خطت الجزائر خطوات عملاقة في مجال مكافحة التدخين، يظهر ذلك من خلال جملة من التدابير المتخذة منذ سنوات، سواء على المستوى الاجتماعي أو الصحي وحتى التنظيمي، بتسطير حزمة قوانين تعاقب على الترويج واستهلاك التبغ، وهي المساعي التي تدعمت بإرادة سياسية بهدف وضع حد للاستفحال الكبير لهذه الآفة، من خلال إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ المنصبة مؤخرا من طرف الوزير الأول، وهو ما يؤكد مدى اهتمام الدولة الجزائرية بمكافحة التدخين. قال الدكتور يوسف طرفاني، المدير المكلف بالأمراض غير المتنقلة ومكافحة التدخين بوزارة الصحة في تصريح ل«المساء"، مؤخرا، على هامش انعقاد الاجتماع الإقليمي الإفريقي التحضيري للمؤتمر السابع لأطراف في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية، بشأن مكافحة التبغ، بأن الجزائر كانت من ضمن الدول السباقة التي صادقت على هذه الإتفاقية التي تم دعمها بتشريع عدة قوانين تمنع استهلاك التبغ في الأماكن العمومية، ملفتا إلى أن جهود المكافحة تكللت بإرادة سياسية تدعم هذه المساعي، ويتجلى ذلك من خلال تنصيب الوزارة الأولى مؤخرا للجنة الوطنية لمكافحة التدخين، المنتظر منها إعطاء دفع قوي بخصوص مساعي مكافحة التبغ في الوطن. ذكر الدكتور طرفاني في معرض حديثه، أن البرنامج الوطني لمكافحة التبغ يشمل عدة محاور تتعلق أساسا بحظر استهلاك التبغ الذي أظهرت الدراسات المتخصصة بشأنه، بأنه يمثل نسبة 15.3 لدى الشباب من سن 15 عاما فما فوق، فيما يمثل عند الأقل من 15 سنة نسبة 9 %، وهو ما يوضح مدى استفحال هذه الآفة التي تستوجب تضافر الجهود من أجل إيقاف زحفها. في السياق، أكد نفس المسؤول أن الجزائر وضعت مكافحة التدخين ضمن الأولويات الصحية، يظهر ذلك من خلال وضع ميكانيزم مالي يتأتىّ خصيصا من الضرائب المفروضة على بيع التبغ بكل أشكاله، والتي وصل مبلغها إلى 600 مليون دولار بين عامي 2010 و2016، وهي الأموال التي يتم ضخها مباشرة في دعم مخطط مكافحة التدخين وكذا في سياق مخطط معالجة الأمراض المزمنة التي يكون التبغ أحد عوامل الإصابة بها. كما يظهر بند مكافحة التدخين ضمن المخطط الوطني الإستراتيجي لمكافحة السرطان 2015 / 2019 الذي نصبه رئيس الجمهورية شخصيا، ويظهر فيه 37 بندا خاصا بسبل مكافحة التدخين، وأبرز أن التحديات الأساسية التي تواجهها الجزائر تكمن في مدى تطبيق كل هذه التدابير والالتزامات التي أكد بشأنها المسؤول أنها مسؤولية مشتركة. من جهة أخرى، اعتبر الدكتور طرفاني أن قانون الصحة الجديد يقر بزيادة الضرائب على بيع أنواع التبغ واستهلاكه في الأماكن العمومية، وكذا وضع صور صادمة على منتجات التبغ بهدف التقليص من بيعه. واعترف أن معركة مكافحة التبغ في المجتمع صعبة لكنها ليست مستحيلة، خاصة أن وزارة الصحة تعمل بالتنسيق مع عدة قطاعات وزارية، وعلى رأسها وزارة التربية، من خلال إدراج دروس توعوية للتلاميذ حول مخاطر استهلاك التبغ، داعيا مؤسسات المجتمع المدني إلى العمل على التحسيس الواسع بمخاطر هذه الآفة وانعكاساتها السلبية، لاسيما على الجانب الصحي والاجتماعي للأفراد. جدير بالذكر أن الاتفاقية الإطار للمنظمة العالمية للصحة الخاصة بمكافحة التبغ، تنص على أهمية مراقبة استهلاك كل أشكال التبغ والتحذير من أضراره وأهمية حماية صحة السكان وتقديم المساعدة لأولئك الذين يريدون التوقف عن التدخين، ومنع الإشهار عن التبغ والتشجيع عن الرعاية له وكذا الرفع من الرسوم عليه. وبالنسبة لاجتماع الجزائر، فالمنتظر منه الخروج بتوصيات تحدد موقف الدول الإفريقية من التبغ، سيتم رفعها ضمن الندوة المزمع عقدها حول نفس الموضوع في نيودلهي بالهند بين 7 و12 نوفمبر القادم.