انتقد رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني أمس، بشدة تقرير كتابة الدولة الأمريكية حول "الاتجار بالبشر". واستغرب في تصريح ل "المساء" المعلومات المغلوطة والمضللة الواردة فيه، والتي تستهدف الجزائر بشكل فاضح. كما أشار إلى أنه سبق أن وجه احتجاجاته لوفد أمريكي زار الجزائر مؤخرا بخصوص التقييمات التي تصدرها الهيئة الأمريكية بخصوص وضع حقوق الإنسان في البلاد، وطلب منه إيفاده بالمصادر التي تستند إليها كتابة الدولة الأمريكية في إعداد التقارير، إلا أنه التزم الصمت. قسنطيني أكد أن التقرير الأمريكي يُعد هجوما صريحا على الجزائر واتهاما باطلا ليس له أساس من الصحة. وعلّق في هذا الصدد: "من غير المعقول أن يتهمنا بلد صديق مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، بذلك، ويحاول تشويه سمعتنا في العالم. نحن نعيش في دولة ديمقراطية ومحترمة قادت نضالا طويلا ودافعت عن قيم التحرر التي حاول المستعمر طمسها، بل إننا رافعنا عن هذه القيم من خلال دعمنا لها عبر حركات التحرر في العالم". رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان قال إنه من غير المقبول أيضا السكوت عن مثل الأكاذيب الباطلة، ملحّا على ضرورة إيصال الاحتجاج إلى المسؤولين الأمريكيين الذين يعترفون بالدور الكبير الذي تقوم به الجزائر في محاربة الإرهاب والدفاع عن القيم الإنسانية. وتساءل محدثنا في هذا الصدد: "أليس من الأحرى أن يعود معدو هذا التقرير إلى تاريخ الولاياتالمتحدة التي شهدت أكبر ظاهرة للمتاجرة بالبشر؟!". واستطرد بالقول: "تاريخ الجزائر مشرّف ونظيف ولم يسبق لها أن عرفت هذه الظاهرة". كما أشار إلى أن على الولاياتالمتحدة ألا تتجاوز حدودها؛ من منطلق أن الجزائر ترفض بشكل قطعي، مثل هذه التهم الخطيرة الخالية من الدقة. في رده على سؤالنا حول الأطراف التي قد تكون لها مصلحة في تسريب معلومات خاطئة لمعدي التقرير، نفى أن يكون على علم بها، غير أنه أشار إلى أن الذين يكرهون البلاد والذين يسعون إلى تحطيم نظامها لا يتوانون عن فعل أي شيء من أجل تشويه سمعتها". للإشارة، كان التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس الماضي حول "الاتجار بالبشر لعام 2016، قد صنّف الجزائر رفقة السودان، سوريا، جيبوتي، جزر القمر، موريتانيا، إيران، جنوب السودان، روسيا، روسيا البيضاء، تركمانستان، أوزباكستان، فنزويلا، زيمبابوي، ابليز، بورما، بوروندي، جمهورية إفريقيا الوسطى، هايتي، غينيا الاستوائية، إريتريا، غامبيا، غينيا بيساو، كوريا الشمالية، جزر المارشال، سورينام، بابوا غينيا الجديدة، في الفئة الثالثة، التي "لا تلتزم حكوماتها كليا بالمعايير الدنيا التي ينص عليها قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولا تبذل جهودا ذات أهمية في هذا الاتجاه". وزارة الشؤون الخارجية تأسفت في بيانها لما جاء في هذا التقييم "البعيد عن تقييم صارم للوضع، والذي يرتكز دائما وبشكل مفرط، على مصادر تقريبية تنقصها المصداقية، وتقوم على معلومات خاطئة، بل ومغلوطة". كما أوضحت أن المذكرة التي "لم تقدّر حق قدرها الجهود المعتبرة التي تبذلها بلادنا في مجال الوقاية من الاتجار بالبشر، غير منصفة حقا إزاء الموقف الواضح والفاعل للدولة الجزائرية فيما يخص هذه الإشكالية في مجملها؛ باعتبار أن آفة الاتجار بالبشر ظاهرة هامشية في الجزائر، وغريبة عن قيم وتقاليد المجتمع الجزائري". بيان وزارة الخارجية أعرب عن التزام الجزائر بمكافحة الاتجار بالبشر بصرامة، مشيرا إلى الارتقاء قريبا باللجنة الوزارية المشتركة المكلفة بتنسيق الأعمال الموجهة للوقاية من هذه الظاهرة ومكافحتها، إلى مصف لجنة وطنية خاضعة مباشرة لسلطة الوزير الأول؛ بهدف رفع قدراتها وكفاءاتها". الوزارة أوضحت أن "الدور الهام الذي تنوي الجزائر سياديا القيام به من أجل القضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر العابرة للأوطان في إطار التزامها الواضح ضد آفات أخرى مثل الإرهاب، إنما ينمّ عن قناعاتها الثابتة المستمَدة من كفاحها من أجل التحرر الوطني الذي مجد كرامة وسلامة الإنسان، وجعلها حقا أساسيا".