شهد اليوم الأخير من فعاليات الأسبوع الثقافي السعودي بالجزائر تنظيم ندوة جمعت بين الأدب والتاريخ والثقافة الشعبية، إضافة إلى استعراض أوجه التشابه بين الثقافتين الجزائرية والسعودية·ُستهلت الندوة التي احتضنتها المدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة بكلمة ألقاها الدكتور حسن الحازمي الذي أثنى على العلاقات المتميزة التي تجمع المملكة بالجزائر، معتبرا أسبوع السعودية ناجحا بكل المقاييس، إذ استقطب الجمهور الجزائري الحريص على متابعة ما قُدّم من أنشطة وعروض· بعدها قدّم الدكتور فهد بن صالح الحواس محاضرة بعنوان "واقع البحث الأثري في المملكة السعودية"، كانت تعريفية أكثر منها تخصصية، وكانت بمثابة جولة سياحية وثقافية إلى ربوع المملكة التي تضم تضاريسها المتباينة عدة مواقع أثرية وتاريخية سواء الثابتة منها أو المنقولة، وقد استعان المحاضر في عرضه بشرائح مصورة· وأشار الدكتور فهد بن صالح الحواس إلى أن البحث الأثري في المملكة مرّ بثلاث مراحل، تبدأ المرحلة الأولى مع نهاية القرن ال15 وإلى غاية منتصف القرن ال19، وشهدت اهتمام الإنجليز والبرتغال، ومع نهاية القرن 19 تبدأ المرحلة الثانية التي تكفلت بالبحث فيها مؤسسات علمية غربية منها الفرنسية والفلندية· أما المرحلة الثالثة، فقد ظهرت مع القرن ال20، حيث تأسست الإدارة الأثرية في المملكة، وراج نشاط البعثات الأجنبية خاصة مع بداية الخمسينيات، وبالتحديد عبر القسم العلمي لشركة "رامكو"، حيث اكتشفت النقوش السبأية في قرية "الفاو"، كما وضع العالمان ماركلر وزيزر وغيرهما الخريطة الأثرية للمملكة، كما انتعشت في هذه الفترة البعثات العلمية، وكانت أولها البعثة البلجيكية، بدعم من الملك الراحل عبد العزيز آل سعود، التي سجلت الرسوم والكتابات الصخرية، ثم البعثة الدانماركية التي قامت بأعمال مسحية لمختلف المناطق الأثرية، ثم البعثة الكندية التي قامت بمسح شامل للجزء الشمالي الغربي للمملكة· بعدها ظهرت المشاريع المشتركة بين المملكة وبعض الدول الأوروبية كألمانيا، بريطانيا وفرنسا لتحديد ودراسة المواقع الأثرية· في العرض المصور قدم المحاضر بعض المواقع والقطع الأثرية، منها التي تعود إلى فترة ما قبل الإسلام كالأدوات الحجرية (العصور الحجرية) والآثار المعمارية لفترة ما قبل التاريخ عبر مناطق التاج والعسير والرياض، والظهران، وكذا تلك المقابر المنحوتة على واجهات الجبال كمدائن صالح ومغارات شعيب وأغلبها يقع في الخريبة بالعُلا· ناهيك عن المتحف المفتوح على الرسومات والكتابات التي يعود أقدمها إلى 15 ألف سنة (بَحَال)· أما فترة العصور الإسلامية المبكرة فتميزها بقايا القصور الأموية خاصة بمنطقة المدينةالمنورة، وكذا أحد أقدم مساجد المملكة وهو مسجد عمر بن الخطاب الواقع بدومة الجندل بالشمال وبقايا سوق عكاظ، إضافة إلى الكتابات الإسلامية المنقوشة على الجبال، وأقدمها يعود إلى سنة 23 هجرية، وهناك آثار إسلامية أخرى من أهمها طرق الحج كطريق العراق والشام واليمن، ويميزها انتشار برك الماء التي لا تزال شاهدة، إضافة إلى بقايا القلاع والقصور الطينية التي حُوّلت إلى متاحف· وقد أكد المحاضر على اهتمام بلاده بجانب التراث والآثار، من خلال تشجيع الدراسات المعمقة وانشاء وكالة الآثار والمتاحف وكلية للسياحة والآثار والجمعية السعودية للدراسات الأثرية، إضافة إلى حماية المواقع الأثرية وإنشاء 10 متاحف وترميم المواقع، إنها جولة عبر مليون سنة من الحضارة·