كان المناضل الرمز فرحات عباس حاملا لمشروع يستهدف بالدرجة الأولى التحرر الثقافي للجزائريين حسبما أعرب عنه يوم السبت بجيجل السيد عز الدين بومعزة أستاذ بجامعة جيجل. و في مداخلته خلال أشغال الملتقى الوطني الثاني حول فرحات عباس تحت شعار "الرئيس فرحات عباس المناضل المفكر و الإنسان" الذي احتضنته دار الثقافة عمر أوصديق بمناسبة الذكرى ال31 لوفاة هذه الشخصية الوطنية التاريخية أوضح ذات المتدخل بأن فرحات عباس كان براغماتيا بامتياز يستند في أفكاره على دراسة الواقع و ظروفه و متطلباته مما جعل أفكاره استشرافية. و أضاف ذات المتدخل بأن من خلال الأبحاث الأكاديمية التي قام بها وجد بأن فرحات عباس كان لديه منهجا يأتي على مراحل لتحقيق الاستقلال بدءا من ضمان التحرر الثقافي من خلال تخليص الجزائريين من الجهل و الأمية مرورا بالتحرر الاجتماعي و الاقتصادي وصولا في الأخير للتحرر السياسي و ذلك إيمانا من فرحات عباس بأن "الإنسان المثقف لا يستعبد". و استنادا لذات المحاضر الذي ألقى مداخلته بحضور السلطات المدنية و العسكرية بالولاية و أعضاء من الأسرة الثورية و منتخبين محليين علاوة على ممثل عن المنظمة الوطنية للمجاهدين فإن أول رئيس للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية الذي هو أحد أهم القامات الجزائرية التي حاربت المستعمر كان متأثرا بالدين الإسلامي بحكم نشوئه ضمن بيئة محافظة شكلت إحدى مؤثراته الأولى. لكن بحكم اطلاعه على الثقافة الأوروبية عموما و الفرنسية خصوصا لاسيما كتابات فيغتور هيغو و جان جاك روسو التي يدعوان من خلالها إلى تغيير الذهنيات عن طريق الثقافة و التعليم فإنه حاول نقل هذه الأفكار إلى بلده و شعبه لكن مع التشبث بالثقافة الجزائرية و الدين الإسلامي. و قد استشهد ذات المحاضر بأقوال فرحات الذي كان حاملا لمشروع مجتمع و دولة تقف ندا للند لفرنسا و التي من ضمنها أنه "لا يمكن للإنسان أن ينسى البيئة التي ترعرع فيها و أن من يفعل عكس ذلك سيكون إنسانا ضائعا". و خلال أشغال هذا الملتقى تمت قراءة رسالة وزير المجاهدين السيد الطيب زيتوني من طرف المدير المحلي للقطاع السيد نور الدين شنة و هي الرسالة التي سلط من خلالها الوزير الضوء على مناقب الراحل الذي قدم صفحات مشرقة من العطاء و قيم الالتزام و الوطنية و كذا المواقف الخالدة. و أضاف الوزير في ذات الرسالة بأن فرحات عباس هو أحد رموز الحركة الوطنية الذين نذروا حياتهم للوطن و لقضية شعبه واصفا إياه بأنه يتمتع ب"الثقافة العالية و الوعي الوطني المتوقد". و أوضح بأن فرحات عباس الذي كانت تراهن السلطات الاستعمارية على أمثاله الذين يملكون رصيدا ثقافيا لخدمة مصالحها قاد أول حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية انتزعت اعتراف عديد الدول و الحكومات بها. و أضاف "لا يوجد كلام أبلغ مما قاله رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في الراحل فرحات عباس" و هو الكلام الذي نوه فيه الرئيس بشجاعته و مناقبه السامية و دوره الأساسي في صياغة بيان الشعب الجزائري في 1943 علاوة على الإرث الجليل من مؤلفات و بحوث أثرى بها المكتبة الوطنية لا غنى عنها للباحثين و الطلبة حسب ما أردفه الوزير في الرسالة. كما تم تقديم عدة مداخلات قدمها كل من المؤرخ و الباحث و المستشار برئاسة الجمهورية الأستاذ الصادق بخوش و الأستاذ الدكتور لحسن بشاني علاوة على شهادة عضو أول حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية الدكتور لمين خان. و تخللت هذا الملتقى الوطني الثاني قراءات شعرية و عرض فني ديني لفرقة "السلسبيل" لزاوية الراسفلي (سطيف) علاوة على معرض متنوع للمسار النضالي للرئيس فرحات عباس. و سيتم في إطار ذات الملتقى إجراء لقاء كروي بين قدماء لاعبي اتحاد سطيف الذي كان فرحات عباس أحد مؤسسيه و لاعبي قدماء فريق ولاية جيجل.