كان ولا يزال اللباس التقليدي الجزائري زينة الأعراس ومختلف المناسبات السعيدة الدينية والوطنية، حيث تتألق النساء بارتدائه ليظهرن في أجمل حلة. وهو اللباس الذي أثنى عليه كل من شاهده من داخل الوطن وخارجه، وألهم أكبر المصممين العالميين، فنسجوا منه موديلات كثيرة ارتدتها الغربيات. لا يختلف اثنان في أن كل منطقة من أرضنا المباركة لها زيها التقليدي العريق الذي تحرص الخياطات والمصممات ومن يحكن أجمل القطع الصوفية بمناطق الجنوب، على جعلها مخلدة في تصديرة العروس أو المناسبات، كما يجد إقبالا كبيرا من طرف السيدات والمقبلات على الزواج. «المساء» زارت العديد من الأسواق المشهورة ببيع الألبسة التقليدية النسوية في كل من البليدة، العاصمة، جيجل وقسنطينة.. حيث تعج «زنيقة العرائس» بباب عزون في العاصمة وأخرى في البليدة، بالراغبات في اقتنائها من كل الأعمار، وهي المناطق المشهورة بنشاطها التجاري على مدار السنة، علاوة على محلات «بلكور» العريقة في هذا المجال. أشار محدثونا من أصحاب المحلات الرائدة في صناعة وبيع هذه الملابس أنها مطلب النسوة من مختلف الأعمار، كما لا يمكن بأي حال من الأحوال ألا تتربع على الأقل ثلاث قطع منها في جهاز العروس التي تحرص، من جهتها، على أن يكون اللباس التقليدي لمنطقتها أول ما يفتتح به جهاز التصديرة، يقول عبد الفتاح صاحب محل مختص من البليدة؛ «لقد ورثت هذه المهنة عن والدي رحمه الله، لدينا زبائن بالوارثة أيضا، منهم سيدات اشترين جهازهن منذ 50 سنة من المحل، وقد حرصنا على التعامل مع الخياطات والمصممات المشهورات في المنطقة لضمان مختلف الطلبيات التي تصلنا أو لبيع ما تم تحضيره خاصة إذا كانت القطعة من كراكو أو بدرون أو جبة قسنطينية مواتية لمقاس طالبتها». يؤكد «محمد.خ» صاحب محل بالعاصمة، أن أكثر ما تطلبه السيدات والفتيات المقبلات على الزواج للتصديرة، هو اللباس التقليدي الجزائري وعلى رأسه «الفرقاني»، «الكراكو»، و«البدرون»، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت حرصا كبيرا للسيدات على اختيار «القفطان» بألوان وأشكال مختلفة، حيث يشرن إلى أنهن يجدن راحتهن عند ارتدائه لأنه يتميز بخفة قماشه. يقول؛ «تقصد الفتيات والسيدات المحل يوميا ليس فقط بغرض الشراء، بل وحتى من أجل مشاهدة الجديد في التصاميم أو ماجادت به أنامل الحرفيات من إبداع، فتجد الزبونة تسأل عن نوعية القماش، الألوان، وطريقة الطرز». خلال جولة «المساء» إلى جيجل، عرجنا على ورشة خياطة تقليدية مختصة في صناعة «قندورة المجبود» و«الفتلة» لصاحبها بوخميس، إذ تحتضن مؤسسة «الأصالة والإبداع» التي تعمل فيها أزيد من 200 فتاة، وتكوّن الدار سنويا أكثر من 50 حرفيا مختصا في صناعة أجمل الفساتين والألبسة التقليدية، إذ أشارت الفتيات اللائي تحدثنا إليهن على حرصهن على حفظ الحرف التقليدية، خاصة في الشق المتعلق بصناعة «قندورة المجبود» التي تعتبر فخر المنطقة بمختلف أنواع الطرز التي تكتنز بها، على غرار «الكوكتال الذي يعتبر موضة في هذه الحرفة والفتلة التي تعتبر من أعرق الأنواع. الكثير من الفتيات والسيدات اللائي التقيناهن في المحلات بصدد الاستمتاع بجمال الألوان والطرز، أشرن في حديثهن إلينا إلى أن اللباس التقليدي الجزائري له جاذبية لا تقاوم، كما أنه يعطي صاحبته أناقة لا يمكن أبدا أن تؤمنها موديلات أخرى من الملابس، على غرار «الكراكو» بتصميمه الفريد والرفيع وكذا «البدرون»، خاصة عند ارتدائه بأكسسواراته و«محرمة المفتول» التي يزينها «خيط الروح»، تقول سمية 34، سنة مقبلة على الزواج: «رغم الغلاء الذي تعرفه سوق الملابس الرفيعة; خاصة الملابس التقليدية، إلا أنني أحرص على أن يضم جهازي بين قطعتين إلى ثلاث قطع تقليدية، لأن موضتها لا تافل، والإقبال عليها يكون على مدار السنين. وشخصيا لاحظت أن والدتي لازالت ترتدي البدرون الذي أهدته لها والدتها والذي لم يفقد بريقه بفعل السنين».