محمد الهاشمي دكتور وباحث جزائري عين شهر أكتوبر الجاري على رأس جامعة راييرسون في مدينة تورينتو التي تعد من أكبر الجامعات الكندية. لم يتوان الباحث الجزائري عن المجيء إلى وطنه تلبية لدعوة وزارتي الخارجية والتعليم العالي، في إطار الاحتفاء بالأيام العلمية والثقافية للجالية الجزائريةبكندا.. قرار تعيين الدكتور الهاشمي تفاعل معه الجمهور الجزائري بشكل واسع عبر شبكة التواصل الاجتماعي، ليس لكونه باحثا جزائريا، بل كسفير لبلاده شرف وطنه بأبحاثه الواسعة في الجامعات الأجنبية، وهو يتطلع اليوم للارتقاء بالمستوى العلمي في بلاده وتغيير النظرة الأكاديمية للجامعة المجبرة اليوم على مسايرة التوجهات الاقتصادية، من خلال تقديم أفكاره العلمية لكي ينتفع بها مسار البحث العلمي في البلاد. المساء: عينتم مؤخرا على رأس أكبر الجامعات الكندية، المنصب لا يعكس رقيكم العلمي فحسب، بل جعلكم بمثابة سفير للجزائر، ما هو انطباعكم؟ ❊❊ الهاشمي: أنا فخور جدا بالتنصيب ليس على المستوى الشخصي فقط، بل لأنني أمثل الجزائر التي تربيت فيها و زاولت دراستي بها. من حسن حظي أن مراحل تعليمي ببلادي كانت في الفترة الذهبية حيث كان المستوى التعليمي جيدا. وأغتنم هذه المناسبة لأوجه شكري إلى كل من ساهموا في تلقيني أسس العلم الحديث إذ لم تتسن لي فرصة التقائهم، ففي الحياة كل شيء نعمله مبني على أساس ما نتعلمه.. أنا فخور بكوني جزائري وأن يعلم الجميع في كندا بأنني كذلك. المساء: حدثنا عن نشأتك ومسارك الدراسي والمهني؟ ❊❊ الهاشمي: أنا مولود في منطقة الونشريس. تنقلت أنا والعائلة إلى ولاية الشلف حيث زاولت دراستي هناك. عايشت زلزال الأصنام، الشلف حاليا سنة 1980 وتأثرت بشدة للمآسي التي خلفها لكن كان ذلك دافعا لي لدراسة الهندسة المدنية في مجال الإنشاءات بجامعة وهران. بدأت مساري الجامعي في كندا منذ 30 عاما وتحصلت على شهادتي الماجستير والدكتوراه من جامعة "شيربرووك" (Sherbrooke). بدأت التدريس في جامعة راييرسون منذ 18 سنة ثم عينت مدير برنامج ثم نائب عميد واليوم أشغل منصب رئيس الجامعة. المساء: كيف تم تعيينكم في هذا المنصب؟ ❊❊ الهاشمي: توجد في الجامعة لجنة مختصة تفتح المجال للترشيحات لشغل المنصب ليس من داخل الجامعة فقط، بل حتى من خارجها ومن الدول الأجنبية الأخرى. وتعكف اللجنة على دراسة الملفات لمدة سنة تقريبا لانتقاء الأسماء عبر إجراء منافسة وفق جملة من المعايير التي ترتكز على الكفاءة والتجربة، لينتهي المطاف باختيار الاسم من قبل مجلس إدارة الجامعة عكس ما هو معمول به في الجزائر. المساء: ما هي القيمة الإضافية التي يمكن أن تقدمها للجزائر؟ ❊❊ الهاشمي: الجامعة في القرن ال21 تولي أهمية للبعد الاقتصادي. في كثير من الدول المتقدمة نلاحظ أن الاقتصاد مبني على المعرفة وليس على المواد الطبيعية كما كان الحال في السابق، فالمادة الخام اليوم هي العقل البشري الذي بات يتحكم في النمو الاقتصادي وليس الثروات الباطنية. لدي أمثلة كثيرة عن تلك الدول التي أدركت التحديات الجديدة مثل كوريا التي لا تمتلك الثروات الطبيعية لكنها ركزت على العامل البشري ونجحت حقا في ذلك وأصبحت جامعاتها معروفة على المستوى العالمي. ونتمنى أن تحذو الجزائر حذو هذه الدول بأن يكون لها توجها اقتصاديا بحتا. المساء: كم عدد الطلبة الجزائريين في جامعتكم؟ ❊❊ الهاشمي: عموما تضم الجامعة أكثر من 40 ألف طالب أما عدد الطلبة الجزائريين فهو قليل جدا لأن العائق يتمثل في عدم إتقانهم اللغة الانجليزية.. الجزائريون المتواجدون في كندا يتمركزون في منطقة كيبيك لأن لغة التعليم بها هي اللغة الفرنسية. على الجزائر أن تعيد النظر في مسألة تعليم التكنولوجيا باللغة الفرنسية لأنها لغة ميتة وعائق أمام البحث العلمي. وإذا بقي سلاحنا في هذه اللغة، فلن نحقق تقدما كبيرا، نحن نعتز بلغتنا العربية لكن أرى أنه من الضروري الانفتاح على اللغة الانجليزية باعتبارها لغة عالمية ولغة العلوم في العصر الحديث. أعطيك مثالا، عندما أسافر إلى فرنسا يطلبون مني إلقاء محاضرتي باللغة الانجليزية رغم أنني زاولت دراستي في الجزائر باللغة الفرنسية. نصيحتي للشباب الجزائري أن يقبلوا على تعلم اللغة الانجليزية على المستوى الشخصي تعلمت الانجليزية بمفردي لم يسبق لي في حياتي أن دخلت مدارس لتعلم هذه اللغة لا في الجزائر ولا خارجها، يكفي فقط توفر الإرادة والمثابرة، وكما ترين أنا أشغل اليوم منصب رئيس الجامعة. المساء: وكم عدد الأساتذة الجزائريين في الجامعة؟ ❊❊ الهاشمي: هو أيضا قليل جدا لأن المشكل مرتبط أيضا بإتقان اللغة الانجليزية. عددهم لا يتعدى 6 أساتذة، علما أن كل جامعة تضم ألف أستاذ. المساء: خلال زيارتك للجزائر تم التوقيع على 3 اتفاقيات شراكة بين جامعتك و 3 جامعات جزائرية، كيف ترون آفاق التعاون العلمي في هذا الجانب؟ ❊❊ الهاشمي: أولا أشكر المسؤولين الجزائريين الذين بادروا إلى دعوة الباحثين في كندا لإشراكهم في مساعي ترقية المسار البحثي في الجزائر. وبلا شك فإننا على أهبة الاستعداد لتقديم ما لدينا من أجل تقويم الإصلاحات الجامعية وفق ما تمليه الظروف الاقتصادية الحالية. والتوقيع على الاتفاقيات ما هي إلا بداية الطريق لنقل أفكار الابتكار ومنح الفرصة للطلبة الجزائريين للتعرف على تجارب غيرهم من خلال الاحتكاك. ولا أعتقد أن أي باحث جزائري يتواجد في أي بقعة من العالم سيبخل بتقديم المساعدة لبلده إذا طلب منه ذلك.