عرفت أشغال الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي للجزائر العاصمة، أمس، الأحد بالجزائر العاصمة، نقاشا حادا بين المنتخبين المحليين والمديري المركزيين، حول واقع ومصير الفضاءات العمومية ومرافق الترفيه والتسلية المتواجدة بالعاصمة ك«دنيا بارك" وحديقة بن عكنون، حيث طالبوا بضرورة حمايتها من "البزنسة" وجعلها فضاءات مفتوحة في خدمة المواطنين والصالح العام. وسلّط أعضاء المجلس خلال جلسة النقاش التي أعقبت أشغال جلسة المصادقة على مشروع الميزانية الإضافية لنشاط 2016، التي جرت فعالياتها بقاعة المحاضرات بمقر ولاية الجزائر، الضوء على واقع تسيير مثل هذه الفضاءات العمومية، وما يشوبها من إخلال بالقوانين والنظم واستغلالها في الابتزاز والمتاجرة المنافية للقانون، علاوة على وضعها المزري والكارثي الذي آلت إليه بسبب الإهمال واللامبالاة، داعين إلى ضرورة تحديد المسؤوليات في ذلك ووضع النقاط على الحروف وعدم التسامح مع المتسببين في هذه الوضعية. ودعا رئيس لجنة التربية الوطنية والتعليم العالي بالمجلس محمد الطاهر ديلمي، إلى ضرورة إعادة الاعتبار للمرفق العمومي كحديقة "دنيا بارك" المتربعة على مساحة 1095 هكتارا، من خلال التعجيل بفتح تحقيق معمّق حول قضية بيع 65 هكتارا منها لخواص بطرق مشبوهة، ومنح 69 عقد امتياز لإقامة نواد ومطاعم دون وجه حق، وهو ما يعد مساسا خطيرا بهذا الفضاء الترفيهي الذي أصبح تحت وصاية ولاية الجزائر، متسائلا عن كيفية حدوث مثل هذه الأمور بعيدا عن أعين مصالح الولاية التي يتعيّن عليها أن تكون على اطلاع مسبق بكل خرق للقانون في هذا المجال. كما طالب السيد ديلمي، في هذا الإطار بوجوب أن تسعى ولاية الجزائر إلى المشاركة في لجنة تحقيق مختصة حول هذا الموضوع باعتبار أن هذه الحديقة تقع بإقليمها، وبالتالي من واجبها عدم السكوت عن مثل هذه الممارسات التي ترهن مستقبل هذا الفضاء البيولوجي. وشدّد في السياق، على ضرورة إعادة تثمين حديقة الحيوانات والتسلية ببن عكنون التي أضحت تعيش وضعا متدهورا بسبب تحويلها من قبل بعض مسيّريها إلى فضاء للابتزاز والبزنسة والممارسات غير الأخلاقية، مجددا تذكيره بأنه من حق ولاية العاصمة التدخل لإعادة الأمور إلى نصابها لكون هذا الفضاء تحت وصايتها دون غيرها. ومن جهة أخرى سلّط المشاركون الضوء على واقع الدخول الاجتماعي الحالي لاسيما المدرسي، حيث تباينت آراؤهم بين مرتاح للإجراءات التنظيمية والتحضيرية، ومتشائم من قضية استمرار اكتظاظ الأقسام التي لا تزال تميّز بعض المؤسسات التربوية بإقليم العاصمة، حيث دعا السيد ديلمي، في هذا الشأن إلى ضرورة التفكير بكل جديّة في هذا الانشغال الذي انعكس سلبا على التحصيل العلمي والمعرفي للتلاميذ. مذكّرا بأن العاصمة وحدها استلمت هذه السنة 44 مرفقا تربويا بمختلف الأطوار. وللإشارة، فقد صادق المجلس الشعبي الولائي لولاية الجزائر العاصمة، أمس، في دورة عادية للمجلس بالأغلبية على مشروع الميزانية الإضافية لنشاط السنة الجارية 2016، التي قدّرت قيمتها الإجمالية بأكثر من 94 مليار دينار، وهذا بعدما حظيت بالدراسة والمناقشة من قبل 50 عضوا، حيث سجّل النواب من خلال حصيلة الأرقام المقدمة عجزا ملحوظا في تحصيل الضريبة على النشاط المهني بمبلغ فاق المليار دينار. وأوضح مدير الميزانية والممتلكات بولاية الجزائر، الحاج خالد، خلال جلسة المصادقة على مشروع هذه الميزانية الاضافية بحضور والي الولاية عبد القادر زوخ، ورئيس المجلس الشعبي الولائي كريم بنّور، وإطارات ونواب المجلس والمديرين المركزيين، أن لجنة الاقتصاد والمالية بالمجلس قد شرعت في دراسة هذا المشروع بعد إحالته عليها من قبل رئيس المجلس، حيث باشرت فور ذلك يوم 17 جويلية 2016 في تقييم وعرض مشروع الميزانية الاضافية وشرح محتواه من الجانب المالي والتقني، بحضور نواب الرئيس ورؤساء اللجان وممثلي الهيئة التنفيذية. ضرورة الاجتهاد أكثر في تحصيل الجباية وترشيد المال العام وكشف السيد خالد في هذا الشأن، أن اللقاءات التي جمعت هذه الهيئات كلّلت بمناقشة المشاريع المسجلة وتقديم التوصيات والشروحات المطلوبة حول هذه البرامج، كما قدّموا عرضا شاملا حول وضعية ومدى تقدم قطاعاتهم في مجال التنمية والإنجاز، معلنا بالمناسبة على أن القيمة الإجمالية لمشروع الميزانية الإضافية للسنة الجارية قدر ب94.704.520.143.93 مليار دينار موزّعة على قسم التسيير بمبلغ مالي يقدر ب30.267.329.182.23 مليار دينار، ما يمثّل نسبة 32 بالمائة بعد حذف الاقتطاع لنفقات التجهيز والاستثمار، مع تسجيل عجز في تحصيل الضريبة على النشاط المهني بقيمة 1.188.743.151.00 مليار دينار. وعليه يطلب من الهيئات التابعة لوزارة المالية بذل المزيد من الجهود في تحصيل الجباية التي تعد أساس ومصدر موارد الولاية، والحرص على ترشيد المال العام في إطار توجيهات وزير الداخلية والجماعات المحلية الرامية لدفع عجلة التنمية-كمال قال-. وفيما يتعلّق بقسم التجهيز والاستثمار، أشار المتحدث إلى أن الميزانية المخصصة له تقدر ب64.473.190.961.70 مليار دينار، أي بنسبة 68 بالمائة بعد حذف الاقتطاع لنفقات التسيير، مؤكدا أن هذه النسبة تعكس الأولوية والاهتمام الذي توليه الهيئة التنفيذية لقطاع التجهيز والاستثمار، غير أنه يسجّل على ضوء هذه الميزانية -حسبه- ارتفاع مبلغ الترحيلات القدر ب44.732.588.267.17 مليار دينار من مجموع قسم الاستثمار والتجهيز مقارنة بالميزانيات السابقة. كما دعا رئيس لجنة الاقتصاد والمالية بالمجلس هواري بوزيد، إلى مزيد من الجهد من قبل الهيئة التنفيذية لتحسين الخدمات وإنجاز المشاريع في إطار التنمية المحلية، مشددا على أهمية غلق البرامج المتبقية وتسريع وتيرة إنجاز المشاريع، كما أشار إلى أن لجنته تسجّل بكل ارتياح برنامج عصرنة الإدارة بتجهيزها بجل المرافق العمومية للولايات المنتدبة والبلديات والملحقات الإدارية الأخرى. مشددا على وجوب مواصلة محاربة التجارة الموازية بمختلف البلديات. توصيات لتجسيد مشاريع مدرجة في 2017 وعلى ضوء تدخلات واستفسارات النواب، أوصى المجلس الشعبي الولائي للعاصمة في الأخير، بالاهتمام بممتلكات العقار الصناعي بالعاصمة التي أضحت تحت تصرف الولاة حسب تعليمة الحكومة الأخيرة وتحويلها إلى نشاطات خدماتية تصبح موارد أساسية للتمويل المحلي، إلى جانب التكفّل العاجل بإنجاز المجمّعات المدرسية للأحياء السكنية الجديدة على غرار حي كوريفة بالحراش والسحاولة، والعمل على إيفاد لجان ولائية مختصة للتأكد من مدى إنجاز محطات التطهير بالمؤسسات المصنّفة المتسببة في تلويث مجاري وديان العاصمة. كما دعا نواب المجلس الشعبي الولائي، إلى تكثيف الجهود لتجسيد مشاريع مدرجة خلال سنة 2017، كمشروع إنجاز الأكاديمية والمتحف الأولمبي الجزائري، وتهيئة المركز الكشفي الدولي، وإنجاز قاعة محاضرات لمديرية الصيد البحري والموارد الصيدية، ناهيك عن تشييد مسجد نور السلام ببلدية زرالدة.