استفاد صباح أمس، المعلم الديني والأثري مسجد "الباشا" المتواجد بحي سيدي الهواري بوهران من حملة تنظيف واسعة، بمبادرة من الديوان الوطني لاستغلال الممتلكات الثقافية، بالاشتراك مع متطوعين من مواطنين وجمعيات ناشطة في مجال حماية البيئة، وكذا القطاع الحضري لسيدي الهواري، ومديريتي الشؤون الدينية والثقافة، حسبما كشفه رئيس الديوان بالولاية السيد أورابح ماسينيسا. الحملة التي عرفت استجابة واسعة للعائلات الوهرانية، التي كانت مرفوقة بأطفالها، كانت متبوعة بزيارة لخبايا هذا المعلم الأثري الذي فتح أبوابه على مصراعيها، حيث استفاد الزوار من شروحات كافية حول المسجد الذي يعود تاريخ إنجازه إلى التواجد العثماني في الجزائر، على غرار النفق الذي يربط قصر الباي بالمسجد، إذ كان يتخذه الباي آنذاك كملجأ آمن للوصول إلى المسجد للقاء الرعية، اختصارا للوقت وحماية له من الاغتيالات التي كانت منتشرة آنذاك، والتعرف كذلك على الدكة وهي مكان للتقنية المبتكرة آنذاك حول كيفية وصول صدى صوت الإمام أثناء إلقائه خطبة الجمعة، إلى جانب المنارة ثلاثية الأضلع المصنفة، إضافة إلى المكتبة الضخمة التي تضم عددا كبيرا من المخطوطات وكتب قديمة وثمينة. فحسب السيد ماسينيسا أورابح، يعد مسجد "الباشا" الوحيد الذي نجا من التغيير لطابعه الديني والنسكي، الذي مارسه المستعمر الفرنسي ضد المقومات العربية الإسلامية للشعب الجزائري خلال تواجده في الجزائر، حيث حول جميع المساجد الأخرى إلى كنائس وإسطبلات وثكنات عسكرية استغلت الصوامع بها كأبراج مراقبة. للإشارة، فإن تاريخ إنجاز هذا المعلم الديني والأثري الذي يعود إلى التواجد العثماني في الجزائر بناه في عهد الباي محمد الكبير سنة 1796، وأغلق سنة 2008 من قبل السلطات المحلية، بعد تعرضه لتصدعات في السقف وشقوق، حماية للمصلين من الخطر، ليستفيد من مشروع الترميم، تحت إشراف مؤسسة إنجاز تركية قصد الحفاظ على نمطه المعماري الأصيل وأشكاله الفنية المتعددة والأصيلة. ستتبع هذه المبادرة بمبادرات لاحقة قصد تنظيف المعالم الأثرية المتواجدة عبر تراب الولاية، في محاولة من قبل القائمين على تسيير ديوان استغلال الممتلكات الثقافية بوهران لضرب عصفورين بحجر واحد؛ تنظيف هذه المعالم الأثرية وإعادة بهائها إليها، وفي نفس الوقت تحفيز العائلات الوهرانية والمجتمع المدني على ثقافة السياحة الأثرية والدينية، لاسيما الأطفال الذين يعول عليهم مستقبلا في بناء سياحة داخلية بامتياز، نظرا لما تزخر به عاصمة الغرب الجزائري من مقومات سياحية في هذا الجانب وفق نفس المصدر.