كشف المدير العام للشركة الوطنية للنّقل بالسكك الحديدية، السيّد ياسين بن جاب الله، أمس، أن حادث الاصطدام بين قطارين بمنطقة بودواو يوم السبت الفارط، والذي خلّف وفاة أحد السائقين وجرح 196 شخصا يعود بالدرجة الأولى إلى خطأ بشري لم يتم بعد تحديد من المسؤول عنه، معيبا على السائقين تعودهم على طريقة معينة لقيادة القطارات دون الأخذ في الحسبان الأخطار التي قد تحدث عبر السكك، مصنّفا أخطاءهم في خانة "جنحة العادة"، مؤكدا عزم الشركة على إعادة رسكلة كل السائقين واستغلال خبرة الشركة الفرنسية للنّقل عبر سكك الحديدة للرفع من كفاءاتهم. مدير الشركة الوطنية للنّقل بالسكك الحديدية، أرجع سبب عدم توقف القطار السريع الجزائرسطيف واصطادمه بقطار آخر كان متوقفا إلى تشبّع نظام تسيير الإشارات الذي أصبح لا يستطيع استيعاب كل الطلب عليه، خاصة وأن الشركة تنظم يوميا 115 رحلة لربط العاصمة بشرق وغرب البلاد، ويتم تحديد فترة زمنية لا تقل عن 20 دقيقة ما بين كل رحلة نظرا لعدم توفير شبكة عصرية تسمح باستيعاب كل الرحلات. السيّد بن جاب الله، اعترف في ندوة صحفية عقدها بمقر الشركة صباح أمس، بقدم كل أنظمة تسيير حركة القطار وتشبّع الشبكة القديمة التي لا تتلاءم مع أنظمة سير القطارات الجديدة التي تم جلبها مؤخرا، مشيرا إلى أنه لو كانت الشبكة مدعمة بأجهزة إنذار تتماشي والأنظمة العصرية المعتمدة عبر عدد من دول لتوقف القطار السريع الجزائرسطيف قبل اصطادمه بالقطار الثاني، من منطلق أن النظام يسمح بتسيير حركة القطارات عبر الأقمار الصناعية، وهو الذي سيتم اعتماده بالجزائر بعد وصول كل التجهيزات والعتاد الضروري لعصرنة شبكات السكك الحديدية القديمة خلال السنتين المقبلتين. وردا على أسئلة الصحافة حول سبب تأخر وصول التجهيزات الخاصة بنظام إنذار شبكة السكك، خاصة وأن القاطرات الجديدة التي تم جلبها تتضمّن نظاما آليا للاتصال عبر الأقمار الصناعية تسمح بتحديد مكان تواجد كل قطار وسرعته، مع إمكانية التدخل عن بعد لتوقيفه في حالة اكتشاف عطل، أكد بن جاب الله، أن الشركة ستشرع عما قريب في استقبال أولى التجهيزات وهي تتطلب وقتا آخر لوضعها وصيانة الشبكة القديمة للنّقل عبر السكك الحديدية، لذلك تتوقع الشركة الشروع في العمل عبر أنظمة التسيير العصرية بعد سنتين على أكثر تقدير عبر الشبكة القديمة، في حين يمكن استغلال النظام عبر كل خطوط السكة الحديدية الجديدة. بالمقابل أبرز المسؤول أن الشركة ستعكف حاليا على إطلاق عملية واسعة لإعادة رسكلة كل السائقين وعمال باقي المصالح، على أن يتم إدراج مواد تعليمية جديدة بمدرسة تكوين السائقين بالرويبة قصد تدريب العمال على طرق التحكم في سير القطارات، مع التركيز على تعليمهم اللغة الفرنسية التي يجب أن يتقنوها قراءة وكتابة للتحكم في تجهيزات القاطرات. أما فيما يخص نظام الإشارات القديم، فأكد بن جاب الله، أن عملية العصرنة تتم بخطى سريعة خاصة بعد حادثة اصطدام قطارين بمحطة حسين داي، وهو الحادث الذي دفع بالسلطات العليا إلي تخصيص أغلفة مالية للشركة لعصرنة كل أنظمتها مع إرسال المكونين إلى ألمانيا والولايات المتحدةالأمريكية وكوريا للتدرب على الأنظمة الجديدة، والعودة لتكوين العمال للتحكم في التقنيات الجديدة. 3 ملايير دج خسائر حادث القطارين أما فيما يخص قيمة الخسائر المادية التي تكبّدتها الشركة على خلفية الحادث، أشار المدير إلى مبلغ 3 ملايير دج، وهو ما يمثل خسارة إلغاء العديد من الرحلات لمدة يومين، بالإضافة إلى الأضرار البليغة التي لحقت بعربات القطارين، مع العلم أن الشركة لم تتمكن من صيانة وإصلاح أحد القطارين بالنّظر إلى الأضرار التي لحقت به، وحسب بن جاب الله، فإن تكلفة إصلاحه تساوي تكلفة اقتناء قطار جديد لذلك تقرر تفكيكه ومحاولة استرجاع بعض قطع الغيار السليمة. وعن الإشاعات المروّجة حول تعطّل الرافعة الخاصة بالمؤسسة والتي يتم استعمالها لرفع القطارات من السكة، نفى المدير الخبر مؤكدا أن المؤسسة تملك رافعة بطاقة 130 طنا غير أن مكان وقوع الحادث لم يسمح باستعمال هذه الرافعة لكون استعمالها كان يتطلب نزع الكوابل الكهربائية وهو ما كان سيؤخر عملية إعادة حركة القطارات، لذلك تقرر تأجير رافعة صغيرة مع قطع عدد من الأشجار بالموقع لرفع عربات القطار المتضررة والسماح بعودة القطارات إلى السكة منتصف نهار أول أمس. ويذكر أن نتائج التحقيق حول أسباب وقوع الحادث تقوم بها ثلاث لجان الأولى جهوية والثانية وطنية، بالإضافة إلى لجنة تحقيق وزارية مشتركة، وسيتم الكشف عن نتائج التحقيق خلال الأيام القليلة القادمة من طرف وزير النّقل والأشغال العمومية السيّد بوجمعة طلعي.