أجمع أساتذة وطلبة جامعيون على ضرورة خلق نوع من التكامل في استعمال اللغات في الجامعة الجزائرية، بما يكفل انفتاح اللغة العربية على بقية اللغات، دون إهمالها أو التفريط فيها باعتبارها لغة وطنية تعكس هوية وقيم المجتمع، واعتبروا في ذات السياق أن العلم والفكر هو الذي يصنع اللغة وليس العكس. دعوة لإعادة الاعتبار للغة العربية أوضحت الأستاذة بقسم الإعلام بجامعة أم البواقي بوعنان أسماء أن هناك اختلالا كبيرا في اللغة التي يتعامل بها الطلبة مع العلوم، فخلال سنوات التعليم الأساسي يتلقى الطلبة تعليمهم باللغة العربية، حيث يدرسون كل المواد بها، لكنهم يصطدمون بواقع أن اللغة الفرنسية تهيمن على مختلف التخصصات في الجامعة خاصة العلمية منها، هذا إذا لم نقل أن تعميم التدريس باللغة الفرنسية قد طال مده أيضا التخصصات الإنسانية، وأضافت المتحدثة أنه يفترض علينا باعتبارنا دولة عربية أن نولي أهمية كبيرة لهذه اللغة ونضمن مواكبتها لتطورات العصر ومتطلباته التكنولوجية، مذكرة بأن اللغة العربية كانت يوما منهلا تأخذ منه بقية اللغات، خاصة الإنجليزية، وعليه دعت الأستاذة أسماء إلى ضرورة إعادة النظر في المنظومة التربوية ككل من أجل إيجاد التوازن المفقود بين مختلف الأطوار الدراسية، ومن أجل خلق طالب قادر على دراسة ونقل العلوم بكل اللغات، وهو ما سيكفل إعادة الاعتبار للغة العربية. كل اللغات تكمل بعضها ومن جهته، أكد كعواش عبد الرحمان، أستاذ بجامعة جيجل أن العلم يعترف بجميع اللغات ويستوعبها جميعا، وأنه هو الذي يرقى باللغة وليس العكس، مضيفا أن محاولة فرض لغة على غيرها في الجامعة هو نوع من أنواع الديماغوجيا التي تجعلنا نعود إلى الخلف تعيق تقدمنا، وعليه فإنه يجدر بالطلبة الجامعيين البحث بكل اللغات، لأن العلم ضالتهم، وهو ما يعني بعبارة أخرى أن التكامل في استعمال اللغات في الجامعات أمر ضروري، لكن ذلك لا يعني أبدا إهمال اللغة العربية التي تعتبر إحدى مقومات الهوية الوطنية. وأوعز عبد الرحمان هذا الخليل في تفضيل لغة على أخرى في الجامعات على الخلل في المنظومة التربوية التي تهمل بقية اللغات وتركز على لغة واحدة، فيكون الناتج أن يكون الطلبة أحاديي اللغة مما يعرقل مسارهم في مجال البحث العلمي، وأضاف عبد الرحمان أن الصراع الدائر حاليا بين اللغتين العربية والفرنسية في الجزائر بصفة عامة، إنما هو صراع بين المفرنسين والمعربين وليس صراعا بين اللغتين في حد ذاتهما، لأن العلاقة بين أية لغة ولغة أخرى في العالم. إتقان كل اللغات هو الحل ومن جهتها ترى الطالبة "حياة م" وهي طالبة بجامعة الجزائر فتؤكد أن التعامل باللغة الفرنسية في تدريس بعض الفروع والتخصصات في الجامعة يعرقل التحصيل العلمي للطلبة الذين درسوا اللغة العربية في مختلف الأطوار التعليمية التي سبقت المستوى الجامعي، وأوضحت أن كثيرا من الطلبة يلجؤون على تعلم الفرنسية في مدارس خاصة بذلك، حتى يستطيعوا التكيف مع الدروس التي تقدم لهم في الجامعة، وهو ما يزيد أعباء الدراسة على الطالب ويستهلك وقته على حساب التفرغ للبحث العلمي، ومنه فإن من الضرورة أن يعمل المسؤولون على خلق نوع من التوازن في اللغات المستعملة في التحصيل العلمي خلال كل الأطوار الدراسية لتفادي حصول مثل هذه المشاكل التي يكون الطالب وحده ضحيتها. لغة عربية مهزوزة اللغة العربية المستعملة في الجامعة الجزائرية لا هي أكاديمية ولا عامية، ولاهي لغة ترجمة حرفية للغة الانجليزية، والمتعلقة بسياق الدرس المدرج في البرنامج البيداغوجي، خاصة في التخصصات الإنسانية التي تدرس أصلا باللغة العربية، ولا تمت بصلة للغة الضاد على اعتبار أن أمهات الكتب والمراجع المستعملة عامة في البحوث متوفرة بلغات أجنبية ويجتهد الطلبة في ترجمتها كل حسب تكوينه في اللغة خلال الأطوار السابقة، وبالتالي يمكن أن نقول عن اللغة المتداولة في الجامعة الجزائرية هي لغة عربية مهزوزة القواعد، وللأسف هناك أساتذة يدرسون اللغة العربية في قسم الأدب العربي يرتكبون أخطاء عندما يقدمون محاضراتهم للطلبة، وهو ما ينذر بالخطر ويتطلب أن تقوم السلطات المعنية باتخاذ التدابير اللازمة.