شيّع أمس بمقبرة العالية جثمان الفنان الراحل تيسير عقلة بحضور الأسرة الفنية وبعض المسؤولين، يتقدمهم وزير الثقافة السيد ميهوبي. وكان الجثمان قد نقل صباحا للقاعة الشرفية بقصر الثقافة لإلقاء النظرة الأخيرة عليه وقراءة الفاتحة على روحه من طرف الجمهور ورفقاء الراحل ومحبيه، وفي هذه الأثناء، قدمت أسرة عقلة عبر جريدة «المساء» تشكراتها وجزيل عرفانها للرئاسة التي حققت وصية الفنان تيسير عقلة في أن يدفن على أرض الجزائر التي كانت دوما في قلبه حيثما رحل. في أجواء مهيبة، استقبل الجثمان حيث وجد الكثير من الفنانين والمواطنين في استقباله بالقاعة الشرفية بقصر الثقافة، ودخل مع الجثمان وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي وسامي بن شيخ مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. قرأ الأستاذ عبد القادر بن دعماش الكلمة التأبينية ذكر فيها خصال الرجل ومكانته وأطال في الدعاء له، كما أدلى وزير الثقافة قبلها بتصريح أثنى فيه على هذا الرجل الذي أحب الجزائر وأحبته. تأثر الحضور لحال الفنانة سماح عقلة التي كانت منهارة لا تكف عن البكاء ولا تقدر على الوقوف، وهي التي كانت الأكثر ارتباطا بوالدها الراحل ولم تتحمل صدمة الفراق وكانت كلما سمعت كلاما عنه من أصدقائه تتأثر مجددا لكنها في الأخير قاومت وقبلت العزاء. اعتبر الحضور أن الراحل مدرسة فنية رائدة استطاعت أن تعطي للأغنية الجزائرية بعد الاستقلال دفعا ملحوظا. وقف أمام الجثمان الجميع لإلقاء النظرة الأخيرة عليه وقراءة فاتحة الكتاب والدعاء له بالرحمة والغفران. للإشارة، فإن العديد من الفنانين ورفقاء الراحل لم يتأخروا في الحضور لا لشيء سوى لتوديع هذه القامة الفنية الراقية التي لم تنقطع أواصر التواصل معها رغم إقامتها لسنوات طويلة ببلجيكا. للإشارة، فقد وصل جثمان الراحل عقلة صباح أمس إلى مطار هواري بومدين قادما من بروكسل وكان في استقباله وفد رسمي متكون من عدة شخصيات ومسؤولين. قالوا في الفقيد الفنانة سماح عقلة ابنة الراحل كانت الفنانة سماح في حالة صعبة لكنها قالت إن أعلى السلطات في البلاد وأولها رئيس الجمهورية وقف معها في هذه المحنة وحققت للراحل أمنيته التي كانت دوما حرقة في قلبه وهي أن يدفن فى أرض الجزائر الحبيبة. وأضافت «أشكر هؤلاء الذين وقفي معي وقفة رجال ومكنوا والدي من أن يدخل البلاد كالملك، كما أشكر أسرته الفنية وكل الجزائريين». أرملة الراحل (أم سماح) أشارت أن الراحل عقلة كان الزوج والفنان معا، وكان رجلا طيبا حلم بأن يموت على أرض الجزائر، علما أنه كان يعشق البلد بشكل جنوني ولهذا تقول «إنها اختارته» ومن ذكرياتها معه أنها كانت تجلس معه في البيت وتقوم بتصحيح بعض النوتات الموسيقية معه إذ كانت تحسن قراءة لغة الموسيقى رغم أنها كانت إطارا بالخطوط الجوية الجزائرية. الفنان الغازي أكد الفنان المعروف الغازي أنه عمل كثيرا مع الراحل عقلة فكانت له معه جولات وحفلات وتسجيلات بالأستوديو وكذا مع المجموعة الصوتية. ويضيف «كان الراحل ملما بكل الطبوع الغنائية الجزائرية يحفظها بسرعة ويندمج معها لدرجة أنه تعاطى الأندلسي والشعبي والقبائلي، كما أدى معي رائعة يا راضية» بوهران والتي أهديتها بعد ذلك للراحل سامي الجزائري. فاروق عقلة (نجل الراحل) هو ابن الراحل تيسير وأمه الفنانة الجزائرية الكبيرة السيدة مهدية التي تقيم بالقاهرة. وفاروق يقيم حاليا بالجزائر وهو ملحن ورئيس فرقة وله العديد من المشاريع الفنية العربية وتعامل مع ألمع النجوم، ويذكر الألحان الوطنية التي كان يقدمها والده للسيدة والدته وكانت تعجبه وهو طفل يطرب لها ويحب الجزائر بها، وهو اليوم يتمنى أن يكمل مسيرة والده. المنشط مراد زيروني يشير المنشط المعروف مراد زيروني أنه صديق أبناء الراحل وأنه سمع الكثير عن تيسير عقلة خاصة من زوجته الراحلة السيدة نادية التي عمل معها لسنوات بالإذاعة الوطنية كمنشطة إلى أن جاءت الفرصة وقابله ببروكسل سنة 2010 خلال حفل جزائري، وتشرف بذلك، كما لاحظ تلهف بعض أعضاء الباليه الوطني للقائه تماما كما فعل هو، ثم انسحبوا ليتحدثوا عن ذكرياته بالجزائر، وأكد مراد أن السيدة ثريا قالت له إنها أول من استقبلت الراحل وزوجها منصف على أرض الجزائر سنة 63 حينها كانت السيدة نادية زوجته معه. الموسيقي رزيق دريفول (نور الدين) عمل هذا الموسيقيي 39 سنة في جوق الإذاعة الوطنية ومع ألمع الملحنين كشريف قرطبي وبوجمعة مرزاق وطبعا الراحل عقلة، حيث شاركه حفلاته بالجزائر وأوروبا وبمصر وطبعا شاركه كما أكد ل»المساء» أمس رائعته «ثورة الأحرار» مع الراحلة صليحة، هذه الأغنية التي لا تزال مدوية لحنها في يوم وليلة ولم تتجاوز تمارينها ال11 يوما. فوزي عرباوي صهر تيسير عقلة يتحدث زوج الفنانة سماح عقلة عن صهره كلاما طيبا وهو نتيجة معاملة الراحل له المبنية على الود والاحترام ويقول إن الراحل كان مجاملا طيب الكلام لكنه حين ينزعج يهجر في هدوء وهذا كان موقفه عندما غادر الجزائر وهاجر إلى بروكسل، ومما لا يعرفه الناس أنه كان مغنيا أيضا ونتيجة حبه للجزائر غنى باللهجة واللحن الجزائري أغنية «رسالة إلى أمي» أهداها لوالدته بدمشق. الفنان حميد بارودي قال الفنان حميد بارودي أنه التزم بالحضور كي يحيي هذه القامة الفنية التي لم يعرفها ولم يتعامل معها لكنه يدين لها بالعرفان لأنها خدمت الفن الجزائري ومن ثم فإن تحية روحه واجب من كل الفنانين ومعرفة ما قدمه من أعمال إضافة لكل الفنانين. الأستاذ عبد القادر بن دعماش أكد السيد بن دعماش أن الراحل كان عبقريا، كانت له إمكانيات مهولة وكان ملما بعلم الموسيقى وأعطى الكثير للجزائر وما يعكس ذلك هو أن الجزائريين لم ينسوه وأتوا لتوديعه.. لقد احتفل بالجزائر وباستقلالها وتطوع بحفلات أقيمت للإستقلال عبر ربوع الوطن منها مراكز أبناء الشهداء، وكان الجميع يحترمه ويقدره.