تحول قصر الباي بسيدي الهواري في وهران إلى ملجأ غير قانوني تقطنه سبع وثلاثون عائلة اتخذت منه مكانا للعيش بطريقة غير قانونية لأزيد من أربعين سنة، الأمر الذي استنزفه وشوه من هندسته المعمارية الجميلة ويهدد بتآكل قيمته الأثرية الفريدة من نوعها. وأكد ماسينيسا أورابح ممثل ديوان تسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية بوهران أنّ هناك ضرورة ملحة و استعجالية لحماية المعلم الأثري قصر الباي وطالب السلطات المحلية بوهران بضرورة إعادة الاعتبار لهذا القصر المتواجد بحي سيدي الهواري العتيق.كما أشار المتحدث إلى أن بقاء هذه العائلات في هذه البيوت الفوضوية التي توجد في المدخل الخارجي للقصر بات يشكل خطرا على هذا الشاهد التاريخي الذي يعود تشييده للحقبة العثمانية الغابرة، باعتبار أن عمليات التغيير التي قامت بها هذه العائلات بطريقة عشوائية وفوضوية في البيوت أدت إلى إحداث تحويرات جذرية قضت على الهندسة الإسلامية التركية التي اعتمدت في بناء هذا الأخير من طرف العثمانيين. والغريب في الأمر أن هذا التخريب البشري والمتعمد لهذه المعالم الأثرية لم يمس قصر الباي فحسب، بل أنه شمل كذلك معالما أخرى على غرار باب الحمراء الذي كانت تقطن فيه خمس عائلات وكذا القصبة القديمة التي كانت تشغلها كذلك 270 عائلة ولحسن الحظ فقد قامت السلطات الوصية بطرد هؤلاء الدخلاء من هذه الأماكن الأثرية حتى تعيد الاعتبار لها وقامت بترحيلهم إلى مساكن أخرى لائقة بخلاف تلك البيوت الفوضوية والمساكن الموحشة التي كانوا يقطنون فيها في السابق، غير أن عملية الترحيل لم تمس قاطني قصر الباي الذي لا يزال يصارع لحد اليوم نوائب الزمن وآثار التدمير البطيء البشري الذي ما فتئ يواجهه مؤخرا وهذا حتى لا يتعرض للاندثار والاضمحلال . عمليات الترحيل السابقة لم تشمل القصر كشف المسؤول نفسه، أنه ومنذ عملية الترحيل الأخيرة التي باشرتها السلطات المعنية في 2007 والتي مست معظم المواقع الأثرية التي شغلتها المئات من العائلات بطريقة غير شرعية إلا أنه وللأسف لم تشمل هذا القصر ذا الهندسة المعمارية الفريدة والتحفة الأثرية الجميلة الذي كان ذات يوم حصنا منيعا للبايات العثمانيين من أجل رد الاعتبار له والحيلولة من ضياعه وتدارك الإهمال الذي وصل إليه، في الوقت الذي تشهد فيه معالم أخرى اهتماما بالغا من لدن الوصاية كقلعة سانتا كروز وحلبة الثيران وغيرها من المعالم التي استفادت من الترميم ورد الاعتبار. في هذا الصدد، أضاف ماسينيسا بأنه حان الوقت لإيجاد حل شامل وجذري لهذا القصر حتى تبعث فيه الروح من جديد ويصبح قبلة للسياح وواجهة ثقافية وتاريخية تعتز بها عاصمة الغرب الجزائري .ويعد قصر الباي من أهم المعالم الشاهدة على مرور الحضارة العثمانية بوهران كما أنه يتسم بشكل هندسي معماري أصيل يبهر السائح منذ أول وهلة، لكن هذه الفسيفساء الإسلامية الفريدة من نوعها للأسف لم تستطع أن تخفي ملامحها عوامل الإهمال البشري وكذا عوامل الزمن والطبيعة التي عبثت بها منذ سنوات عديدة ولا تزال، وذلك في ظل غياب عمليات الترميم التي لا زالت حبيسة أدراج المسؤولين الأمر الذي جعله هيكلا اثريا بلا روح، برغم المساعي التي بذلتها جمعية صحة سيدي الهواري التي تعتبر الجمعية الوحيدة على مستوى ولاية وهران التي اهتمت بالتراث والموروث المادي والمعالم الأثرية وعملت جاهدة من أجل حمايتها من خلال قيامها بتنظيف وانتشال قناطير من النفايات بقصر الباي.