انتقد الخبير المالي والاقتصادي، السيد عبد الرحمان مبتول، تقرير الخارجية الأمريكية الذي أشارت فيه إلى أن الجزائر تفتقر لمعايير الشفافية في الإنفاق المالي. المتحدث وفي تصريح ل«المساء" اعترف بوجود تناقضات في تصريحات بعض المسؤولين والوزراء في بلادنا حول الوضع المالي وهو ما أدى إلى مواقف الأطراف الخارجية لكنه، أشار إلى معطيات لا يمكن تجاوزها والتي تعطي نظرة إيجابية ومتفائلة عن مستقبل الجزائر المقبلة على ثورة اقتصادية رابعة وهي التي تتوفر على احتياطات صرف ستصل نهاية العام الجاري إلى 110 ملايير دولار بالاضافة إلى تراجع المديونية الخارجية إلى أقل من 4.5 ملايير دولار. الخبير عبد الرحمان مبتول وفي اتصال هاتفي ب«المساء" أمس انتقد النظرة السلبية التي تروج لمستقبل الجزائر التي تتوفر على حلول وعوامل من شأنها أن تحدث التغيير الذي يجب أن يعتمد على إصلاحات عميقة وجوهرية يشرك فيها الشعب بكل فئاته وبدون استثناء، حتى نتجاوز هذه المرحلة الاستثنائية الحالية والتي يجب أن تكون واضحة لكل الجزائريين كما نادى بذلك رئيس الجمهورية في الآونة الأخيرة. المتحدث أشار إلى أن بلادنا على أبواب ثورة صناعية رابعة تعتمد على الزراعة والسياحة والخدمات وهي الوسائل التي ستحدث التغيير. الخبير حدد جملة من النقاط ألاساسية، قال إنها ضرورية لبلوغ هذا التغيير، وهي الذهاب إلى إصلاحات واسعة بتجنيد الشعب القادر على تجسيدها، لاسيما إصلاح الإدارة والقضاء على البيروقراطية التي لا تزال المعرقل الكبير للاستثمار بالاضافة الى الاستعانة بالأخلاق. انتقاد الخارجية الأمريكية لسياسة الإنفاق المالي فيه الكثير من الحقيقة، حسب الخبير مبتول، الذي أكد أن المنظومة المصرفية الحالية لا تتماشى مع التحول الاقتصادي الوطني والعالمي، مشيرا إلى تسهيلات كبيرة لا تزال تمنح للمستوردين في حين يواجه المستثمرون ضغوطات وصعوبات متعددة.. كما أن المنظومة التربوية لا تتماشى والمحيط الاقتصادي بالاضافة إلى مشكل العقار الذي لا يزال مطروحا في الواقع. الشفافية التي تطرق إليها تقرير الخارجية الامريكي، واقع لطالما رفعناه وأشرنا إليه في العديد من المناسبات حيث سبقته تقارير لخبراء جزائريين رفعت للحكومة -يقول السيد مبتول- مضيفا أن العديد من الخبراء انتقدوا التصريحات المتناقضة والمتضاربة لعدد من الوزراء في حكومة سلال الذين يدلون بتصريحات وتصريحات مضادة في وقت وجيز لا يتعدى أسبوعا، وهو ما لا يتماشى ودعوات الرئيس بوتفليقة الذي طالب حكومته وفي العديد من المرات بتقديم توضيحات عن الوضع المالي والاقتصادي للبلاد بكل شفافية وصدقية. الخبير أشار إلى تقرير رفعه مؤخرا إلى رئيس الجمهورية يتضمن بعض الارقام التي تشكك في حقيقتهاوالمتعلقة بتوقيعات عائدات لجزائر من تصدير الفوسفات والحديد والتي ستفوق ال30 مليار دولار، مشيرا إلى أن ما أعلن عنه رقم مبالغ فيه، وقد أرسلت -يضيف- تقارير واقعية إلى الرئيس بوتفليقة تكذب تلك الأرقام وطالبت بتصحيحها للرأي العام حتى لا يتوهم ويحلم كثيرا بملايير الدولارات المعلن عنها. عن أداء مجلس المحاسبة، قال السيد مبتول الذي سبق له وأن شغل منصبا عاليا بذات الهيئة ما بين سنة 1980 و1984، أشار إلى أن الجهاز يقوم برقابة تقنية على المؤسسات في حين أن الرقابة الحقيقية يجب أن يمارسها الشعب عبر منتخبيه بكل ديمقراطية، مشيرا في هذا السياق إلى الدور الذي يجب أن يلعبه البرلمان الذي يمثل الشعب وعليه فإن مؤسسات الرقابة البرلمانية لا تؤدي دورها والرقابة وان غابت تقنيا، فإنها كذلك شعبيا. للعلم ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، في تقريرها السنوي 2016 حول شفافية الإنفاق بخصوص الجزائر، أن الوثائق المتعلقة بالميزانية متاحة للعامة على العموم، غير أن الحكومة لم تقدم حصيلة تنفيذ الميزانية السنوية في آجال معقولة أو بيانات رسمية عن الإنفاق والمداخيل، وجرى حجب معلومات عن المواطنين، حيث لا يتم توفير إلا معطيات محدودة عن حجم الديون العمومية.ومن الانتقادات التي تضمنها التقرير لإدارة الإنفاق العمومي في الجزائر، أن الميزانية السنوية "لا تتضمن ما جرى صرفه من دعم لصالح المؤسسات المملوكة للدولة، والأرباح أو المداخيل التي حققتها"، وأن الحكومة تمسك حسابات، في إشارة إلى حسابات التخصيص والصناديق الخاصة، غير متاح للرأي العام الاطلاع على عمليات التدقيق المالي والمحاسبي، غير أنها أقرت بأن الحكومة تعمل على تقليص عدد هذه الصناديق.الخارجية الأمريكية أقرت بالمقابل، بأن المعطيات الواردة في الميزانية "يمكن الاعتداد بها، ولكن الحكومة لم تقدم بيانا عن أوجه تنفيذ الميزانية، ورغم قيام مجلس المحاسبة بالتدقيق في حسابات الحكومة، فإن تقاريره لا يتم نشرها".. ونصح التقرير الحكومة الجزائرية بالعمل على تحديث وعصرنة ميزانيتها من خلال إدخال تكنولوجيات الاتصال وإخضاع الحسابات خارج الميزانية للتدقيق والرقابة، وجعل وثائق الميزانية، مثل تقرير تنفيذ ميزانية الدولة ومجلس المحاسبة، متوفرة في غضون فترة معقولة من الزمن.