تشير الأرقام الوبائية في الجزائر إلى أن البدانة أضحت في السنوات الأخيرة تمثل إشكالا صحيا حقيقيا، تماما مثل الإصابة بالسكري 2 الذي يشكل معدل الإصابة به 8.2% من مجموع السكان، كما يشير المختصون إلى أن البدانة تشكل عاملا محفزا للإصابة بالسكري الفئة الثانية، بسبب تغير النمط الغذائي للجزائريين في السنوات الأخيرة، والذي أضحى شبيها بنظام غذاء الدول المتقدمة المعتمد كثيرا على اللحوم والسكريات والمملحات. جاء في تقرير أعدته لجنة متعددة الاختصاصات حول الطاقة الحيوية والاستقلاب، أجرت دراسة على عينة من 30 شخصا يعانون البدانة، و70 مريضا بالسكري تم طرح عليهم أسئلة تتعلق عموما بالنمط الغذائي، تبين أنه على الصعيد المجتمعي هناك زيادة في استهلاك غذاء غير متوازن، مما يؤكد انعدام المعرفة العامة بنظام التغذية الصحيح. هذه النتيجة توضح، حسب التقرير الذي تم نشره مؤخرا في المجلة المتخصصة ‘كراسة الصحة'، انحراف السلوك الغذائي للجزائريين، مما يعني مخاطر الانتشار الواسع للإصابة بالسمنة وبالسكري من النمط الثاني في المجتمع. ويشير المختصون إلى تفشي السمنة خلال السنوات الأخيرة في مجتمعنا وبصفة ملحوظة، حيث تفيد المعطيات الإحصائية بأن نسبة الزيادة في الوزن عند النساء لدى الفئة العمرية 35 و65 قد بلغت 37٪، وعند الرجال في نفس الفئة العمرية 52٪، فيما تصل النسبة عند الأطفال إلى حدود 17٪. كما أشار التقرير إلى أن البدانة والغذاء غير الصحي يعدان عاملين أساسيين للإصابة بالسكري، مؤكدا أن البدانة كانت قبل عشريتين تقتصر على فئة النساء، لتتعداها حاليا وتمتد إلى الرجال، الشباب من الجنسين وحتى الأطفال، وهو ما يضاعف كثيرا خطر الإصابة بداء السكري بكل مضاعفاته، وعلى رأسها الإصابة بالأمراض القلبية وارتفاع الضغط. ويطالب معدو الدراسة من الهيئات المعنية بتكثيف التوعية حول الأنماط الغذائية الصحية، وكذا التعجيل في إنشاء الهياكل الرياضية الجوارية التي تسمح للمواطنين بممارسة الرياضة بعد الاستنتاج الذي توصلت إليه الدراسة، والتي مفادها أن الفرد يعاني من قلة الحركة ويعتمد نمطا غذائيا خاطئا وغير صحي، مما يحفز إصابته بالبدانة التي تنجر عنها مخاطر صحية عديدة، مؤكدة من جهة أخرى أن السكري من الفئة الثانية المرتبط بالسمنة أصبح يشكل تهديدا صحيا حقيقيا للأفراد إذا استمر السلوك الغذائي العام على شاكلته. نذكر أن الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث ‘فورام' كانت قد أجرت دراسة حول السمنة وسط المراهقين، وأكدت تنامي معدلات السمنة وسطهم. فعلى عينة من 2012 تلميذا بمتوسطات وثانويات شرق العاصمة، أظهرت النتائج أن السمنة تمس 17% من تلاميذ هذين الطورين؛ 5% منهم مصابون بالبدانة المفرطة التي قد تتسبب في إصابتهم بالسكري من الفئة الثانية، وهو ما يجعل التأكيد على أن السلطات الصحية مطالبة بتكثيف العمل التوعوي الجواري أكثر فأكثر حول التغذية الصحية والتخلي عن الوجبات السريعة والأكل المشبع بالدهون وأهمية الرياضة أو على الأقل الحركة لحرق الدهون، إضافة إلى التشخيص المبكر مرتين على الأقل في السنة من أجل إبعاد خطر الإصابة بالسمنة والسكري وسط المجتمع.