكة ولكن «لما تخلقه هذه القاعدة من قيود كبيرة على قرارات الاستثمار والتوسع والتنويع» وقال في السياق «أعتقد أنه العائق الوحيد اليوم أمام دخول العديد من الاستثمارات السعودية». لكنه بالمقابل عبر عن تفاؤله «بأن يزيد حجم هذه الاستثمارات». والدليل هو تجهيز 4 مشاريع شراكة بقيمة 2 مليار دولار في مجالي الصناعة والعقار بشكل أساسي، مشيرا إلى إمكانية وصول حجم الاستثمارات مع الجزائر إلى 100 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة. رقم قابل للتحقيق –حسبه- بالنظر إلى حجم الاقتصاد السعودي وقدراته، حيث أشار إلى وجود 34 منطقة صناعية على مساحة 100 مليون متر مربع و10 آلاف مصنع في السعودية التي تعد رابع منتج عالمي للبتروكيماويات الأساسية، في حين أن الاستثمار في هذا القطاع قليل جدا. وأظهر تدخل ممثلي الوفد السعودي اهتمامهم بمجالات استثمار مختلفة، منها إقامة مشاريع في مواد البناء، وفي الضمادات الطبية، حيث أشار ممثل الشركة السعودية للمنتجات الطبية فهد المعمرالى انه قرر الدخول إلى السوق الجزائرية لثقته بأنها بلد واعد وتنفيذا لتوجيهات الحكومة السعودية، موضحا أنه يتطلع لأن ينجز ثاني مشروع له في بلد عربي –بعد الإمارات- بالجزائر، بعد أن يجد الشريك المناسب. كما يأمل عبد الله المعمر رئيس شركة ورق الصنوبر في إنجاز اكبر مصنع في شمال إفريقيا لانتاج الورق بالجزائر في اقرب وقت.وبدوره عبر سعود زيد العامر صاحب شركة «عافية» للزيوت- التي تتحكم في 30 بالمائة من السوق الجزائرية حاليا- عن رغبته في توسيع أعماله بالجزائر، لاسيما وأنه حاول الاستثمار في مجال السكر سنة 2009 لكن دراسة الجدوى كانت سلبية. من الجانب الجزائري، فإن الرغبة تحدو الكثير من رجال الأعمال لخوض تجربة الشراكة مع السعوديين، بالنظر إلى الفرص الهامة المتاحة، ليس فقط هنا ولكن كذلك في السوق السعودية، هذا ما أوضحه ل»المساء» السيد سفيان بشوطي المدير العام لشركة «مابس» للمضخات، حيث اعتبر أن انعقاد الدورة الثامنة لمجلس الأعمال الجزائري – السعودي «هام»، موضحا أنه يحضر اللقاء للبحث عن شراكات ولم لا تصدير المضخات للسوق السعودية والذهاب أبعد من ذلك، من خلال إنجاز مشاريع هناك في مجال المياه سواء توصيل المياه الصالحة للشرب أو معالجة المياه القذرة، وأضاف انه سيتم التفاوض مع الوفد السعودي، آملا في عقد شراكة عن قريب.