تحت سؤالين بارزين يتعلقان بضرورة إنقاذ حي سيدي الهواري من الضياع، كونه ذاكرة الأمة بوهران، إلى جانب ضرورة ترميم هذا الحي العتيق، تحتضن ولاية وهران ملتقى دوليا قصد تحقيق هذا الهدف وإنجاز هذه المهمة. وفي هذا الإطار يؤكد السيد خافيي كالفان أحد المهتمين بمشروع تأهيل وترميم حي سيدي الهواري بصفته نائب رئيس جمعية "مرممون بلا حدود"، أنه لا يجب الاكتفاء بإمضاء الاتفاقيات المتعلقة بترميم الأحياء القديمة والعتيقة في اطار التعاون والشراكة بين مدينة وهران والجانب الإسباني، كون الامر يفوق ساعات الامضاء على الاتفاقيات، الى ضرورة النزول الى الميدان والاطلاع على الواقع بكل موضوعية، والتأقلم الكلي مع الظروف الراهنة والتجاوب مع مختلف الفعاليات المساهمة في هذه العملية، خاصة وأن اكبر النقائص المسجلة في هذا المجال، تتعلق بقلة التنسيق الضروري لإنجاز مثل هذه الاشغال قصد انجاحها وابراز معالمها المغيبة. من جهة اخرى، أكد ذات المتحدث بصفته خبيرا في مجال الترميم وإعادة الاعتبار للآثار، أنه واجه خلال مساره المهني عدة عراقيل وصعوبات بأمريكا اللاتينية واوربا الشرقية في مجال التكفل بإعادة الاعتبار للمعالم التاريخية والآثار، ومن أهم هذه العراقيل البيروقراطية وعدم تفهم الإدارة لأهمية هذا العمل، اضافة الى غياب الارادة لتحقيق الانجازات واستكمال المشاريع الخاصة بالترميم... وفي هذا المجال بالذات، فإن بعض المسؤولين في وهران حريصون على اجراء هذه الترميمات في أقرب وقت ممكن وفي آجال محدودة معينة، وهو ما من شأنه أن يؤثر على العمل كونه يتطلب عناية تامة. وبعبارة أخرى حسب ما يؤكده هذا الخبير الاسباني، فإن القيام بأي عمل في مجال الترميم لابد أن يتم وفق دراسة تقنية ميدانية تأخذ بعين الاعتبار المحيط الاجتماعي والجانب التاريخي والثقافي للمعلم المراد ترميميه، ومن ثم فإن حي سيدي الهواري لا يمكنه بأي حال من الاحوال أن يتجاوز هذا الواقع، خاصة وأن الجوانب التقنية والمالية لا تطرح أي اشكال، زيادة على أن الهدف من العملية لا يقتصر على ترميم قصبة "لاكالير" التي تبقى هي عمق حي سيدي الهواري، بل يتعدى ذلك الى اعطاء نظرة شاملة تهدف الى استحداث فضاء متكامل واعطاء نفس جديد وحقيقي لهذا الحي العتيق من أحياء وهران الاخرى، حيث أنه لا يمكن ايجاد هذه الروح خارج أسوار حي سيدي الهواري، الذي له ميزته الخاصة عن الاحياء العصرية المشيدة حديثا. منجهة أخرى، فإن أكبر عائق يحول دون تحقيق هذه الترميمات في وقتها المطلوب، انعدام الدقة في برامج استغلال الارضيات، وهو ما يعتبر أهم وسائل العمل لدى كل معماري ومهندس في مجال الترميم لإنجاز خطة العمل الاساسية والحيوية. وموازة مع التحضير لهذا الملتقى الدولي حول ترميم حي سيدي الهواري، الذي من المفترض تنظيمه على مدى ثلاثة أيام بداية من يوم الاحد 19 أكتوبر، فإن العديد من طلبة الجامعة المهتمين بعلم الآثار يخضعون لعملية تكوين في هذا المجال ليصبحوا مكونين في المستقبل... ولعل هذا هو أهم مكسب يتم تحقيقه من خلال هذا الملتقى، الذي بدأ يأتي بثماره من خلال نقل كيفيات انجاز الترميم على الآثار القديمة واستعادة استقرارها بطريقة يشرف عليها مهندسون من برشلونة (اسبانيا) بالتعاون مع الديوان الوطني لتسيير الاملاك الثقافية المحمية ومعهد سرفانتيس الإسباني الكائن مقره بوهران. أما عن التمويل فتتكفل به الوكالة الإسبانية للشراكة الدولية من أجل التنمية، التي تهدف من خلال هذا الملتقى، الى اعادة الاعتبار للتراث التاريخي بوهران، الذي يوجد في حالة يرثى لها، نتيجة اللامبالاة والإهمال ليصبح موضوع الملتقي "هل تريدون إنقاذ سيدي الهواري؟"، غنيا عن كل تعليق!