أكدت سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالجزائر، السيّدة جوان بولاشيك، أمس، أن حكومة بلادها تتشرّف بدعم جهود الجزائر التي تعمل على تنويع اقتصادها للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، مضيفة أن حماية حقوق الملكية الفكرية تعد جزءا مهما في عمل المنظمة، كما أكدت حرص بلادها على تقديم المساعدة التقنية للحكومة الجزائرية في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية باعتبارها أولوية لتشجيع القطاعات الصناعية الناشئة. بولاشيك أوضحت في كلمتها خلال ملتقى حول حقوق الملكية الفكرية وأثرها على النمو الاقتصادي المنعقد أمس، بفندق الأوراسي، أن الجزائر تدرك الأهمية التي تمثلها الشراكة والابتكار باعتبارهما أرضية لإرساء نموذج اقتصادي دائم يشمل أيضا الأجهزة الطبية وقطع غيار السيارات. السفيرة أكدت أن الجزائر تتوفر على إطار قانوني متطور في هذا المجال يتطابق مع مختلف المعاهدات الدولية التي أمضت عليها، مشيرة إلى أن ذلك ما جعل المنظمة العالمية للملكية الفكرية تختار الجزائر لاحتضان مكتبها الجهوي الجديد. الدبلوماسية الأمريكية أوضحت أن حماية حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع يعد أمرا أساسيا لبناء اقتصاد مؤسس على التكنولوجيا والتي تضمن بدورها نموا دائما وقويا في خلق مناصب الشغل، مضيفة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تولي أهمية كبيرة لذلك باعتباره مفتاح النّجاح الاقتصادي. في هذا الصدد أكدت السفيرة أن مكتب براءات الاختراع بالولاياتالمتحدة سجل سنة 2015، أكثر من 350 ألف براءة اختراع من بينها 52 بالمائة آتية من الخارج، مضيفة أن هذا المؤشر يدل على روح الابتكار التي تميّز الاقتصاد الأمريكي. علاوة على البعد الاقتصادي أشارت المتحدثة إلى الأهمية التي يشكلها تأثير حقوق الملكية الفكرية على الأمن، باعتبار أن المنتوجات المقلّدة من شأنها خلق مشاكل في الصحة والأمن. بل أن الأدوية المغشوشة تقول بولاشيك لا تشكّل خطرا على التمويلات المالية للشركات الصيدلانية فحسب، بل أيضا قد تسبب مخاطر قد تؤدي إلى موت المرضى. وعليه ترى السفيرة أنه من الضروري تطوير تطبيقات صارمة لحقوق الملكية الفكرية ومن ثم حماية المواطنين وأيضا تطوير صناعة صيدلانية قوية وذات تنافسية. الدبلوماسية الأمريكية استشهدت في هذا الصدد بالدراسة التي أعدها الكونغرس الأمريكي سنة 2012، والتي أبرزت أن العمال الذين يعملون في قطاعات صناعية لها علاقة بحماية حقوق الملكية الفكرية هم أكثر إنتاجا مقارنة بنظرائهم في القطاعات الأخرى، مما يعكس الأهمية التي تشكلها هذه الحقوق في إرساء مناخ استثماري ملائم. من هذا المنطلق أكدت السفيرة الأمريكية أن شركات بلادها تأخذ بعين الاعتبار توفر مثل هذا الإطار في دول العالم قبل أن تستثمر بها، مضيفة أن المستثمرين الأمريكيين ينظرون بعناية إلى نظام حماية هذه الحقوق في هذه البلدان لتفادي خسارة أموالها. وعليه ترى السفيرة أن ضمان هذه الحقوق يعد أمرا أساسيا لجذب المستثمرين الأجانب لتعزيز بروز اقتصاد ناشئ وثري ومتنوع. السفيرة خلصت إلى القول بأنه أمام التحديات التي يواجهها العالم الرقمي مترابط الأطراف والمعرض للقرصنة والتقليد، أصبح لزاما تعزيز هذه الحماية وتطبيق المعايير وتطوير ديناميكية التعاون من أجل مصلحة جميع المبتكرين سواء على المستوى المحلي أو على مستوى الاقتصاد العالمي. 850 براءة اختراع سجلت في الجزائر عام 201لمدير العام للمعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية عبد الحفيظ بلمهدي، أوضح من جهته أن الملكية الصناعية في بلادنا تعرف حركية كبيرة مع ازدياد كبير لعدد براءات الاختراع وحماية العلامة التجارية، مضيفا أن كل الظروف باتت مهيأة في الجزائر لتجسيد استثمار قوي والتفتح نحو الاستثمار الخارجي. بلمهدي أشار إلى أنه خلال سنة 2015 بلغ عدد براءات الاختراع 850 براءة، 10 بالمائة منها تخص براءات لمستثمرين جزائريين في قطاعات الميكانيك والكيمياء والإلكترونيك، كما تم تسجيل 6 آلاف طلب جديد لحماية العلامة، منها 2000 طلب خاص بالأجانب. وأضاف أنه خلال السداسي الأول من هذه السنة تم تسجيل 3 آلاف طلب وينتظر أن تتجاوز 6 آلاف مع نهاية العام. بالنسبة لحالات التقليد المسجلة، أوضح المتحدث أن هيئته ليست مخولة لاستقبال دعاوى الشركاء الوطنيين والدوليين وأن الدعاوى تسجل على مستوى المحاكم. في موضوع الملتقى أوضح بلمهدي، أن الهدف يكمن في وضع إستراتيجية بين الجانبين لترقية نظام الملكية لا سيما وأن النّصوص التشريعية الدولية متطابقة مع النصوص الجزائرية. للإشارة يستضيف الملتقى الذي يختتم اليوم، خبيرين أمريكيين وهما عائشة سالم، خبيرة في حقوق الملكية الفكرية لدى مكتب براءات الاختراع والعلامات المسجلة في الولاياتالمتحدة لمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والدكتور تيم فيتينغ، مستشار لدى المخابر الفيدرالية، مختص في تحديات حماية الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا. ويناقش الخبيران مع نظرائهما الجزائريين عدة قضايا متعلقة بحقوق الملكية الفكرية وصلتها بالاقتصاد المبني على التكنولوجيا والإبداع. الخبير الأمريكي تيم فيتيغ ل«المساء": للجزائر تصورات نوعية في مجال الملكية الفكرية أكد الدكتور تيم فيتيغ، مستشار لدى المخابر الفيدرالية والمختص في تحديات حماية الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا بالولاياتالمتحدةالأمريكية، أن للجزائر تصورات نوعية في مجال الملكية الفكرية على المستوى الدولي، مشيدا في هذا الصدد بالعديد من الخبراء الجزائريين الذين يشتغلون في المخابر الأمريكية والذين يتمتعون بالكفاءة العلمية. الخبير الأمريكي أشار في تصريح ل«المساء" على هامش ملتقى حول حقوق الملكية الفكرية وأثرها على النمو الاقتصادي، نظم أمس بفندق الأوراسي، إلى أن لقاء خبراء البلدين من شأنه أن يزيل بعض الغموض الذي قد يكتنف بعض الإجراءات التي تعتمدها الجزائر في مجال حقوق الملكية الفكرية، كون ذلك يعزز مسار التعاون الاقتصادي لا سيما في المجال الصيدلاني الذي قطع أشواطا معتبرة بين الجانبين خلال السنوات الأخيرة. فيتينغ أوضح أنه من المهم جدا فهم وجهات نظر الخبراء الجزائريين في مجال تطبيق نظام حماية حقوق الملكية، من منطلق أن المستثمر الأمريكي يهمه كثيرا الاطلاع على محيط الاستثمار في البلد الذي يطمح لإقامة مشاريع به، مضيفا أن الإطار القانوني في الجزائر يرقى إلى المواصفات الدولية لكن من المؤكد أنه يتسم بالخصوصية التي غالبا ما ترتبط بفعالية الاستثمارات التي تمنح قيمة إضافية لاقتصاد البلد. الخبير الأمريكي أبدى تفاؤله لنجاح هذا الملتقى الذي قال بخصوصه بأنه سيثري بلا شك رصيد التعاون في المجال الصيدلاني، مضيفا أنه ليس من الصدفة أن يتم اختيار هذا المجال خلافا للقطاعات الأخرى، من منطلق أن بلاده تحرص على مرافقة جهود الجزائر في تنويع اقتصادها ليشمل قطاعات أخرى خارج المحروقات. سامي بن شيخ الحسين: منع استيراد بعض الأدوية نقطة خلاف بين الجزائروالولاياتالمتحدة قال المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، سامي بن شيخ الحسين، إن المشكل الوحيد القائم بين الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية في القطاع الصيدلاني هو الاستثمار في قطاع الأدوية، بعد أن قررت بلادنا منع استيراد قائمة لبعض الأدوية بعد أن رأت بأنه بإمكانها إنتاجها محليا. بن شيخ الحسين أوضح أمس، في تصريح للصحافة على هامش ملتقى حقوق الملكية الفكرية وأثرها على النّمو الاقتصادي الذي تنظمه سفارة الولاياتالمتحدةبالجزائر، أنه باعتباره عضوا في اللجنة الوطنية التي تتفاوض مع المنظمة العالمية للتجارة، يرى أنه من حق بلادنا منع استيراد بعض الأدوية لتشجيع المستثمرين الشباب الذين فتحوا مخابر لصناعة الأدوية وينشطون في إطار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. المتحدث أوضح أن أعضاء من منظمة التجارة العالمية لا يعجبها قرار الجزائر وتعتبره يتنافى وروح التنافسية، مشيرا إلى أن اللقاء يشكل فرصة للأمريكيين لفهم وجهة نظر نظرائهم الجزائريين حول هذه النقطة، وأنه سيتم التفاوض حولها بهدف الخروج برؤية موحدة. بخصوص احتضان الجزائر المكتب الجهوي لحقوق الملكية الفكرية في بداية 2017، قال بن شيخ الحسين، إن ذلك يعكس المكانة التي أضحت تمثلها الجزائر في هذا المجال لا سيما بعد التطور الذي حققته في تشريعاتها التي تتطابق مع المعاهدات الدولية، مضيفا أن قرار اختيارها لاحتضان هذا المكتب في أواخر شهر أوت الماضي جاء بدعم من الدول الإفريقية. الخبير عمر زاهي ل«المساء": ليس مهما شراء التكنولوجيا بل الاستفادة منها قال عمر زاهي، خبير في الملكية وأستاذ القانون أمس، أن ملتقى الملكية الفكرية الذي يجمع الخبراء الجزائريين بنظرائهم الأمريكيين جاء بطلب من الطرف الأمريكي الذي يواجه مشكل التقليد في الدول التي يتعامل معها، باعتبار أن لديه العديد من المخابر التي تتنافس في مجال إنتاج الأدوية. الخبير زاهي المشارك في الملتقى أشار في تصريح ل«المساء" إلى أن الطرف الأمريكي كثيرا ما يبحث عن ضمانات لحقوق الملكية الصناعية لمواجهة التقليد، ولم يستبعد أن يكون الملتقى بمثابة امتحان للأمريكيين لجس النّبض قبل اتخاذ قرار الاستثمار في الجزائر في هذا المجال. كما يرى المتحدث أن البحث العلمي في الجزائر بحاجة للاستفادة من الخبرة الأجنبية، مقرا بعدم إعطاء أهمية كبيرة لهذا الموضوع خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن الجزائر مضطرة للجوء إلى هذه الخبرة عن طريق ترخيص واستغلال براءات الاختراع ونقل المعرفة للشروع في إرساء إستراتيجية بحث حول موضوع الملكية الفكرية. زاهي أوضح أنه ليس مهما شراء التكنولوجيا بل الاستفادة منها واستغلالها في براءات الاختراع، مضيفا أن اللقاء يشكّل مناسبة للطرف الجزائري للاطلاع على نماذج الشركات الأمريكية التي تشهد تقدما معتبرا في هذا الميدان.