تعد البدانة والغذاء غير الصحي عاملان أساسيان للإصابة بالسكري وأمراض القلب، حسب تأكيد المختصين، موضحين أن البدانة كانت قبل عشريتين تقتصر على فئة النساء، إلا أنها تعدتها لتمتد إلى الرجال والأطفال، ما يضاعف كثيرا خطر الإصابة بداء السكري وأمراض القلب بكل تبعاتهما. يطالب أخصائيو الطب الداخلي وطب السكري وأمراض القلب من الهيئات المعنية بإدراج التربية الغذائية الصحية والصحيحة في المقررات الدراسية، وكذا بإنشاء هياكل رياضية تسمح للمواطنين بممارسة الرياضة بعد الاستنتاج الذي وصلت إليه عديد الدراسات الطبية، ومفادها أن المواطن الجزائري يعاني من قلة الحركة ويعتمد نمطا غذائيا خاطئا وغير صحي إطلاقا، ما يحفز إصابته بالبدانة التي تنجر عنها مخاطر صحية عديدة من أعقدها أمراض القلب والضغط والسكري. وتشير إحصائيات وزارة الصحة لعام 2004 حول تطور عامل البدانة بين السكان في ولايتين نموذجيتين هما سطيف ومستغانم إلى أن البدانة تظهر على وجه الخصوص لدى الجنسين لدى الفئة العمرية الأكثر من 45 سنة، تحديدا بنسبة 18.2 بالمائة لدى النساء بعد سن 45 سنة و25.9 بالمائة لدى الرجال بعد سن ال55 أما البدانة على مستوى البطن (بروز الكرش) فيتراوح معدلها عند النساء ب12.3 بالمائة، وعند الرجال ب18.8بالمئة، مع الإشارة إلى أن هذه الأرقام تخص المصابين بالسكري فقط، حسب محاضرات في الموضوع ألقيت مؤخرا بمناسبة أمراض القلب والسكري بالعاصمة. كما يشير المختصون إلى أن البدانة غالبا ما تتوارث ضمن العائلات، ناهيك عن "توارث" الأنماط الغذائية غير السوية والمأكولات السريعة المشبعة بالسعرات الحرارية التي يزداد مستهلكوها مقابل قلة الحركة. مثلما يؤكده الدكتور "سليمان خالفة" رئيس الجمعية الجزائرية لداء السكري واصفا السكري الفئة 2 بالخطير جدا، لأنه يتسبب في وفاة ما بين 60 إلى 70 ? من المصابين به نتيجة تعرضهم المباشرة للإصابة بأمراض القلب والشرايين وارتفاع الضغط، في وقت يسبب السكري الفئة 1 في الإصابة بالعجز الكلوي وفقدان البصر. إلى ذلك فإن المجتمع الجزائري يعاني إلى جانب النمط الغذائي غير الصحي من قلة الحركة، حيث لوحظ الاعتماد الكبير على السيارة لقضاء أبسط الحاجيات لدى الجزائريين، ناهيك عن النقص المسجل في انعدام ممارسة الرياضة بالرغم من توصيات الأطباء المعالجين، وعليه طالب الأطباء في هذا السياق بضرورة حث الناس على ممارسة أي نوع من الرياضة إلى جانب الحفاظ على نمط غذائي صحي ومتوازن. ويخلص الأستاذ المحاضر بالقول إن البدانة التي يعاني منها الكثيرون ناتجة عادة عن انعدام الوعي الغذائي وزيادة كمية الطعام مع سوء اختيار الأصناف الغذائية الصحية المقرونة بقلة الحركة، فنحن نأكل أكثر مما تحتاج إليه أجسامنا ونتحرك قليلا، وبالتالي نحتجز بالجسم الطاقة الزائدة الناتجة عن الطعام على هيئة شحوم تتراكم بأجزاء متفرقة من الجسم. وتحصي الجزائر ما يزيد عن مليون و500 ألف مصاب بالسكري، 40 بالمائة منهم أطفال، غير أن الجزائر في حاجة ملحة لتحقيق وطني للكشف عن حالات الإصابة بهذا الداء الثقيل، ذلك أن العدد المصرح به لا يمثل سوى المرضى المؤمنين اجتماعيا، ما يعني أن المصابين بالسكري ممن لا تشملهم التغطية الاجتماعية غير محصيين، وبالتالي فإن عدد مليون ونصف مليون مصاب بعيد كل البعد عن الرقم الصحيح. كما تشير الأرقام المقدمة بالملتقى إلى أن السكري 2 ببلدان المغرب العربي في ازدياد مقلق، بحيث أن معدل الإصابة بهذا الداء لدى فئة النساء والمسنين قد تضاعف خلال 20 سنة الماضية، كما أن هذه المعدلات تبقى مقلقة خاصة في المدن الكبرى حيث تزداد نسب التوطن أو قلة الحركة.