أكد وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، أن فرحات عباس الذي يعد أحد رموز الحركة الوطنية "الذين نذروا حياتهم للوطن ولقضية شعبهم، قدم صفحات مشرقة من العطاء وقيم الالتزام والوطنية وكذا المواقف الخالدة"، مبرزا مناقب هذه الشخصية التاريخية التي كانت تتمتع بالثقافة العالية والوعي الوطني المتوقد. وذكر الوزير في رسالته إلى الملتقى الوطني الثاني حول فرحات عباس الذي احتضنته دار الثقافة "عمر أوصديق" بجيجل تحت شعار "الرئيس فرحات عباس المناضل المفكر والإنسان" بأن "فرحات عباس الذي كانت تراهن السلطات الاستعمارية على أمثاله الذين يملكون رصيدا ثقافيا لخدمة مصالحها، قاد أول حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية انتزعت اعتراف العديد من الدول والحكومات بها"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد كلام أبلغ مما قاله رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في الراحل فرحات عباس "وهو الكلام الذي نوه فيه بشجاعته ومناقبه السامية ودوره الأساسي في صياغة بيان الشعب الجزائري في 1943، "علاوة على الإرث الجليل من مؤلفات وبحوث أثرى بها المكتبة الوطنية لا غنى عنها للباحثين والطلبة"، حسبما أردف الوزير في الرسالة. من جهته، أكد أستاذ التاريخ بجامعة جيجل، عز الدين بومعزة، أن المناضل الرمز فرحات عباس كان حاملا لمشروع يستهدف بالدرجة الأولى التحرر الثقافي للجزائريين، ثم التحرر الاجتماعي والاقتصادي والتحرر السياسي. وأشار الباحث بومعزة في مداخلته إلى أن "فرحات عباس كان براغماتيا بامتياز يستند في أفكاره على دراسة الواقع وظروفه ومتطلباته، مما جعل أفكاره استشرافية"، مضيفا بأنه من خلال الأبحاث الأكاديمية التي تم القيام بها هذه الشخصية التاريخية، يتبين بأن فرحات عباس كان لديه منهجا يأتي على مراحل لتحقيق الاستقلال "بدءا من ضمان التحرر الثقافي من خلال تخليص الجزائريين من الجهل والأمية مرورا بالتحرر الاجتماعي والاقتصادي وصولا في الأخير للتحرر السياسي، وذلك إيمانا منه بأن الإنسان المثقف لا يستعبد". وأوضح المحاضر أن "أول رئيس للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية الذي هو أحد أهم القامات الجزائرية التي حاربت المستعمر، كان متأثرا بالدين الإسلامي بحكم نشوئه ضمن بيئة محافظة شكلت إحدى مؤثراته الأولى، مشيرا إلى أنه "بحكم اطلاعه على الثقافة الأوروبية عموما والفرنسية خصوصا، لاسيما من خلال كتابات "فيغتور هيغو" و«جان جاك روسو" التي تدعو إلى تغيير الذهنيات عن طريق الثقافة والتعليم، حاول فرحات عباس نقل هذه الأفكار إلى بلده وشعبه لكن مع التشبث بالثقافة الجزائرية والدين الإسلامي. كما ذكر الأستاذ بومعزة بأقوال فرحات عباس الذي كان حاملا لمشروع مجتمع ودولة تقف ندا للند لفرنسا والتي من ضمنها أنه "لا يمكن للإنسان أن ينسى البيئة التي ترعرع فيها وأن من يفعل عكس ذلك سيكون إنسانا ضائعا". وتم خلال أشغال الملتقى الذي انتظم بمناسبة الذكرى ال31 لوفاة فرحات عباس، بحضور السلطات المدنية والعسكرية بالولاية وأعضاء من الأسرة الثورية ومنتخبين محليين، علاوة على ممثل عن المنظمة الوطنية للمجاهدين، تقديم مداخلات وشهادات حول شخصية الراحل فرحات عباس، عرضها كل من المؤرخ والباحث والمستشار برئاسة الجمهورية الأستاذ الصادق بخوش والدكتور لحسن بشاني علاوة على شهادة عضو أول حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية الدكتور لمين خان. وتخللت هذا الملتقى الوطني الثاني قراءات شعرية وعرض فني ديني لفرقة "السلسبيل" لزاوية "الراسفلي" بسطيف، فضلا عن معرض متنوع للمسار النضالي للرئيس فرحات عباس. كما تم بالمناسبة إجراء لقاء كروي بين قدماء لاعبي اتحاد سطيف الذي كان فرحات عباس أحد مؤسسيه وقدماء لاعبي فريق ولاية جيجل.