اجتاحت المرأة الجزائرية بخطى ثابتة عدة ميادين وتخطت كل الصعاب بفضل إرادتها وعزمها خاصة في المجال الرياضي الذي أصبح يحمل في طياته الكثير من الأسماء اللامعة في الرياضة. ومن بين هذه الأسماء الحكم الدولي الآنسة «نجاة زناقي» ابنة مدينة عين تموشنت، التي تُعتبر أول امرأة ممارسة لمهنة التحكيم في كرة السلة، فشرّفت عين تموشنت والجزائر في المحافل الدولية، وكانت مثال المرأة الطموحة. ارتأت جريدة «المساء» إجراء هذا الحوار، إذ تحدثت معنا نجاة بعد استقبالنا في منزلها، عن مشوارها الرياضي وعن بدايتها كلاعبة، ثم كحكم إلى غاية حصولها على الشارة الدولية. ❊ هل لك أن تعرّفي بنفسك لجمهور كرة السلة؟ ❊❊ أنا الآنسة زناقي نجاة من مواليد ولاية عين تموشنت، متحصلة على شهادة ليسانس في اللغة الإنجليزية بجامعة وهران. ❊ ما هو مشوارك مع الكرة البرتقالية؟ ❊❊ بدأت وأنا كلاعبة ضمن صنف الصغريات في صفوف فريق شبيبة عين تموشنت لكرة السلة، وهو الفريق الذي تدرجت معه عدة سنوات إلى حين بلوغي صنف الكبريات. ومع تنقلي إلى ولاية وهران بعد نيلي شهادة البكالوريا لم أشأ ترك الرياضة لحبي لها، لأتقمص بعد ذلك ألوان النادي الجامعي المعروف بوهران للكبريات، ثم مع فريق الاتحاد الرياضي لجامعة وهران، ثم لعبت لصالح فريق النادي الجامعي 19 ماي بوهران، وهي الفرق التي تشرّفت بكوني لعبت لها ودافعت عن ألوانها في مختلف المنافسات الرسمية التي استفدت منها كثيرا، حيث تمكنت من الاحتكاك مع مختلف لاعبات الوطن، الأمر الذي شجعني كثيرا على مواصلة مشواري الرياضي. ❊ كيف اقتحمت عالم التحكيم؟ ❊❊ دخلت عالم التحكيم عندما كنت لاعبة مع صنف الكبريات بالجامعة، خاصة أنه كانت لي علاقة طيبة بالحكام الذين كانوا يديرون اللقاءات والذين أكنّ لهم الاحترام والتقدير، حيث كنت أثناء اللعب أراقب طريقة التحكيم وأطلع على القوانين التي تحكم لعبة الكرة البرتقالية التي أعشقها، فوجدت نفسي في التحكيم بعدما أُسندت لي إدارة لقاءات البطولة الولائية تحت إشراف رابطة وهران الولائية لكرة السلة سنة 1999، وهي اللقاءات التي جعلتني أجد نفسي فوق أرضية الميدان، أحكم مباريات في كرة السلة للنساء والرجال وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة، لأقرر اقتحام سلك التحكيم في هذه الرياضة، وأكون أول امرأة حكم في الجزائر. ❊ كيف كان تقبّل عائلتك قرار خوضك غمار التحكيم؟ ❊❊ استقبلوا القرار بصدر رحب، كما لا يخفى عليكم أني من عائلة رياضية؛ فوالدي بطل جزائري سابق في الرياضة النبيلة «الملاكمة» المعروف بلعروسي بوحوص، وفضلا عن كونه والدي فهو مدربي وصديقي، إضافة إلى ذلك فشقيقاي محمد وبومدين لاعبان في كرة القدم، وأختي أمينة لاعبة كرة يد، لذلك لم أجد أي رفض من عائلتي، بل لقيت كل الدعم والمساندة من طرفهم، فوالدي، كما أشرت سابقا، يشرف شخصيا على إجراء حصص تقنية لي. أما السيد مليوي مصطفى فيشرف على تدريبي في ألعاب القوى، الجري وحصص الإحماء، فيما يتولى السيد بلعربي عمر المختص في كرة السلة، تدريبي من ناحية القوة العضلية. ❊ ما هي أهم اللقاءات التي أدرتها؟ ❊❊ بعد العمل مع رابطة ولاية وهران الولائية التحقت بالرابطة الجهوية برئاسة غزالي، الذي شجعني كثيرا؛ كوني الحكم النسوية الوحيدة في كرة السلة بالجزائر، فقمت بتحكيم نهائيات المهرجان الوطني لكرة السلة المصغرة بتيبازة الخاص بالفئات الصغرى، وهو اللقاء الذي وجدت فيه كثيرا من الدّعم بعدما آمن بقدراتي في التحكيم، ومن ذلك اليوم وأنا أتطلع لأبلغ الدرجة الدولية في التحكيم بعدما مارست التحكيم الولائي لأربع سنوات مع رابطة وهران الولائية، ثم رابطة عين تموشنت قبل أن أنتقل إلى رابطة وهران الجهوية التي عملت قبلها مع رابطة عين تموشنت 12 سنة، كانت كافية لأتعلم وأتكوّن فيها من باقي الحكام الأساسيين. ❊ هل من عراقيل واجهتك خلال مشوارك؟ ❊❊ حقيقة لم أجد أي صعوبات تجعلني أفكر في ترك التحكيم، ولكن لاأزال أتذكر لقاء صعود جمع بين فريق بريد وهران ومولودية سعيدة بقاعة قصر الرياضة بوهران، ضمن اللقاءات الجهوية وبطولة القسم الوطني ب كنت حكما ثانيا بعد حصولي على شارة حكم جهوي عام 2007، حيث نشب خلاف بين اللاعبين تحوّل إلى شجار ومناوشات فوق أرضية الميدان. ❊ كونك امرأة ألم تخافي يوما من قرار اتخذته؟ ❊❊ لا، فأنا أؤدي واجبي كما تمليه عليّ قوانين كرة السلة وضميري الرياضي، ولم أتردد يوما عند اتخاذي قرار طرد لاعب أو لاعبة أو حتى معاقبة مدرب، وهنا تعود بي الذاكرة إلى لقاء أهانني فيه لاعب كوني «فتاة»، فعاقبته وأُقصي بعد مروره على لجنة الانضباط، إلا أنه استسمحني في الأخير وقال إنه لا يجب التقليل من شأني كوني امرأة دخلت مجال التحكيم الذي يُعد في نظر الكثيرين، حكرا فقط على الرجال. ❊ حدثينا عن حصولك على شهادة حكم دولي؟ ❊❊ حصلت على شهادة حكم دولي في كرة السلة سنة 2010 عقب اجتيازي التربص الذي كان خاصا بالصنف النسوي بتونس، وهنا أستغل الفرصة لأشكر الاتحادية الجزائرية لكرة السلة التي قدمت لي كامل الدّعم. ❊ ما هي طموحاتك المستقبلية؟ ❊❊ أتطلع لأن أساهم في تكوين فتيات حكام، وأؤطّر فتيات وأشجعهن على ولوج عالم التحكيم من بابه الواسع، وعليه أتمنى أن أصبح مكوّنة حكام نساء، فأستغل منبر جريد «المساء» لأناشد الاتحادية الجزائرية لكرة السلة مساعدتي لتجسيد هذا الحلم وهذا المشروع إن صح تسميته كذلك، والذي حتما سيعود بالفائدة على مستقبل كرة السلة الجزائرية. كما أطمح لأحصل على الشارة العالمية، وأتمكن من إدارة وتسيير لقاءات دولية في القمة لأشرّف بلدي الجزائر. وأتمنى الحصول على عمل؛ فرغم أني متحصلة على ليسانس في الإنجليزية غير أن كل الأبواب التي طرقتها لم تسمح لي بالظفر بمنصب عمل دائم. ❊ كلمة أخيرة ❊❊ أشكر كل من ساعدني ولايزال يساعدني طيلة مشواري الرياضي خاصة أسرتي الكريمة. كما أشكر جريدة «المساء» ومديرية الشبيبة والرياضة بولاية عين تموشنت وجدّيدي عبد الرحمن مكوّن الحكام. وأوجّه نداء إلى كافة اللاعبات لصقل موهبتهنّ وبذل مجهود لبلوغ مراتب أخرى والمساهمة في غرس حبّ كرة السلة لتوسيع رقعة ممارستها في الوسط النسوي، هذا إذا علمنا أن الجزائر لديها 7 حكّام دوليين ذكور في كرة السلة، لأكون الحكم رقم 8 معهم.