اعتبر المُحلّل الاقتصادي الدكتور عبد الرحمان مبتول، التوجيهات التي قدّمها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للطاقم الحكومي خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء بمثابة مؤشر على أن القاضي الأوّل في البلاد على إطلاع بكافة التفاصيل المُتعلقة بما أسماه »سوء التسيير« الحاصل في بعض القطاعات الوزارية، وبالنظر إلى الميزانية المُعتبرة المُخصّصة للخماسي المقبل فإن مبتول يرى أنه من الضرورة وضع آليات رادعة ضد كل مُحاولات اختلاس المال العام. أرجع الدكتور عبد الرحمان مبتول تخصيص الدولة ما يفُوق عن 130 مليار دولار من أجل تغطية العجز المالي الذي سجلته بعض المشاريع ذات الطابع الإستراتيجي خلال الخُماسي المنقضي، إلى العديد من العوامل حصرها بالأساس في سوء التقدير الحاصل لدى بعض القائمين على سير هذه المشاريع، بالإضافة إلى عدم استبعاده جانب »سوء التسيير« الذي نجم عنه اختلال في الميزانيات الإجمالية للمشاريع المعنية بعملية إعادة التقويم التي وافق عليها رئيس الجمهورية في آخر اجتماع لمجلس الوزراء مع تقديم بعض الملاحظات. وزيادة على حديثه عن مساهمة قضايا الرشوة والفساد في تلك الاختلالات، ولو بنسب ضئيلة، فإن الخبير الاقتصادي أوضح في تصريح خصّ به »صوت الأحرار« أنه سبق لصندوق النقد الدولي »أفامي«، في أحدث تقاريره، وأن قدّم ملاحظات تصبُّ في نفس الاتجاه عندما أشار إلى أن هناك عدم تحكم في تسيير ميزانيات بعض المشاريع في البرنامج الخماسي للتنمية 2004-2009، وبالتالي فإن المتحدث قال إنه لا بُدّ على السلطات العمومية أن تُعيد حساباتها فيما يتعلق ببرنامج الاستثمارات العمومية للخماسي المقبل لتفادي الوقوع في نفس الحسابات التي نجمت عن سوء التسيير في المرحلة السابقة. وعاد الدكتور مبتول بالمناسبة للتذكير بالمُخصّصات المالية التي تبنّتها الحكومة في العام 2004 بالنسبة للمُخطّط الخماسي، مشيرا إلى أنها كانت في البداية عند حدود 55 مليار دولار لتُقرّر الحكومة بعد ثلاث سنوات مراجعة الميزانية وترفعها إلى أكثر من 150 مليار دولار، ثم لفت إلى أن الميزانية ذاتها وصلت 200 مليار دينار مع البرنامج الذي خُصّت بها منطقتا الجنوب والهضاب العليا، وفي اعتقاده فإن كل هذه التغييرات تؤشّر، هي الأخرى، إلى سوء تقدير واضح ناجم كذلك عن عدم التحكّم في عملية التسيير. وبرأي عبد الرحمان مبتول فإن المرحلة المُقبلة تقتضي مُراقبة صارمة لحجم الإنفاق العمومي بما يضمن الحفاظ على أموال الدولة، ولذلك أشار إلى أهمية التعليمات التي قدّمها رئيس الجمهورية إلى الطاقم الحكومي وخاصة تلك المتعلقة بمحاسبة الوزراء بشكل دوري، معتبرا أن »الأموال لوحدها لا تكفي إذا ما كانت الموارد البشرية التي تتصرف فيها لا تحُسن الإنفاق وليست لها علاقة بالتسيير«. ومن أجل تفادي ما حدث في السنوات الماضية من اختلاسات وممارسات أثّرت بشكل سلبي على وتيرة سير المشاريع، وحتى ميزانياتها، فقد اقترح الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول أن تلجأ السلطات العمومية إلى اعتماد »عقود النجاعة« التي تضع، حسبه، المسؤولين وكافة المُشرفين على سير المشاريع أمام التزاماتهم، وأكثر من ذلك فإن مُحدّثنا أوضح أن التحضير لمرحلة ما بعد البترول »تقتضي وضع آليات كفيلة بحماية أموال الشعب وتحضير أرضية حقيقية لاقتصاد مُنتج غير معتمد بشكل كلّي على عائدات المحروقات«.