محمد خوان يتحادث مع رئيس الوفد الإيراني    هذه توجيهات الرئيس للحكومة الجديدة    النفقان الأرضيان يوضعان حيز الخدمة    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في إفريقيا    مشاهد مرعبة من قلب جحيم غزّة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    على فرنسا الاعتراف بجرائمها منذ 1830    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    الخضر أبطال إفريقيا    ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    "ترقية حقوق المرأة الريفية" محور يوم دراسي    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)        مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياحة الحموية في تموشنت بحاجة إلى الرعاية وتلمسان تسحر زوارها
«المساء» في جولة بالغرب الجزائري
نشر في المساء يوم 23 - 11 - 2016

تزخر بلادنا بالعديد من المناطق السياحية، التاريخية والأثرية التي يمكن أن يجد فيها الزائر ضالته حيال خياراته السياحية، على غرار السياحة الجبلية، الحموية والدينية، حيث شاهدنا خلال رحلتنا هذه إلى الغرب الجزائري، والتي نظمتها الجمعية الوطنية للإعلاميين المتخصصين في السياحة أقلام السياحية لدى مرورنا بحمام بوحجر بعين تموشنت، شغف المواطنين بالحمامات المعدنية والسياحة الحموية التي تعتبر جد أساسية في حفظ الصحة واللياقة البدنية، كما وقفنا على جمال تلمسان وهوائها العليل في مناطق اختلفت بين الجبلية وأخرى في قلب المدينة، حيث يجد زائرها نفسه على موعد مع التاريخ والفن والحضارة في صورة متناغمة تبحر بالمرء في عوالم من الماضي والحاضر. كما اكتشفنا جاذبية منطقة «لالا ستي» التي تعد الزوار بالطمأنينة والسكينة في رحاب الطبيعة العذراء والسكون الذي يخيم بالمكان. «المساء» زارت أيضا مغارة بني عاد في منطقة عين فزة، وهي من آيات الجمال الرباني التي تشكو السيول البشرية التي تنزل عليها بفعل الزيارات اليومية إليها، والتي تشكل خطرا كبيرا على المكان، إذ سجل دخول 6400 شخص المغارة في يوم واحد من أيام العطلة الصيفية، وهو ما يشكل خطرا على المكان الذي تغير لونه بفعل الشهيق والزفير الآدمي. كما كان لنا حديث مع رئيس بلدية بني عاد بعين فزة، الذي حدثنا عن المشاريع المختلفة التي تعتزم البلدية إنشاءها لخدمة السياحة في المنطقة.
المحطة المعدنية لحمام بوحجر بعين تموشنت ...كنز حموي يحتاج للرعاية
تعتبر السياحة الحموية رائدة، لما لها من خاصية التنفيس عن الذات وتخليص الجسم من الأرق وإشباعه بالعناصر الطبيعية المختلفة الموجودة في المنابع الحموية، على غرار الكبريت والبيكربونات التي ينصح بها لعلاج أمراض المفاصل، الأمراض الجلدية وأمراض النساء، بالنظر إلى تركيبتها الفيزيوكيميائية. وقد لاحظنا إقبال المواطنين الكبير على المحطة المعدنية لحمام بوحجر بعين تموشنت، الواقعة على بعد 20 كلم عن عاصمة الولاية، ممن ينشدون العلاج وراحة الجسد خلال عطلة نهاية الأسبوع، من مختلف ولايات الغرب، إلا أننا اصطدمنا بواقع عدم انطلاق أشغال الترميم بالمحطة رغم تشديد وزير التهيئة العمرانية والسياحة والصناعة التقليدية، عبد الوهاب نوري، لدى زيارته إلى عين تموشنت، خلال الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا على الشروع الفوري في إعادة تأهيلها، علما أن هذه المحطة المعدنية التابعة لمؤسسة التسيير السياحي لتلمسان استفادت من مبلغ 870 مليون دج لإنجاز أشغال إعادة التأهيل من أجل رفع طاقة الاستقبال بها.
أشار العديد من المواطنين ممن تحدثت إليهم «المساء» من الجنسين، إلى رغبتهم في رؤية المحطة في صورة تليق بما تقدمه من خدمات صحية ورفع الخدمات بها، خاصة أنها تعتبر قطبا حمويا هاما بالغرب الجزائري، حسبما أشار إليه جراح أقبل من وهران على المحطة التي قال إنه يشعر بالراحة لدى الاستحمام بمياهها، لأنه مختص في جراحة الأسنان ويتعب كثيرا في الوقوف، إلا أن قضاء سويعات في حوض المحطة يشعره بالنشاط، خاصة أن نوعية المياه غنية جدا بالمعادن، وأن مسافة الطريق من وهران إلى المحطة تبلغ 30 دقيقة، لهذا يقصدها مرتين في الأسبوع للعلاج واللياقة، فأنا أقوم بالتدليك بمستشفى في وهران، وهنا أجد نفسي مرتاحا، وهذا كنز صحي لابد من المحافظة عليه». تتربع محطة حمام بوحجر على مساحة 16 هكتارا، يوجد بها فندق يضم 30 غرفة و54 بنغالو، أي 217 سريرا، منها 60 في الفندق، وكذا مطعم يقدم 250 وجبة، إلى جانب كافيتريا ومسبح، وفق ما أشار إليه عامل الاستقبال بالفندق.
تركيبة حموية فريدة من نوعها
أكد الدكتور بلحسن محمد كمال، طبيب معالج بالمحطة الحموية لحمام بوحجر في حديثه ل«المساء»، أن التركيبة الكيميائية لمياه المحطة غنية جدا بالكبريت والبيكربونات، قادمة من منطقة تسمى عين البقرة، موزعة على 32 منبعا محيطا بالمحطة، مياهها تختلف بين ساخنة وأخرى باردة، بدرجة حرارة 72 وتصل إلى المحطة ب60 درجة، أي أنها تفقد بعض خواصها الطاقوية في الطريق إلى المحطة. ويتم علاج أمراض الروماتيزم والتهاب المفاصل وأمراض الجلد كالكنف. كما نعالج بها مرضى المعدة والقولون العصبي، إذ نطلب من المريض أن يشرب من الماء بعد تبريده لعلاج مشكل الهضم والقولون العصبي، حيث يعرب الكثير من المرضى عن ارتياحهم بعد تناولها نظرا لخاصيتها الكاربونية. وفيما يخص المرضى الذين تستقبلهم المحطة، قال الدكتور: «نحن نستقبل المرض من مختلف ولايات الغرب سواء المؤمنين اجتماعيا أو الأفراد الذين يقصدون المحطة للياقة، حيث نباشر عملية فحص للمرضى لمعرفة ضغط المريض أو إصابته بمرض السل أو غيرها من الحالات التي تتعارض مع هذا النوع من العلاج، علما أن كل الفئات العمرية باتت تقصد المحطة للعلاج، ففي الألفية الثالثة أصبح العلاج الحموي موضة، وهناك إقبال للعائلات، أطفال وشباب، منهم من يقول إنه بحاجة للراحة ورفع اللياقة، علما أنه لدينا جناح للأطفال وآخر خاص بمن يبحثون عن التخسيس وجناح خاصة بكبار السن.
وفيما يخص مشكل هشاشة العظام والتهاب المفاصل الذي بات يعاني منه الكثيرون من مختلف الأعمار، قال الدكتور بلحسن: «نعم هناك حالات كثيرة نستقبلها وهي في قمة القلق، وفي وسط العلاج يبدأ المريض في التحسن بفعل العلاج بالماء والتدليك والراحة بنسبة 80 بالمائة، وعندما ينتهي الوقت أقدم وصفة بالأدوية لكبار السن للمساعدة. لكن بالنسبة للشباب مثلا في سن ال40 عاما، فإنني أوصي المريض بالعلاج الطبيعي فقط والعودة إلى المحطة بعد مضي شهرين».
يعد حمام بوحجر مؤسسة للعلاجات بالاستحمام للرجال وأخرى للسيدات، منها حمامات فردية وأخرى جماعية، كما توجد به أحواض الاستحمام الجاف أو الحمامات الكاربو غازية ومرشات بنظام القذف والتدليك تحت الماء والأشعة تحت الحمراء والموجات فوق الصوتية أو المعالجة بالكهرباء.
مخيم الشباب شيخي نور الدين بتلمسان ...حين يمتزج الهدوء بالطبيعة العذراء
قادتنا جولتنا إلى تلمسان للنزول ضيوفا على دار الشباب شيخي نور الدين، بأعالي هضبة «لالا ستي»، حيث يتسنى لزائر المكان مشاهدة تلمسان من فوق في صورة بانورامية تجعل المرء في اتصال مباشر مع التاريخ، الجمال والطبيعة العذراء التي تسحر كل من يشاهدها وتشده إليها شدا، ليفكر في العودة إليها قبل الرحيل منها، علاوة على غروب الشمس المميز الذي لا يفوت زوار المنطقة مشاهدته، إلى جانب تلألؤ الأضواء في عتمة الليل.
يعتبر مخيم الشباب الذي فتح ذراعيه لاستقبال الشباب من داخل الوطن وخارجه مند سنة، فضاء فسيحا لاستقطاب عشاق الطبيعة الغناء والخضرة. فهناك تربعت أشجار الصنوبر وفاح أريجها باعثا الطمأنينة والسكينة في النفوس وزادها جمالا الورد بألوانه المختلفة وشجيرات الصبار المتناثرة هنا وهناك، علاوة على نمط المكان الهندسي، والمتمثل في بنايات على شكل فيلات بطابقين، فوقها سقف من القرميد الآجوري، في كل طابق ثلاث غرف، وكل غرفة تتسع لثلاثة أفراد في أسرة، أجواؤها تشبه إلى حد كبير أجواء البيت، مما يشعر المرء بالراحة. كما أن الهواء النقي الذي تتمتع به منطقة «لالا ستي» يجعل الشخص يشعر براحة نفسية كبيرة.
وفي حديث ل«المساء»، أكد لنا السيد عبدلي مشرنن، مدير المخيم، أن المخيم مؤسسة عمومية سياحية تسعى إلى ترقية السياحة الشبانية بالجزائر، يوجد به 100 سرير مقسم إلى أربعة أجنحة يقول: «لدينا مساحات شاسعة لنصب عشرة خيم خلال موسم الاصطياف، بقدرة استيعاب 100 سرير في كل خيمة، ويقدم المطعم 240 وجبة، وتوجد بقلب المخيم قاعة نشاطات وترفيه وقاعة رياضة، فتحت أبواب المخيم في نوفمبر 2015، واستقطبنا تقريبا 48 ولاية، خاصة أن تلمسان تعرف حركة على مدار السنة، كما استقبلنا فوجين من تونس، كل فوج مكون من 50 شخصا».
وأضاف السيد عبدلي قائلا: «يوجد في الجزائر حوالي 150 بيت شباب و30 مخيما، وهو عدد معتبر لخدمة الشباب والسياحة ولا يوجد في أي بلد عربي. ففي السعودية نجد ثلاث بيوت وفي المغرب يوجد سبعة، أما تونس فيوجد بها تسعة وفي الإمارات المتحدة بيتان، والكويت بيت واحد، والدولة الجزائرية قائمة بالواجب في هذا المجال، فعلى سبيل المثال تيزي وزو يوجد بها أربعة بيوت وبتلمسان خمسة، وتسعة بأدرار، علما أنه توجد في كل دار شباب غرف خاصة بالعائلات ومبالغها رمزية ومضبوطة من قبل مؤسسات ديوان تنشيط الشباب، وهي رمزية. فالنسبة لعائلة، تعتبر عطلة نهاية الأسبوع ب 2000 دج مقبولة، وهناك دور شباب يمكن أن يطبخ فيها الأفراد، أي يمكن استعمال المطبخ والوسائل».
ويواصل محدثنا قائلا حيال البرامج المضبوطة من قبل القائمين على المخيم لخدمة الزوار والتعريف بالسياحة في المنطقة: «هناك برنامج سياحي نعرضه على الزوار، إذ نرسل مرشدا سياحيا أو دليلا مجانا مع الأفواج للتعرف على المنطقة، وهناك برنامج خارجي تديره المؤسسة، يتمثل في رحلات ننظمها في إطار التبادل الشباني بين المخيم ودور الشباب الموزعة عبر مناطق الوطن، وقد استقبل مخيمنا في هذا الإطار حوالي 400 شاب قدموا من ولاية أدرار في تسعة دورات».
وحيال ما يتم التخطيط له لتطوير الخدمات بالمخيم قال مديره: «نحن نفكر في بناء مسبح وملعب، خاصة أن المكان يسمح بذلك، وهي فكرة ستطرح على المسؤولين ونتمنى أن تتلقى الاستجابة».
المرشد السياحي مصطفى حسان ل«المساء»: بتلمسان تجد الراحة والأمان
تحدث المرشد السياحي مصطفى حسان ل«المساء»، عن سر اختيار السياح الأجانب لتلمسان كوجهة سياحية قائلا: «أول ما يجلب السياح إلى مدينة تلمسان هو النمط الهندسي الإسلامي الذي يميزها، كمآذنها مربعة الشكل والمستطيلة المغاربية التي استلهمها الموحدون من نمط الكنائس، لما قاموا بالفتوحات الإسلامية في الأندلس. وقد طور الزيانيون مباني المدينة الجميلة بحكم أنه كانت لديهم أموال وكانوا معروفين باقتصادهم التجاري المبني على الريع والمقايضة. وقد قال ابن خلدون الذي كان مولعا بها في كتابه العبر عن الزيانين: «وقد بنوا المدارس والجامعات وكانت محج العلماء من كل الأمصار»، وأكثر ما يجلب السياح إليها أيضا هدوء المنطقة، الأصالة، الراحة والطمأنينة المتواجدة فيها، فزائرها يشعر بالأمان والاحترام، إلى جانب الطبيعة الخلابة، فهي مدينة على سفوح الجبال ومياهها رقراقة.
شلالات لوريت .... جمال يسحر الألباب
تعتبر شلالات لوريت الخلابة آية في الجمال، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال زيارة المكان دون النزول بين أحضان الطبيعة الغناء، حيث يوجد الأخضر بمختلف تدرجاته، علاوة على مختلف أنواع النباتات وعلى رأسها نبات الدفلى رائعة الألوان. وقد صادف وجودنا هناك مع قدوم مجموعة من العمال السياح الصينين الذين قصدوا المكان للاستمتاع بجماله وأخذ صور تذكارية فيه، حيث أشاروا في حديثهم إلينا إلى أن لوريت منطقة ساحرة وتريح النفس من المتاعب».
وحول هذه المنطقة الرائعة، يقول الدليل السياحي حسان؛ «هي شلالات احتفالية، فكل سكان المنطقة يقصدونها للنزهة والراحة والاستجمام، فهي روحانية وكان يلتقي فيها كل فنانو الأندلسي من اليهود والمسلمين. وأصل التسمية «لوريت» يعود إلى أن بعض الأمراء من المرابطين كانوا يستمتعون بجمال المنطقة ويغيبون عن القصر، ولما يسألهم الملك، حيث كانوا غائبين يردون عليه بقولهم؛ «آه لو رأيت يا أبتي، آه لو رأيت»، كما تغنى بها شعراء الأندلسي، ومن بينهم ابن خفاجة بالقول: «يالوريت مشيت منظر فيه لقيت كراكت الحجر والماء يهدر فيه، صبت الشابات يعركو الصابون الأولى كالقمر والثانية بلار والثالثة شعلت في قلبي النار والرابعة يا خاوتي الكية بلا مسمار».
تعتبر أكبر مغارة بعد مغارة المكسيك ...مغارة بني عاد تشكو «الزفير» والكتابة على الصخور
تعتبر مغارة بني عاد الواقعة ببلدية عين فزة، تحفة ربانية تسحر الناظرين ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الوصول إلى تلمسان وعدم مشاهدة جمالها الرباني الذي يحاكي الفكر ويدفع للتدبر في عظمة الخالق. ففي هذه المغارة الرائعة يجتمع الجمال، التاريخ والحضارة، تبعد بحوالي خمسين كيلومترا عن مدينة تلمسان وتقع على 57 مترا تحت سطح الأرض وتمتد على طول 700 متر. درجة حرارتها ثابتة طوال العام في 13 درجة. اكتشفها الأمازيغ الذين استوطنوا المنطقة قرنين قبل الميلاد، حسبما أكده لنا دليل المغارة السيد إبراهيم عبد الحق.
في قلب المغارة لا يسع اللسان سوى التسبيح، حيث يمكن للعين أن ترى العالم والعلماء وأبرز الشخصيات ماثلة أمامها. فقد استطاعت الصواعد والنوازل المكونة للمكان بفعل الترسبات أن تجسد تمثال الحرية الأمريكي، صحراء كاليفورنيا الصبار والصقر الفارد جناحيه، البعير والهودج، الرجل المصلي، أفلاطون، ملوك وحرس، ولفظ الجلالة واسم النبي المختار وخريطة الجزائر وإفريقيا والعراق.
يقول السيد إبراهيم عبد الحق، دليل المغارة ومحبها في التعريف بفيزياء المكان: «تعتبر هذه المغارة الأكبر في العالم بعد مغارة المكسيك، من حسن حظنا أننا نمشي فيها على الأقدام لأن هناك مغارات يمشي فيها الزوار زحفا أو على القوارب، ونشاهد جمالها البديع من خلال التنقل بين قاعاتها الثلاثة؛ القاعة الكبيرة الفسيحة والقاعة مستقر الملك، حيث نجد الجنود والحراس والغرفة الملكية. أما القاعة الثالثة فتسمى بقاعة السيوف لبياض نوازلها وحدّتها، ويطلق عليها أيضا اسم قاعة المجاهدين. تتكون المغارة من صخور كلسية رسوبية تشكلت بفعل تساقط الأمطار على الأرض وتسربها عبر الثقوب إلى المغارة على شكل قطرات ماء محمَّلة بالكلس مع ثاني أكسيد الكربون، ثم تتبخر وتنزل على الأرض لتكون صاعدة، ومع الزمن تتكون عدة صواعد وبمرو 100 سنة تزيد الصاعدة ب1 سنتم، لتشكل عمود إعانة للمغارة. وبعكس الصواعد تتشكل النوازل التي تشكل في مجملها سقف المغارة.
زارت «المساء» المغارة خلال سنة 2011، حيث أجرت ربورتاجا تطرقت خلاله إلى جمال المكان وجاذبيته، وكانت أحجار المغارة الكلسية ناصعة البياض وقتذاك، كما كانت أحجار الكوارتز تتلئلأ بفعل الأضواء الخفيفة التي تنير المكان، إلا أننا في زيارتنا الأخيرة تفاجأنا بتغير لونها الذي كساه السواد بفعل الزفير الآدمي، بسبب الأعداد الهائلة من الزوار التي تنزل عليها يوميا، علاوة على ظهور بعض الفطريات بفعل الرطوبة والضوء، وكذا كتابة أسماء الأشخاص والعشاق ورسومات مختلفة على الصخور. وقد طرحنا السؤال التالي على السيد إبراهيم؛ كيف يمكن الحفاظ على المغارة؟ فقال: «أول شيء هو الصمت داخل المغارة واتباع السيرة النبوية، فقد كان رسول الله يتعبد في غار حراء، ويمنع منعا باتا لمس الصخور وعدم الكتابة عليها، كما يفعله البعض، فالمكان يشكو للأسف، والطبيعة ملك الجميع، فلماذا يكتب عليها شخص اسمه؟ وأضاف بلغة تحمل الكثير من الحسرة والمرارة: «يجب أيضا عدم لمس قطرات الماء وهذا ما يفعله الفضوليون، مما يتسبب في اختفاء القطرة ومنه اختفاء الأوكسجين واسوداد المكان بفعل اللمس، لابد من المحافظة على المكان فهو إرث طبيعي من حق الأجيال القادمة أن تتمتع بجماله وترى إبداع الخالق فيه، وأن تغلق بين الوقت والآخر لأنه
لا يمكنها أبدا استقطاب الأعداد الهائلة من الزوار، وإلا فلن تستعيد أبدا الصخور بريقها».
رئيس بلدية عين فزة حمزة مكاوي ل«المساء»: ...لدينا مشاريع تنموية ونحتاج لخبراء لمعاينة واقع المغارة
أكد السيد حمزة مكاوي، رئيس بلدية عين فزة بولاية تلمسان، في حديثه ل«المساء»، أن المنطقة تعتبر مكان جذب سياحي بامتياز نظرا لطبيعتها الغناء ووجود مغارات بني عاد على ارتفاع 1100 متر عن سطح مدينة تلمسان. مشيرا إلى أن عدد السياح خلال أيام العطلة الصيفية يصل إلى 6400 شخص في اليوم، حسب أعداد التذاكر. كما تعرف في أيام أخرى إقبال 300 سائح عليها في اليوم الواحد أيضا، مضيفا أن هناك عائلات تعيش من موارد المغارة.
وفي سؤال ل«المساء» حول الآليات المتبعة لحماية المغارة بسبب تأثير كثرة الإقبال عليها، قال المتحدث؛ «حقيقة المكان يعرف إقبالا كبيرا، لهذا نود قدوم مختصين في الجيولوجيا لإعطائنا نظرة عن وضع المغارة والحفاظ عليها، علاوة على أهمية تغير نوعية الإضاءة لحفظ المكان».
وفيما يخص البرامج المحضرة لخدمة المكان واستقطاب الزوار، قال؛ «لدينا حديقة ‘سيكادا' التي تستقطب عددا هائلا من الزوار والعائلات، وطلبنا من مديرية الغابات غرس الأشجار لتزيين المكان، كما نسعى إلى بناء محلات لخدمة الزوار، إلى جانب بناء فندق في المنطقة سيكون بطابع جبلي، حسب طبيعة المنطقة، أي مصنوع من الحطب. اخترنا المكان وتلقينا وعدا من السيد الوالي لبنائه، ومن المشاريع المقررة أيضا بناء بيت للشباب في أسفل المدينة لخدمة الجميع، وعلى رأسهم الرياضيون الذين يحتاجون إلى هذا النوع من البيوت بكثرة، كما فكرنا في إنشاء تليفريك بهدف نقل الأشخاص».
رئيسة الجمعية الوطنية للإعلاميين المتخصصين في السياحة ل«المساء»: نسعى إلى تكوين أقلام سياحية بامتياز
أكدت السيدة ذهبية حماني، رئيسة الجمعية الوطنية للإعلاميين المتخصصين في السياحة -أقلام السياحية- أن الجمعية التي تنتمي إليها والتي تأسست سنة 2014، وحصلت على الاعتماد سنة 2015، تهدف إلى التعريف بالمخزون السياحي الهائل الذي تزخر به بلادنا مع الترويج له، يقول: «تسعى الجمعية إلى التعريف بكل ولاية سياحية بامتياز من وطننا، حيث نشير إلى الإيجابيات والنقائص الموجودة بها لتطوير السياحة وتثمين المخزون. وقد اخترنا حاضرة تلمسان في رحلتنا مع الصحافة لأننا على أبواب العطل المدرسية بهدف التعريف بالمخيم الموجود على مستوى «لالا ستي» وبأسعاره التي تعد في متناول الجميع».
فيما يخص الإستراتجية التي تتبعها الجمعية لأنها شريك مدني في تطوير السياحة، قالت السيدة ذهبية: «نحن نتماشى مع إستراتجية الدولة والمتعاملين الاقتصاديين الفاعلين ميدانيا لتطوير السياحة الداخلية، لأنه بتطورها يمكن التعريف بمختلف المناطق الرائعة التي تزخر بها بلادنا، وأرى أن الحملات التحسيسية في هذا المجال قضية الجمعيات والفيدراليات والدواوين القائمة على الشأن السياحي. ومن جهتنا كجمعية فاعلة نسعى إلى الحضور في كل الأماكن لتمثيل الجزائر».
وحول نشاط الجمعية وأهدافها، قالت محدثتنا: «الجمعية ومنذ نشأتها، تعمل على تكوين الصحافيين حتى يصبحوا محترفين في المجال السياحي بغرض الوصول إلى الاحترافية، ومنه خدمة السياحة في الوطن، إذ نبحث في أسباب النقائص والمشاكل لإيجاد الحلول الفعالة». وتواصل المتحدثة قائلة: «السياحة فنادق وخدمات، مخيمات ودور شباب، كلها تساهم في جعل الجزائر مقصدا سياحيا، ونحن نسعى مع كل الفاعلين في الميدان إلى أن تكون الجزائر مقصدا بامتياز، لأننا نملك السياحة الصحراوية، الجبيلية والحموية، فحمام بوحجر مثلا، به فندق، لكنه لا يقدم خدمات في المستوى».
وتقول السيدة ذهبية في وصف ما استطاعت الجمعية تحقيقيه من خلال خرجات نقدية قامت بها سابقا: «كان لدينا نشاط في ولاية المسيلة ببلدية المعاضيد، وقد رافق الجمعية حينها 25 صحافيا، وقمنا بإعداد ربورتاجات حول الآثار بمعية جمعية مختصة جاءت بنتيجة إيجابية. ففي ظل التوصيات التي خرجنا بها والأقلام التي كتبت حول المنطقة وجمالها وما يجب أن تكون عليه، فإن السيد والي المسيلة استدعى الجمعية المختصة في الآثار وساعدها، حتى «اليونيسكو» منحتها غلافا ماليا لحماية آثار المعاضيد. كما أنجزنا «فوروم» في اليوم الوطني للسياحة والإعلام بطرح الإشكالية التالية: لماذا هذا الإقلاع المؤجل للسياحة؟ وهي النقاط التي عالجها الخبراء والمتعاملون السياحيون، وهي الاقتراحات التي أخدناها بعين الاعتبار وسننقلها للقائمين على السياحة حتى ننهض بها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.