تعززت السينما الجزائرية مؤخرا بإنتاج جديد من إمضاء »جمعية صحة سيدي الهواري« التي انتهت من وضع اللمسات الأخيرة لفيلمها الوثائقي »سيدي الهواري - المدينة القديمة« ومن المنتظر أن يعرض هذا الأخير بمختلف قاعات السينما بوهران على رأسها السينماتيك التي ستفتح أبوابها أمام الجمهورالوهراني للإستماع بهذا العرض الأولى الذي يجسّد واقع الحضارة العريقة للباهية والموروث الثقافي والتاريخي لهذه المنطقة التي عرفت عصورا مختلفة شهدت حضارات متفاوتة لا سيما بحي سيدي الهواري الذي طالما إعتبره الباحثون بمثابة ملتقى للحضارات العربية والإسلامية وكذا الإسبانية والعثمانية وحتى الفرنسية مما يجعله من أعرق الأحياء التاريخية بوهران والجزائر بصفة عامة. وتجدر الإشارة أن هذا الفيلم الوثائقي يدخل في إطار مشروع »شباب لترقية التراث من خلال التكنولوجيات الحديثة للسمعي البصري والموسيقي« الذي يساهم في تمويله الإتحاد الأوروبي وجمعية صحّة سيدي الهواري والهدف منه هو حماية التراث بأنواعه وتسخير جميع الإمكانيات والشروط للحفاظ عليه من الإندثار والإهتراء من خلال تعزيز المعالم الأثرية بحملات خاصة للصيانة والترميم وكذا التهيئة الشاملة لهذا الحي العتيق الذي يعد مرجعا بيداغوجيا لتاريخ وهران العريق. أما عن فكرة هذا المولود السينمائي الجديد فقد تبلورت أساسا حول عرض الوضعية الحالية لهذاالمعلم بتسليط الضوء على »ضريح الولي الصالح سيدي الهواري «الذي يستقبل عددا كبيرا من العائلات الوهرانية والأخرى القاطنة بالولايات المجاورة، إضافة الى محاولة إعادة الذاكرة لهذا المنطقة الأثرية بإدراج شهادات حية للسكان القدامي الذين عرفوا وقائع تاريخية حفرت في عقولهم لغاية اليوم ولم يستطيعوا نسيانها رغم مرور الأزمنة والعصور كما يعرض هذا الفيلم في نفس الوقت بعض اليوميات الخاصة بهؤلاء القدامى وكيف يعيشون حياتهم في هذا الحي العتيق؟ ناقلين آمالهم بضرورة حماية هذه الآثار والحفاظ عليها من الزوال. ولأن سيدي الهواري منطقة أثرية عريقة فقد كان الإهتمام بها لا يقتصر على السينمائيين فقط بل حتى على السلطات المحلية من خلال برمجة عمليات ترميم وتهيئة شاملة أبرزها مشروع أرشيماد الخاص بسيدي الهواري الذي يرمي لترميم مختلف الشوارع والأزقة الضيقة مثل »ساحة كليبر« التي يتوسط حي سيدي الهواري وكذا العمارات ال 30 التي تم برمجتها من طرف ديوان الترقية والتسيير العقاري. وتبقى جميع هذه المبادرات تهدف لإعادة الوجه الحقيقي لهذا الحي العتيق على غرار مختلف الأحياء الأخرى بوهران والجزائر لتحافظ هذه الأخيرة على رونقها المعمارية وأصالتها النفيسة في ظل التطور العمراني الحديث وارتفاع الكثافة السكانية الهائلة.