تراجعت جرائم القذف والجنح الصحفية هذا العام على الخصوص. لقد قل جر أو «كركرة» الصحفايين أمام أروقة العدالة بتهم الإساءة والتشهير والقذف. يعود ذلك إلى الحماية التي كرّسها دستور 2016، وقانون الإعلام الذي رفع القيود والحدود عن عمل الصحافيين. قوانين استمدت موادها وتفاصيلها ومشتقاتها من السقف المرتفع والشامل الذي أعطاه الرئيس بوتفليقة، لحرية الصحافة بإلغاء العقوبات والمتابعات في حق الصحافيين الذين تورطوا في متابعات بتهم القذف قبل أن يرفع تجريم الصحافيين أو حبسهم أصلا. الجزائر حسّنت مراتبها وصورتها إعلاميا في العالم. وانتزعت اعترافات إشادة وتقدير مع المطالبة بالمزيد من طرف عدة دول سبقتنا في تحرير الإعلام وتكريس الحريات عموما وحرية التعبير والصحافة على الخصوص، كما جاء في تصريح السفيرة الأمريكية مؤخرا، وهي التي تعيش بيننا وأذنها وعيناها على كل شيء. وغيرها من البعثات الدبلوماسية في بلادنا أو من طرف الفيدرالية الدولية للصحافيين ومنظمة مراسلون بلا حدود. وحتى من بعض الصحافيين في الدول العربية الذين طالبوا بسقف مماثل لسقف حرية التعبير في الجزائر. بعض نقاباتهم طالبت علنا حكومات بلادها بالمساواة مع سقف الحرية التي يتمتع بها الصحافيون الجزائريون إلغاء حبس الصحافيين كان منطلق «التحرر» ما نذكره بالتأكيد ليس نرجسية. لأن المكاسب لم تأت هكذا بل كانت نتيجة نضال طويل وتضحيات جسام دفع زملاء لنا حياتهم استشهادا لانتزاعها. وقضى آخرون مراحل من حياتهم وراء القضبان وفي غياهب السجون. وفر البعض تحت سماوات أخرى بحثا عن مجالات أوسع للتنفس الصحفي . صحيح أن نضال الصحافيين المتواصل من أجل تحرير «الحرف الصحفي» وانتزاع حرياتهم في التعبير حقق كثيرا من المكاسب لكن دون جحود أو التنكر لقرار الرئيس بوتفليقة، سالف الذكر أي إلغاء حبس الصحافيين وتجريمهم . نداءات لتحرير الصحافيين من سلطة المال تحرير الصحافيين وحرية التعبير للأسف لا يحجب النقائص الأخرى التي تتخبط فيها الصحف ووسائل إعلام جزائرية مختلفة. لقد ارتفعت مؤخرا أصوات تطالب بإعادة «الصحف والصحافة» إلى الصحافيين. وتدعو إلى تحريرها من قبضة سلطة المال والغرباء عن المهنة . بل تحريرها من الذين استولوا على «قاعات التحرير والخطوط الافتتاحية». بتعبير آخر الدعوة إلى استقلال الصحافة وتخليصها من تقمّص أدوار غير وظائفها وهويتها أم المعارك: إخراج الصحافة من الانحراف إلى الاحتراف هذه الأصوات قد تكون استجابة أو بداية المحصول الذي ظل وزير الاتصال، يزرعه أيضا منذ تعيينه. السيّد قرين، واصل ماراطونه العاشر نهاية الأسبوع بباتنة، لنفس المهمة والهدف الذي يكاد يقوم على أولوية واحدة تشكل جوهر تنقلاته وتصريحاته وحتى معاركه واختلافاته وهي: الوصول إلى معلومةموثوقة وإلى إعلام محترف و « متخلق «. اختار قرين أسلوبا مباشرا في الاتصال قد يبدو سهلا في الوهلة الأولى حين قرر إلقاء الإعلام إلى المواطنين في جلسات مباشرة مع الصحافيين ومنشطي الدورات التكوينية. جلسات نقاش مفتوح للجميع، مهمة تبدو سهلة للذين يجهلون خبايا « قاعات التحرير « وحقائق « صحافة الأضواء الخافتة « . صحف بل مؤسسات إعلامية بأسرها تنكرت لوظيفة الإعلام ولدوره التنويري كخدمة عمومية. وسائل ووسائط إعلامية عبّدت لنفسها طريقا غير طريق الصحافة. انحرفت انحرافا كبيرا عن المهنة وسقطت في قبضة المال والدسائس. وتقمّصت أدوارا غير وظائفها الأصلية أي ما يجب أن تكون عليه. ابتعدت كثيرا عن الاحتراف. واقتربت أكثر إلى الانحراف فسقطت في شرنقة حمالات الحطب . إخراج الصحافة من خلف جدران « سان جورج « و« السوفيتال « و« الأوراسي « وتسريبات الهواتف الذكية وجلسات الشرفات والصالونات والأساليب المألوفة : مصادر موثوقة ومؤكدة... ليس أمرا سهلا، لكن وزير الاتصال إلى غاية الدورة العاشرة التي انعقدت الأسبوع الماضي بباتنة، بدا أكثر تصميما على ربح معركة تنظيم قطاعه، وإخراجه من تراكمات وتعقيدات الفوضى التي يتخبّط فيها بفرض القوانين وتكريس ما جاءت به التشريعات التنظيمية للساحة الإعلامية وقطاع الاتصال. يكرر في تصريحاته وزياراته الميدانية بأنه رسم لنفسه أولوية في مهمته وهي إرساء صحافة مستقلة فعلا، تضع الخدمة العمومية في صلب أولوياتها واهتماماتها. صحافة تكرّس حقوق الإنسان وتجذّر في ممارساتها أخلاقيات المهنة واحترام الحريات الفردية والعامة، وحرية الاختلاف في الرأي.. قرين منذ البداية رسم خطته وحدد أهدافه بوضوح. كان صرح من بشار (15 ماي 2014) أنه لا توجد صحافة خاصة وأخرى عامة، فهو لا يحب هذا التصنيف وإنما يفضّل القول : صحافة جزائرية محترفة . وأبرز أن تنظيم القطاع ونجاح المسعى والمهمة الموكلة إليه تستوجب في البداية عملية إحصائية للصحافيين (من خلال بطاقة هوية صحفية) للفرز ما بين الصحفي وغير الصحفي وبين الجريدة أو المؤسسة الإعلامية المحترفة الملتزمة بتطبيق القانون من خلال تأمين وحماية صحافييها ومستخدميها بعقود عمل واتفاقيات جماعية ، إضافة إلى التكوين وأخلاقيات المهنة، والمؤسسات التي لا هم لها غير الثراء وبكل الطرق والوسائل مع هضم أبسط الحقوق لمستخدميها . قرين: سيزيف .. أم استثناء؟ نعتقد أن تصريحا كهذا كان بداية معركة حقيقية متواصلة بين قرين والذين ألفوا سماع غير هذا الكلام، هذا الوزير سار عكس المألوف . ويبدو أنه أراد مسك الثور من قرنيه لمغالبته كما يقول المثل الشعبي. أذكر (وأنا آخر من تبقى من المديرين السابقين على رأس جريدة عمومية أو بالأحرى الشاهد الأخير في انتظار أن تجرفني رياح التغيير القادمة التي بالتأكيد لن تستثنيني) قلت أذكر أن وزيرا في اجتماع رسمي صرح بأنه وزير إعلام «القطاع العام» ولا سلطة له على الصحف ووسائل الإعلام الخاصة؟!. وأذكر أيضا أن وزيرة وفي حصة مباشرة على التلفزيون الجزائري ذكرت وهي «توبّخ» صحفية تنتسب إلى جريدة عمومية «أنتم تتقاضون أجوركم من الدولة وليس لكم الحق في طرح أسئلة بهذه الطريقة...» .معالي الوزيرة لم تنتبه أن الصحف العمومية هي مؤسسات اقتصادية تجارية تخضع لمنطق السوق والمقروئية كغيرها من الصحف الخاصة . السيّدة الوزيرة توقفت ذاكرتها ما قبل بداية الانفتاح الإعلامي أو إقرار التعددية الإعلامية (نهاية الثمانينيات) لما كانت الصحف العمومية تتمتع بدعم مباشر من الدولة. لكن ذلك أمرا أصبح من الماضي. اليوم كل الصحف الوطنية صحف مستقلة في مواردها وتسييرها . والمفروض هي ملزمة بالخدمة العمومية سواء كانت خاصة أو عامة. وأذكر أيضا أن وزيرا آخر للإعلام كان يفضّل إعطاء السبق الصحفي (التسريبات) إلى صحف بعينها. وأذكر أنّني طرحت عليه سؤالا محرجا أمام زملائي العموميين (وأعترف في هذا اليوم الوطني للصحافة أنّني كثير الإحراج) لماذا لم تعط وزارته تلك التسريبات إلى جريدة عمومية أو على الأقل موازاة مع الجريدتين الخاصتين اللتين نشرتا ذلكم الخبر وكان جوابه « راكم عمبالكم..» ؟. ولم نشأ مجادلة وزيرنا المشار إليه لأننا ببساطة «ما عمبالنا بشي». وزير آخر للإعلام كشفته فضائية نايل سبور المصرية على المباشر أيام « الأزمة الرياضية» بين الجزائر ومصر حين صرح الإعلامي الأبراشي، بأن وزيرنا المشار إليه «توسل» إليه لإجراء حوار لصحيفة جزائرية خاصة؟!. ربما يكون الأبراشي كاذبا ومفتريا لكن لم يأت تكذيب على الساخن من الوزير المقصود ... « صحافة البساط الأحمر»: .. دقّت الساعة ما سبق ليس تشهيرا بوزراء سابقين أكنّ لهم كل الاحترام وقلت لهم ما كتبته اليوم مباشرة. ولكن أردت أن أبرز أن ما يقوم به الوزير قرين، هو السير في الاتجاه المعاكس تماما. يقول قرين إنه وزير لكل القطاع بمؤسساته الخاصة والعمومية . لوسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية. وأبرز في أول خرجة كوزير من بشار أنه لا فرق بين صحيفة وأخرى عامة كانت أو خاصة إلا بمدى احترافيتها في إعطاء معلومة موضوعية موثوقة بعيدا عن الشتم والقذف والتجريح والمغالطة. وهي كما يؤكد في كل تصريحاته أنه يترجم أوامر وبرنامج رئيس الجمهورية في الميدان. يجب الاعتراف له على الأقل بأنه أنهى التمييز والتقسيم التفاضلي القائم على «صحافة البساط الأحمر» و «صحافة لانديجان «. لقد عاش الإعلام الجزائري قبل مجيء الرئيس بوتفليقة عهد « الكارتل الإعلامي « وباقي الصحف التي تشبه قياسا أغنياء العالم (مجموعة الثمانية) وباقي الفقراء أو من يقتاتون من فتات الأثرياء. لقد استولى «الكارتل» على التسريبات الصحفية ومداخيل الإشهار. والدوس على حقوق الصحافيين والمستخدمين. لا أحد كان يجرأ على مطالبة بعض الصحف سابقا بتقديم بيانات تأمين العمال لدى الضمان الاجتماعي. ناهيك عن التهرّب الضريبي وكل الممارسات المشبوهة التي لم يصل منها إلا القليل إلى أروقة القضاء. جرائد تنسب لنفسها أنها تسقط الحكومات وتقيل الوزراء وتعجّل بعزل الوزراء والمديرين..؟!. وكان النّاس يصدقون. الحقيقة أن تلك الصحف كانت أول من يعلم بالتغيير الحكومي. وتسرب إليها حركات التغيير في أسلاك الولاة والمديرين والبنوك . فتبدو بهذا السبق وكأنها صاحبة القرار أو على الأقل لها تأثير فيه. أذكر أن مدير جريدة من «الكارتل» الذي أتحدث عنه نشر خبر إقالة مسؤول سام في جريدته قبل أن يصدر القرار الذي تم فعلا لاحقا. لكن صاحب الجريدة الذي لم يدخل الجامعة أبدا راح يروّج مسبقا ويتحدث أمام الجميع بأنه سيقيل ذلك المسؤول. ولما تم قرار العزل آمن النّاس جميعا من الذين تحدث إليهم بأن ذلك المدير هو من كان وراء عزل ذلكم المسؤول. هذه أمثلة وأخرى تؤكد أن أبوابا كثيرة غير مشروعة أغلقت. لأنها ببساطة خلقت تمييزا وفوارق تفاضلية بين المؤسسات الإعلامية نفسها. إنّي لا أدعو إلى عدم اجتهاد الصحافيين في الحصول على معلومات موثوقة أو سبق صحفي فهذا حق دستوري مكفول. بل يجب تحرير كل مصادر الخبر وأمام الجميع. لكن ما عشناه سنوات طويلة كان لا يختلف فعلا عن « أبارتيد إعلامي « حقيقي. نحن جميعا في الأسرة الإعلامية نجد أنفسنا في مثل هذا المسعى. والمفترض أيضا أن يستقطب هذا المسعى كل من يتعاطى هذه المهنة فلماذا ينزعج البعض إذن؟ . أيها الوزير .. لا تستسلم الانزعاج كما قرأناه، يتأتى من كون الوزير بات يقوم بدور كان من المفترض أن يقوم به الصحافيون أنفسهم، بتنظيم أنفسهم والتحرك لانتزاع حقوقهم المهنية والاجتماعية ، واسترجاع كرامتهم واستقلاليتهم من خلال التأسيس أو الانخراط في نقاباتهم الفرعية والوطنية بدل الانتظار والتوسل لغيرهم للقيام بهذا الدور بدلهم، على قياس أذهب أنت وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون.. لقد أصبح قرين في صورة تشبه أسطورة «سيزيف». على الوزير أن لا يستسلم أو يفشل فلقد غيّر الكثير. إن الدوام كما يقول المثل يثقب الرخام. لكن نحن الصحافيين لابد أن نغيّر ما بأنفسنا. إننا بحاجة إلى نقابة قوية جامعة، وإلى تنظيم صحفي يسقط آخر قلاع « الكولون الإعلامي» . مؤسف أن يشتكي مراسلون وصحافيون يعملون منذ سنوات (بعضهم لأكثر من 8 و10 سنوات) دون عقود عمل أو تأمين وبأضعف الأجور حتى لا نقول مجانا ولا يتحركون؟. يقولون إنهم يقبلون بهذه الوضعيات إكراها ومن أجل « الخبزة «. وإذا احتجّوا أو طالبوا بحقوقهم، الجواب واضح وواحد: أبحث عن مكان آخر للعمل « ممنوع عليك العودة غدا»، انتهت علاقة التعاون . الصحافيون والمراسلون إذا أرادوا أن يغيّروا أوضاعهم وما بأنفسهم فعليهم تنظيم أنفسهم والتجنّد الواسع والمتضامن لانتزاع حقوقهم بقوة القانون والاتفاقيات الجماعية ومفتشيات العمل والعدالة، إضافة إلى فضح كل الممارسات والتصرفات التعسفية للذين استبدوا ويأكلون أموال الصحافيين باطلا واضطهادا. أولئك الذين لا هم لهم سوى الربح والثراء ولو بالتنكّر لأبسط حقوق المستخدمين، وفي مقدمة هذه الحقوق : عقد عمل محدد الواجبات والحقوق والتأمين وما يرافق ذلك من ظروف عمل مقبولة على الأقل. وصون كرامة الصحفي بحسن التعامل بعيدا عن منطق العبد والسيّد، أو عقلية «الكولون» التي أصبحت واقعا في كثير من المؤسسات الإعلامية (ولا فرق هنا بين ما يحدث في بعض المؤسسات الخاصة والعامة). وضع أجبر البعض على « الرضوخ» تحت وطأة البطالة والحاجة الملحة والماسة للعمل. الحديث عن الحقوق والمهنية وأخلاقيات المهنة وكرامة الصحافيين كان حلما وكلام جرائد وتصريحات مسؤولين في مناسبات مختلفة. فما خفي من ظلم وتعسّف وهضم للحقوق ومعاناة للصحافيين والمراسلين على الخصوص أعظم وأمر. ولو امتلك هؤلاء الشجاعة والضمانات والحماية لكشف المستور وما يحدث خلف الأضواء، لانهارت أوهام الذين يقولون ما لا يفعلون، والذين أصبح الاستغلال والتعسّف ممارسة يومية لديهم، وسلوكا عاديا؟. لكن الوضع بدأ يتغيّر فعلا. والصحافة بدأت تبتعد عن الانحراف وتقترب أكثر من الاحتراف. أشياء كثيرة تغيّرت في قاعات التحرير وداخل المؤسسات الإعلامية والخاصة . لكن مجهودا أكبر مازال ينتظر الصحافيين والمسيرين. بين صحافة لغة الخشب.. وصحافة حمالات الحطب سؤال مجاني: متى تسترجع الصحافة دورها الإعلامي كخدمة عمومية مكرّسة لحرية التعبير والرأي الحر بمهنية واحترافية، بعيدا عن التجريح والقذف والشتم والمغالطة، وتقمّص دور الخصم والحكم، أي دور المتهم والضحية والمحقق والقاضي في نفس الوقت. صحافة تضع نفسها فوق القانون والوطن والمواطن... هذا أيضا نوع آخر من صحف مطالبة أن تغيّر ما بنفسها، وأن تتجدد أو تتبدد. لعل ما يأمله كل صحفي، همه الوحيد الصحافة، وخبزه الوحيد الصحافة، ومسعاه الوحيد أن يكون أكثر احترافية، هو بداية مرحلة جديدة من الإعلام الحر والمحترف في الجزائر . الصحافة الجزائرية جميعها ، مفروض أن تسعى إلى الاستقلالية، أي أن تكون مستقلة. والصحف العمومية ملزمة بتحرير نفسها من «لغة الخشب». والتخلّص من الخمول والرواسب الموروثة عن مراحل الحزب الواحد، وبيانات القسمة والخلية، ومنطق قال سيدي الوالي وقال سيدي الوزير فيما يشبه « الكاتب العمومي « عند مدخل مركز بريدي. وأن تنأى نفسها عن دور لا أحد كلّفها أو أمرها بالقيام به. الصحف العمومية لا تفصل في عملها اليومي بوضوح بين مفهوم الخدمة العمومية والوظيفة الحكومية. ثمّة خلط كبير في الأذهان والكتابات على السواء. أما الصحف الخاصة ولا أقول المستقلّة، فهي تعطي لنفسها مهمة «المشرف العام» الذي لا ينطق عن الهوى.. رغم أن كثيرا مما ينشره بعض الزملاء الخواص هو أقرب إلى منطق «حمالات الحطب». نحن نسعى إلى ميلاد صحافة تكون بمثابة الطريق الثالث بين صحف لغة الخشب وصحف حمالات الحطب . من أبجديات الصحافة: الخبر مقدّس والتعليق حر . لكن هذا المفهوم لم يعد يعمل به لدى الكثير من الوافدين على الصحافة، تفاديا لكلمة الدخلاء. إذ لم يعد يفصل بين حدود الخبر وحدود التعليق. بل الأسوأ، هو أن بعض وسائل الإعلام لم تعد تنشر الخبر أصلا، أو على الأقل تنشره مشوّها وغير مستوف لعناصره المتعارف عليها، ومن ثمّة تكتفي بالتعليق والأحكام على خبر مجهول . خبراء المهنة وروّادها الذين لم تدركهم قبضة « الجماعات» ولم يتأثروا بالمساومات والإغراءات، يجزمون بأن الأخبار الصحفية كالحرية تنتزع ولا يجب انتظارها أو تعطى بصفة «الصدقة الجارية