إن تضامن المجتمع يعكسه في الأساس الإهتمام بالفئات الضعيفة ولا سيما الأشخاص المعاقين حركيا وذهنيا، وهذا الاهتمام يحتاج إلى تضافر جهود المختصين في السلك الطبي و وسائل الإعلام والحركة الجمعوية، ليكون التكفل بهذه الشريحة في المستوى المطلوب· وتعد جمعية "دار الإحسان" بتلمسان واحدة من الجمعيات الهادفة إلى التكفل بهذه الشريحة من منطلق "حتى لا تكون الإعاقة عائقا"· تأسست جمعية "دار الإحسان" سنة 1989 بهدف التكفل بالأشخاص المعاقين ذهنيا، حيث افتتحت أول مركز لها بأبوتشفين بتلمسان بفضل مساعدة المحسنين، وكان هذا المركز الذي دام تشييده خمس سنوات يضم في البداية الأطفال والمراهقين معا، لكن بعد حصول الجمعية على مركز ثان سنة 2003 ببلدية عين الدفلى بتلمسان، المؤسس من طرف السيد هواري بن صفية، تم تخصيصه لاستقبال الأطفال والمراهقات، وهو حاليا يضم 70 طفلا في حين أن طاقة استيعابه هي 80 طفلا·
نشاطات لتحقيق استقلالية المعاق ويعمل هذا المركز على تدريب الأطفال المعاقين على اكتساب المهارات، من خلال عدة نشاطات بيداغوجية تساعد الطفل على تحقيق استقلاليته وإدماجه في الحياة اليومية، فضلا عن مساعدته على التأقلم مع المجتمع الذي يعيش فيه· وتبرمج هذه النشاطات حسب مستوى كل طفل، سنّه ونوعية إعاقته مع مراعاة الإضطرابات الأخرى التي يعاني منها إلى جانب إعاقته الذهنية· ويعتمد التشخيص المناسب لكل حالة على التعاون بين كل من المختصة النفسية والمختصة الأرطفونية وكذا المختصة البيداغوجية، فكل واحدة تعمل في إطار اختصاصها ليتم تقديم تقرير شامل للسيد مدير الجمعية السيد محمد شعبان الذي يسهر على تسيير المركزين، وإعداد تقارير بعد الدراسة، يتم بموجبها توجيه كل طفل إلى القسم المناسب له حسب المستوى الذي يتماشى مع امكانياته· تملك الجمعية ثلاث وسائل نقل تنقل عن طريقها التلاميذ من منازلهم إلى المركز صباحا ثم تعيدهم إلى منازلهم مساء· وللمركزين نظام نصف داخلي، حيث يتناول الأطفال والمراهقون القهوة على العاشرة صباحا ثم الغذاء على الثانية عشرة· وفيما يقوم الأطفال بالنشاطات البيداغوجية المسطرة لهم صباحا، فإنهم يقومون في المساء بمختلف أشغال الورشات كورشة الطين، الألوان المائية والصوف مع مراعاة متابعة مدى تجاوبهم مع البرامج المقدمة لهم· ويذكر في هذا السياق أن الجمعية استعانت بمكونات من مراكز التكوين المهني لتلقين المراهقات الخياطة والرسم على القماش، حيث أثبتت بعضهن امكانياتهن ومهاراتهن في هذا الميدان· ويتم توجيه الأطفال الذين يبلغون 13 سنة نحو مركز أبو تشفين الذي يضم 52 مراهقا، حيث بإمكانه استيعاب 80 مراهقا، ونجد في هذا المركز نظام الورشات الذي يأخذ بعين الإعتبار النشاطات البيداغوجية التي يحتاجها المراهق في الورشات مثل النجارة، النسيج والمساحات الخضراء· ويشرح مدير المركزين السيد محمد شعبان أن فئة من المراهقين ذوي المهارات العالية تم تسجيلهم بمركز التكوين المهني ببلدية عين الدفلى بتلمسان، وتتكون من 13 مراهقا و6 مراهقات مرفوقين بمربيتهم ويدرسون مدة 08 ساعات أسبوعيا، في حين يقضون باقي الأيام في مركز أبو تشفين للإستفادة من أشغال الورشات· أما المراهقات فيقمن بالأشغال على مستوى مركز عين الدفلى· وبموجب هذه المجهودات، استطاعت الجمعية إدماج أربعة مراهقين من ذوي المهارات العالية في الحياة الإجتماعية والمهنية، حيث يعملون عند الخواص تحت متابعة الجمعية، يؤكد نفس المصدر· وبخصوص مربيات المركز، فإنهن يعملن في إطار تربوي يتم بناء عليه تحضير برنامج بيداغوجي خاص لكل حالة، ومنه تقوم المربيات بتحضير كراريس يومية وبطاقات فنية محضرة وفق النشاطات البيداغوجية، حيث يتم تقديم الحصيلة للأولياء بعد تقييم مستوى كل طفل·
مساعدة الأولياء ضرورية
ويعترف مدير المركزين أنه رغم المجهود الكبير الذي يقوم به الفريق التربوي، إلا أنه لا يستطيع تحقيق نتيجة دون مساعدة الأولياء الذين يبدون اهتماما أكبر بأطفالهم، ولهذا يحرص الفريق التربوي على تحسيس الأولياء وتوعيتهم لمواصلة مهمة تعليم أطفالهم، وذلك للحصول على نتائج أحسن في مجال إدماج هذه الشريحة· وتبذل الجمعية عموما كل ما بوسعها لمساعدة هذه الشريحة، من خلال برامج عمل يتعاون على إنجازها كل من رئيس مكتب الجمعية السيد هواري بن صفية، وكذا أعضاء آخرين ومجموعة من المحسنين، كما تتلقى الجمعية الدعم من طرف والي ولاية تلمسان ورئيس بلدية شتوان، وبفضل هذا التضامن استطاعت فئة عريضة من المجتمع رغم إعاقتها الذهنية أن تتحدى الإعاقة بمختلف الإبداعات التي تصنعها أناملها في الورشات·