المراكز الثقافية العربية في الجزائر••• ملف مغلق تعرف الجزائر في السنوات الأخيرة تبادلات وشراكات ثقافية كثيرة مع معظم البلدان العربية والإسلامية؛ حيث شهدت الساحة الثقافية الجزائرية تظاهرات ثقافية مشتركة ومتعددة مع مختلف الدول.. مثلما حدث مؤخرا في الشراكة الثقافية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو سلطنة عمان أو جمهوريّة مصر، أو قبلها أكثر من 20 دولة عربية استقبلتها الجزائر في خضم أسابيعها الثقافية إبان "تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007"•• لذلك من الإجحاف لو قلنا إن العلاقات الثقافية بين الجزائر والبلدان العربية غير متّصلة، لكن لماذا لم يدعم هذا التبادل بمراكز قارة وفعّالة لتسيير الأمور الثقافية بين البلدين مثلما تفعل الكثير من المراكز الثقافية الأوربية بالبلاد••؟ المال موجود لإنشاء مراكز ثقافية في الجزائر - على الأقل عند بعض سفارات الدول العربية كما استطلعنا -•• الحالة الأمنية مستقرة؛ حيث استأنفت على ضوئها المراكز الثقافية الأوروبية نشاطها، فما الذي يعيق إنشاء مراكز عربية في الجزائر؟ سؤال أجابنا عنه من كُلّف بالحديث معنا في بعض السفارات العربيّة في الجزائر•• سؤال كان جوابه في أغلب اللقاءات:"•• سنفكر في الأمر••"، وكأنّنا ذكّرناهم بأمر كان طيّ النسيان•• ••وهل تعتقدون أن الجزائر متفتحة ثقافيا على دولنا؟ الغريب في القضية أيضا أن أغلب الذين وصلنا إلى تصريحاتهم من مختلف السفارات العربية بالجزائر، وضعوا نصب أعذارهم قضية مدير المكتبة الوطنيّة المقال الدكتور أمين الزاوي، معتبرين" تخلي الحكومة الجزائرية على نشاط صرح ثقافي كالمكتبة الوطنيّة، لا يشجّع أبدا على تفعيل مؤسسات ثقافية في البلاد حتى وإن كانت تابعة لسفارات الدول الأجنبية••"، في حين ذهب أحد الملحقين الثقافيين بإحدى السفارات العربية إلى اقتراح إنشاء مركز ثقافي عربي مشترك بالجزائر، تحت وصاية جامعة الدول العربية يقدّم النشاط فيه بشكل دوري لكل دولة على أن يكون هذا النموذج في كل دولة عربية، ويضيف - المتحدث الذي رفض أن يذكر اسمه ولا اسم سفارته - "يجب على الإعلاميين حمل الوزارة الوصية على أخذ هذه المبادرة للعمل على تنفيذها، لما لهذا القطاع الحساس من أهمية في التأثير خاصة في مجال الثقافة"•• بعض ملحقي سفارات عربية - رفضوا التصريح بأسمائهم وكأن الأمر يتعلّق بتحقيق أمني - فتحوا لنا بابا آخر ذو وجهة مغايرة تماما بعد أن أجمعوا في إجاباتهم عن تساؤلاتنا بالقول: "••• وهل تعتقدون أن الجزائر متفتحة ثقافيا على الدول العربية مثلما هي متفتحة على الدول الأوروبية•••؟" جواب في ثوب سؤال، جعلنا نحول وجهتنا القادمة إلى المعنيين في الجزائر، بعد أن أيقنّا أن معظم الدول العربية لديها مراكز ثقافية في الدول الغربية وليس لها تمثيل ثقافي في الدول العربية !! تعددت الأسباب والغياب واحد تعددت الأسباب والغياب واحد•• ففيما يخص غلق بعض المراكز أو"شبه المراكز الثقافية" التي كانت تنشط منذ فترة طويلة وعرفت نشاطات متنوعة من الندوات الفكرية والأدبية وشملت كل الفنون من المسرح إلى الغناء فالسينما، تبقى الأزمة الأمنية خلال العشرية السوداء، هي عروس الإجابات التي سجّلتها "الفجر"•• المركز التعليمي السعودي مثلا، وبالرغم من أنه ليس مركزا ثقافيا مستقلا عن السفارة السعودية ولا يعتبر مركزا ثقافيا بكل المقاييس إلا أنه كان يقدم نشاطات ثقافية عديدة باحتوائه على مكتبة ضخمة يقبع في رفوفها أكثر من 5 آلاف عنوان - حسب الملحق الثقافي بسفارة المملكة العربية السعودية بالجزائر - معظمها بحوث أكاديمية يحتاج إليها الباحث الجزائري أو العربي المتواجد بالجزائر في دراساته العليا، بالإضافة إلى تعليم اللغات في هذا المركز، لكن أبوابه مغلوقة في وجه روّاد الثقافة منذ أكثر من 10 سنوات لأسباب يقول عنها "عبد المحسن الشبانة" الملحق الثقافي بالسفارة، بأنها أمنية•• الأسباب نفسها التي ردّدها الملحق الثقافي بالسفارة المصرية غير البعيد عن سفارة السعودية، والتي كان مركزها الثقافي والإعلامي المصري أيضا أحد المكاسب الثقافية التي حكم عليها بالسجن منذ أكثر من عقد من الزمن بعد أن كان قبلة لمحبي الأدب والشعر والفنون•• أما بخصوص باقي السفارات العربية فيمكن وصف حالها في فقرة واحدة، تلخّص الغياب التام لرائحة الفعل الثقافي بها، سواء من حيث النشاط أو مقر التنشيط•• السعودية ومصر•••"سنعود"، وملفّ سوريا محتجز كشف الملحق الثقافي لسفارة المملكة العربية السعودية، عبد المحسن الشبانه أن المركز الثقافي السعودي سيفتح أبوابه قريبا، لكنه تحفظ عن تسميته بالمركز الثقافي لأنه - وحسب قوله - مركز تعليمي تابع للسفارة وليس له الاستقلالية ولا صفة المراكز الثقافية المعروفة اليوم، غير أنه - يضيف الشبانه - سيقدم نشاطات ثقافية متنوعة• وكما أن حجة الغياب للمملكة السعودية ومصر، كانت واحدة، كان جديد السفارتين واحدا أيضا؛ حيث كشف لنا المكلّف بالإعلام بالسفارة المصريّة أنه مع بداية شهر فيفري القادم ستفتتح السفارة مركزها الإعلامي ويستأنف نشاطه بحفل كبير تحضره شخصيات ثقافية من البلدين وسيقدم ندوات ومحاضرات، لقاءات أدبية وأمسيات شعرية ينشطها أدباء وشعراء من مصر•• حالة غريبة أخرى وقفت "الفجر" على تداعياتها، تتعلّق بالسفارة السوريّة حيث أكّد لنا الملحق الثقافي بسفارة سوريا أن السفارة حضرت كل ما يلزم للمركز الثقافي السوري بالجزائر ولم يبق إلا الموافقة من طرف وزارة الخارجية الجزائرية، والتي تقدمت لها بطلب الاعتماد منذ سنة 2007 وهي لغاية اليوم تنتظر ردّ الوزارة المعنية بالإفراج عن المركز•• المراكز الثقافية الغربية في الجزائر••• ملف مفتوح يعتبر المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر من أهم المؤسسات الأجنبية الناشطة ثقافيا بالجزائر، ولا داعي لذكر الأسباب السياسية والاجتماعيّة والثقافية والتاريخية لذلك•• لكن الأكيد أن سفارة أجنبية تتمنى أن تحظى بما حظي به المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر ولو أنه مستقل عن السفارة الفرنسية•• ال"سي سي أف"•• وزارة الثقافة تحسدنا يقول متحدث باسم المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر العاصمة أن نشاطات المركز المكثفة ودقة المواعيد النوعية للنشاطات المقدمة، على مدار السنة تبقى محل اهتمام متتبعي الحركة الثقافية في الجزائر وتثير اهتمام وزارة الثقافة الجزائرية، وأحيانا تثير غيرتها لتفوق نشاطاته في العديد من الأحيان نشاطات وزارة الثقافة نفسها، كما ترجع هذه الحركية - يضيف المتحدّث - إلى الإمكانيات المادية المعتبرة التي يمتلكها المركز والاستقلالية التي يحظى بها باعتباره مستقلا عن السفارة الفرنسية ما يعطيه الهوية المستقلة به والمساحة الأكبر في اختيار مواضيع المحاضرات والمحاضرين على السواء، مما يضفي نتائج إيجابية معتبرة على مستوى الإقبال والاهتمام، إضافة إلى اهتمام المركز البالغ بالطبقة الطلابية في الجزائر باعتبارها المهتمة أكثر بنشاطات المركز سواء فيما تعلق بدروس تحسين مستوي اللغة الفرنسية أوالنشاطات الأكاديمية والعلمية المنظمة من طرف المركز• أحفاد العمّ سام••• قادمون الوضعية الصحية للمركز الثقافي الفرنسي، دخل أجندة دراسات الحكومة الأمريكيّة الجديدة، حيث كشفت السيدة "سي العربي وسيلة" المكلفة بالإعلام لدى السفارة الأمريكيةبالجزائر في حديثها ل "الفجر" أن إنشاء مركز ثقافي أمريكي بالجزائر سيتحقق في غضون الأشهر القليلة القادمة، تطبيقا لقرار وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كليتنون" في خطابها إثر تنصيبها وزيرة للدبلوماسية الأمريكية؛ إذ صرحت "يجب على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن يكون تواجدها أقوى في الشرق الوسط والمغرب الكبير وهذا بإنشاء بيوت أمريكية في هذه الدول"، وحسب سي العربي فالبيوت الأمريكية التي أعلنتها " كليتنون" هي على الأرجح مراكز ثقافية للتواصل الثقافي بين الدول، بما أن العالم اتخذ تعايش الثقافات وحوار الحضارات شعارا للألفية الثالثة• وأوضحت سي العربي أن السفارة كانت قد اتخذت لها"ركنا أمريكيا" في المكتبة الوطنية وهو بمثابة مركز ثقافي رغم المساحة المحدودة، إلا أن الركن استطاع أن يكون له صيت ومهتمون، مستفيدا بذلك من الإقبال الكبير للطلبة والأساتذة في المكتبة الوطنية، ولكن هذا الإقبال شهد تراجعا ملحوظا في هذه الفترة الأخيرة بسبب قلة نشاطات المكتبة الوطنية بعد إقالة مديرها• وحسب " سي العربي" فإن فتح مركز ثقافي أمريكي بالجزائر سيفتح آفاقا أكبر وهذا تبعا للنشاطات المبرمج إدراجها في المركز وتكثيفها وتعريف المهتمين بالثقافة. الألمان•• لسنا مستعدين لصرف الملايير دون ضمانات الألمان بدورهم لم يغفلوا الجانب الثقافي لتفعيل العلاقات السياسية بينهم وبين المنظومة الجزائرية، حيث أكدت مديرة الدراسات لمعهد "فوت" الألماني التابع للسفارة الألمانية بالجزائر السيدة "أولا فولف"، أن المعهد تقدم بطلب رسمي لوزارة الثقافة قصد تمكينه من حيازة مقر ملائم للمعهد وفق المعايير الأوروبية؛ حسب تعبير السيدة" فولف" ولم يستجد أي جديد بهذا الموضوع منذ العام الفارط، والسبب - حسبها- هو تطلب السفارة الألمانية والتي وضعت سلامة الإنسان العامل والمراود للمعهد من الطلبة والأساتذة، ضمن الأولويات حتى على حساب تسويف إنشاء مقر لمعهد"فوت" مستقل مع مطلع 2011 ومن بين هذه المعايير، إيجاد مكان أو مبنى فيه تجهيزات مضادة للزلازل، والسفارة الألمانية - تضيف فولف - ليست مستعدة لصرف الملايير دون ضمانات •• وتؤكد أولا فولف، أنه ورغم ضيق المعهد الحالي في السفارة وقلة المشرفين عليه /لا يزيد عددهم عن 6 أعضاء/ إلا أن المعهد ومنذ إنشائه في 1963 أخذ على عاتقه التكفل التام بالطلبة الذي فاق عددهم 1050 طالب سنة 2008، ناهيك عن تأطير أساتذة اللغة الألمانية الذين لديهم دورات تكوينية ودروس تدعيمية لتحسين المستوى بشكل دائم في المعهد، وتضيف السيدة "فولف "أن السبب في كون المعهد معرفته محدودة من قبل الجزائريين هو توقيف نشاطاته في الفترة الممتدة من (1994 إلى 2003) للظروف الأمنية الصعبة التي عاشتها الجزائر• وفيما يخص نشاطات المعهد أوضح السيد"أحمد مهدي" المكلف بالبرمجة في المعهد أن نشاطات المعهد هي في الأساس ترويج اللغة الألمانية وبرمجة نشاطات ثقافية وإقامة محاضرات فكرية وفلسفية، مؤكدا عزم المعهد المشاركة في الأيام السينمائية للفيلم الأوروبي في فيفري المقبل، بفيلم " كباب كونكشن " وهو لمخرج ألماني ذو أصول تركية• "سيرفانتاس" أولى بلحم الثور على صعيد متّصل، أكّد "فرانسيسو كرارساتش" مدير معهد "سيرفانتاز" بالعاصمة ووهران، أن الإسبان أولى الشعوب بالتواصل مع الثقافة الجزائرية من أي بلد أوروبي أوأجنبي آخر، كون الارتباط الحضاري متين بين الثقافتين الإسلامية والاسبانية، ونحن في المعهد - يشير سانشاز - لا نتجاهل هذا التقارب الحضاري والجغرافي بين البلدين الذي غذته بعض المبادرات السياسية على قلتها، كتنصيب لجنة تعاون ثقافي بين الجزائر واسبانيا والتعاون بين السفارة الاسبانية وجمعية "الإرث الأندلسي" الذي يمثل فعلا سبقا في التعامل الثقافي الجزائري الاسباني، وتمثل أيضا الانطلاقة الفعالة للشراكة الثقافية بين البلدين. ويؤكد ساشيز أن المعهد والمشكل الأساسي الذي يحول دون تكثيف البرامج الثقافية للمعهد يبقي ماديا و تمويليا، يعمل على الشراكة مع المؤسسات والمنظمات الفاعلة في الحقل الثقافي كمؤسسة فنون وثقافة، والمكتبة الوطنية • يقول فرانسيسو كرارساتش، "وضعنا سعرا رمزيا لا يتجاور 800 دينار جزائري؛ فالمهمة الأساسية للمعهد هو ترويج اللغة الاسبانية والثقافة الاسبانية بما في ذلك ثقافة دول أمريكا اللاتينية، كون الاسبانية تعد عائقا لغويا كبيرا للجزائريين عكس السهولة التي يلقاها مثلا المركز الثقافي الفرنسي الذي ليس له هذا العائق بل يتطلع الى إقامة محاضرات نوعية، كون الفرنسية لغة مكتسبة لدى الجزائريين للأسباب التاريخية المعروفة"•• بين "الفلامون" و"الوالوني" لغة ضائعة من جهتها قالت المكلفة بالنشاطات الثقافية في المندوبية الثقافية البلجيكية الوالوني التابعة للسفارة البلجيكية بالجزائر.. إن العائق الأكبر في إقامة مركز ثقافي بلجيكي ليس متعلقا بالجانب الجزائري والتسهيلات القانونية أو الإدارية، إنما يعود إلى الجانب البلجيكي بسبب إشكالية اللغة الرسمية الواجب التعامل بها في الخارج باعتبار أن اللغات الرسمية في بلجيكا هي اللغة الألمانية، إضافة إلى الفرنسية والاسبانية بشكل أقل وفي الجزائر توجد "مندوبيتان ثقافيتان" تابعتان للسفارة البلجيكية في الجزائر هما "الفلامون" الناطق بالألمانية و"الوالوني" الناطق بالفرنسية " الذي لا يتم بينهما أي تنسيق فيما يخص النشاطات المقامة خلال العام، حتى بالبرنامج العام المسطر والاحتفال بالعيد القومي البلجيكي•