اعتبر كل من رئيس جمعية «الشعرى» لعلم الفلك الدكتور جمال ميموني، ومسؤول التقويم الهجري بال«كراغ» الدكتور نسيم سغواني، تنديد بعض الجمعيات ومنها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقرار الوزارة حول اليوم الأول من محرم «رد فعل مفرط»، وحذّرا من عواقب مثل هذه التصريحات على التماسك الإجتماعي الوطني، مؤكدين بالمناسبة بأن تحديد غرّة محرم ويوم عاشوراء لا يتم برؤية الهلال مثلما هو محصور في تحديد غرّة رمضان والفاتح من شوال، وإنما على أساس التقويم الهجري الذي تضعه وزارة الشؤون الدينية. أيدت جمعية «الشعرى» لعلم الفلك الطرح الذي تبنّته اللجنة الوطنية للأهلة أول أمس، والذي أعلنت بموجبه أن يوم عاشوراء سيكون يوم الأربعاء المقبل وليس الثلاثاء، معتبرة في نفس الوقت التقدير الذي توصلت إليه المؤسسات الرسمية بخصوص الفاتح من محرم يعتبر «تقديرا سليما مؤسسا على النّظر الفقهي السديد والتقييم العلمي الدقيق». وأشار بيان مشترك صادر عن رئيس جمعية «الشعرى» جمال ميموني، ومسؤول التقويم الهجري وقسم الفيزياء الفلكية النجمية والطاقات العليا بمركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء، نسيم سغواني، إلى أن تحديد الفاتح من محرم منذ الاستقلال بالجزائر، يعتمد على التقويم الهجري الذي تضعه وزارة الشؤون الدينية، وليس اعتمادا على رصد الهلال «باستثناء بداية شهر رمضان ويوم عيد الفطر اللذين كانا يحددان انطلاقا من رصد الهلال الذي تتولاه لجنة الأهلة التابعة لوزارة الشؤون الدينية»، فضلا عن أنه من الناحية الفلكية حسب الجمعية يستحيل رصد الهلال بصريا ليلة 1 أكتوبر في كل العالم العربي «وبالتالي عدة الشهر 30 يوما والفاتح من محرم يوم الاثنين 3 أكتوبر». واستغرب بيان «الشعرى» ما وصفه ب«الجدل العقيم» الذي أثاره إحياء الجزائر ليوم الفاتح من محرم يوم الاثنين 4 أكتوبر الجاري، في الوقت الذي يعرف الجميع أن هذا التاريخ معروف مثل كل سنة مسبقا، وبشكل مؤكد في بداية كل سنة هجرية، ومتضمن في اليومية الرسمية (المعروفة برزنامة أوقات الصلاة) التي توزع على مستوى المساجد والمؤسسات الرسمية. مذكّرة بأن هذا التقويم في جانبه الحسابي يتم تحضيره من طرف لجنة مختصة مكونة من فلكيي مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء «كراغ» (التي يترأسها الدكتور سغواني). وفي حين اعتبرت الجمعية تصريح وزير الشؤون الدينية على أن اختيار يوم الفاتح من محرم أخذا بعين الاعتبار عطلة نهاية الأسبوع، دون ذكر سياقه العلمي والشرعي «لم يكن مناسبا»، شددت على أن هذا التصريح «لا يبرر رد فعل بعض الجمعيات «وعلى وجه التحديد جمعية العلماء المسلمين، التي لم تتعامل بحذر وحكمة مع القضية، وعلى وجه الخصوص في جوانبها العلمية والتاريخية..». في سياق متصل اعتبرت «الشعرى» أن الجمعيات التي نددت بقرار الوزارة حول بداية محرم «خاضت في موضوع فلكي ليس من تخصصها»، مستغربة التزام هذه الجمعيات الصمت في مناسبات سابقة «عندما فنّدنا في مرات عديدة الأرصاد المزعومة الخاصة بهلال مطلع شهر رمضان أو هلال عيد الفطر»، لافتة إلى أن الأخطاء التي ترتبط بالصيام الذي هو ركن من أركان الإسلام أخطر من تلك التي ترتبط بإحياء محرم والذي لا يعتبر حسبها عيدا دينيا وإنما «عيدا مدنيا إسلاميا». واستدلت في طرحها هذا بتاريخ التقويم الهجري الذي يعود حسبها إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، حيث تم اعتماده كتقويم مدني من أجل المجتمع المسلم «ولم يكن له طابع ديني». «بيان جمعية العلماء مؤسس على اعتبارات خاطئة» وبعد أن أعلنت عدم استيعابها لردة فعل الجمعيات المذكورة حول التواريخ المعلن عنها من طرف وزارة الشؤون الدينية، والتي لا أساس لها من الناحية العلمية، خلصت «الشعرى» في بيانها إلى أن هذه التصريحات والجدال المثار حول تحديد يوم الفاتح محرم وعاشوراء، والتي قد تمس حسبها بالتماسك الاجتماعي الوطني «مرفوضة تماما»، وأبرزت ضرورة استشارة الخبراء من الناحية العلمية في مثل هذه المسائل، داعية جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى التراجع عن بيانها «المؤسس على اعتبارات خاطئة» والذي تدعو فيه إلى الاحتفال بعاشوراء يوم الثلاثاء بدل الأربعاء، وذلك من أجل تجنب «الفتنة». ويؤكد بيان جمعية «الشعرى» لعلم الفلك، البيان الذي أصدرته اللجنة الوطنية للأهلة أول أمس، والذي جددت فيه تأكيدها على أن يوم عاشوراء سيكون الأربعاء المقبل، معززة بذلك التقدير الذي اعتمدته الجزائر بخصوص الفاتح محرم. وطمأنت اللجنة المواطنين الحريصين على شعائر دينهم ولا سيما منهم الراغبون في صيام يومي التاسع والعاشر والحادي عشر من محرم بأن التقدير الذي توصلت إليه المؤسسات الرسمية هو تقدير سليم وليس أمرا مستحدثا أو مبتدعا، مثلما ذهبت بعض الأطراف إلى وصفه، موضحة بأن «الأصل في ثبوت رؤية الهلال أو عدمه عند بداية الشهور القمرية هو المزاوجة بين الرؤية الفلكية والبصرية. كما لفتت كل من لجنة الأهلة وجمعية «الشعرى» لعلم الفلك إلى أن الجزائر لم تنفرد عن باقي دول العالم العربي الإسلامي، كما حاول البعض أن يصور ذلك، مذكّرة بأن عددا من الدول الشقيقة وافقتها في هذا التقدير على غرار المغرب وليبيا والعراق وسلطنة عمان وأندونيسيا وماليزيا ونيجيريا. يذكر أن الجدل الذي أثير حول بداية شهر محرم 1438 أوقع العديد من المواطنين في نوع من الحيرة والارتباك، بعد أن تدخلت بعض الجمعيات على غرار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لتتهم الهيئات الرسمية بارتكاب خطأ في التقدير. وهو ما دفع بوزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، إلى التأكيد أن لجنة الأهلة هي من يحدد صيام أيام التاسع والعاشر والحادي عشر من شهر محرم ولا يحق لأي جمعية تحديده، موضحا بخصوص استناد بعض الأطراف إلى تقدير المملكة العربية السعودية، بالإشارة إلى أن هذه الأخيرة على غرار عدد من بلدان العالم الإسلامي اعتمدت الرزنامة الإدارية لدولتها وليس الرؤية الفلكية.